أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة فضيلة الشيخ الدكتور أسامه بن عبدالله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس // غاية المنى لأولي النهى دخول الجنة دار النعيم المقيم والنظر فيها الى وجه الرب الكريم ثوابا من عند الله اعده لمن آمن وعمل صالحا يرجو به إلى الله زلفا وحسن مآب ألا وإن من أعظم الأعمال عند الله أجرا وأرفعها مقام الحج المبرور الذي اوضح نبي الهدى صلوات الله وسلامه عليه جزاءه بقوله ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة ). وأضاف فضيلته أن الحج المبرور الذي لايخالطه شئ من الإثم ولا يكون كذلك إلا باخلاص الحاج ومتابعته رسول الله صلى الله عليه وسلم في أداؤه وذلك يقتضي منه أن يعلق قلبه بربه مستيقنا أن الأمور كلها بيده سبحانه وانه المعطي المانع النافع الضار المحيي المميت وان غير الله لايملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولايملك غوثا ولا حياة ولا نشورا يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى فنقبل عليه ونصرف كل أنواع العبادة إليه وأن التوجه الى غيره شرك محبط للعمل مستحضرا قوله سبحانه(وقدمنا الى ماعملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا). وشدد فضيلته على أهمية متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهديه والاستنان بسنته وتقديم قوله على قول كل أحد من الناس مهما عظم شأنه امتثالا لأمر الله القائل سبحانه (وماأتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا)وفي هذه المتابعة يطمئن الحاج لما هو الصواب في أعمال الحج فإن النبي صلى الله عليه وسلم بين للناس في حجة الوداع المناسك بيانا واضحا قائلا ( لتأخذوا عني مناسككم). وحذر فضيلته الحاج من الوقوع في كل ما يجرح الحج أو ينقص أجره لاسيما حين يعلم ماجاء في سنته عليه الصلاة والسلام بكريم الاجر لمن صان حجه عن كل مايكدر صفوه ومن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) والرفث هو غشيان اللسان ودواعيه وتكرار النظر على وجه الاستمتاع وأما الفسوق فيبدأ بأعمال الفسق وما يخرج من الظلال كالكذب والغيبة والنميمة والسباب وارتكاب المفضي إلى الخصومة فإذا استشعر الحاج في كل خطوة يخطوها وفي كل منسك أنه في هذا المكان الشريف والبقاع المطهرة التي اجتمع فيها شرف المكان وشرف الزمان وشرف الشعائر استيقن انه لامكان فيه لرفث ولا لفسوق ولا لجدال فيقضي أيام حجه في طاعة ربه تلاوة وذكرا وصلاة وطوافا بالبيت وانفاقا في وجوه البر واحسانا في كل دروب الاحسان فإن النفقة في الحج مما يخلف على صاحبه على ان تكون من كسب حلال طيب فإن الله طيب لايقبل الا طيبا. وبين فضيلته أن الحاج يرجع إلى بلده وقد صارت حاله أحسن مما كانت عليه وهو علامة عند كثير من العلماء على الحج المبرور فاتقوا الله عباد الله واحرصوا على أن يكون حجكم مبرورا فإنه مدار العمل وروحه وفي متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهديه وتقديم قوله على قول كل أحد غيره واطابة الكسب والنفقه والحذر من الرياء والسمعة والخيلاء واجتناب الرفث والفسوق والجدال وكل ماينافي مقصود الحج أو ينقص أجره أو يصرفه عن حقيقته أو يغير صفته التي شرعها الله وبينها رسوله حتى لا تذهب مشقات السفر ونفقاته وعذاب مفارقة الأهل والأولاد والأوطان سدى من شوبها بما يفسد الأعمال أو ينقص أجرها. وأوضح الشيخ أسامه خياط أن مشاق السفر الذي وصف واقعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه) أي مايبلغه من طعام وشراب ونوم وكذا مشقة المفارقة وأن مشقة مفارقة الأهل والأولاد والأوطان وغير ذلك من ألوان المشاق التي ينزلها ويسهلها ما يجده حاج بيت الله الحرام في قلبه من شدة حب الله وقوة الإيمان به وإيثار هذه المحبة على أشواق النفس ورغباتها فإذا ماحجز الحاج نفسه عن اللغو والرفث والفسوق والجدال وألزمها حسن الأدب واخذها بالإحسان في كل أموره وكان مطعمه ومشربه وملبسه ونفقته حلالا وادى مناسكه وفق ماشرع الله مخلصا له متابعا لرسوله صلى الله عليه وسلم استحق هذا الثواب العظيم الذي بينه رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه بقوله(من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) وإنه لثواب ماأكرمه وما أعظمه وما أسعد من حظي به ففاز عند الله فوزا عظيما، موصيا حجاج بيت الله الحرام بتقوى الله والعمل على الفوز بهذا الموعود. وفي المدينةالمنورة أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة امس أن من الآفات الكبرى والأدواء العظمى التي دبت الى مجتمعات المسلمين انتشار عادة قيل وقال دون الاستناد الى برهان قاطع ولا اعتضاد على دليل ساطع فذلك باب فتنة وباب محنة على الإسلام والمسلمين لأن تناقل أحاديث لا زمام لها توغر الصدور وتغير العقول وتفسد الأخوة بين المسلمين تجر من الويلات ما لا يحصى ومن الشرور ما لا يستقصى. وقال إنه لا يليق بمجتمع إلاسلام تداول أقاويل تشاع وأحاديث تذاع سندها الظن والتخمين والرجم بالغيب من غير تثبيت ولا تبيين فذلك مما يحمل المفاسد العظمى ويتضمن الآثام الكبرى لذا جاء النهي الصريح من سيد الثقلين عليه الصلاة والسلام عن تلك المباديء القبيحة والمسالك المعوجة ، ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال “ إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال “. وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي أن حرمة الأعراض عظيمة في الإسلام لذا فإن من أعظم الظلم التجني على أحد من المسلمين أو التعرض له وفق عواطف عمياء وتبعية بلهاء ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “ الربا اثنان وسبعون بابا ادناها مثل إتيان الرجل أمه وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه “ ، مشيرا فضيلته إلى أن الواجب لمن يخاف مقام ربه ويخشى المثول بين يديه البعد عن الخوض مع الخائضين بقيل وقال وأن لا يشغل نفسه بما يخدش دينه ويعرضه لغضب ربه ، ففي الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال “ من قال في مؤمن ما ليس فيه اسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال “ وردغة الخبال عصارة أهل النار. وأفاد الشيخ آل الشيخ أن من الإثم المبين التسارع في نشر أخبار لا يعضدها دليل وإشاعة أحاديث لا يسندها برهان ، فالله سبحانه وتعالى يقول / ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين / ، ولهذا نص أهل العلم على أن من علامات الحمق ترك التثبت وتربص الأخبار الواهية والظنون الباطلة وتصيد الأحاديث الكاذبة وسوء الظنون بالمسلمين وحملهم على محامل السوء والشكوك. وبين إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبته أن سبيل أهل الإيمان والتقوى ومنهج ذوي الصلاح وطاعة المولى إلتزام الأصول الإسلامية كما حثهم عليها خالقهم لا يخوضون مع الخائضين بل موقفهم التحلي بقول ربهم جل وعلا / ولولا اذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا أفك مبين / ، ومن هنا فهم في حذر من الولوج بنشر الإشاعات العارية عن الصحة وفي بعد عن بث الأخبار الخالية عن الحقيقة لأنهم يسمعون قول ربهم جل وعلا / إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والآخرة / ، قال اهل العلم وهذا فيمن احب اشاعتها واذاعتها فكيف من تولى كبر ذلك. وناشد الشيخ آل الشيخ المسلمين بالبعد عن اللغو بأنواعه والفحش بشتى صوره ومن ذلك التسارع في شتم اعراض المسلمين والقدح في اديانهم وامانتهم بغير حق ولا برهان فالله جل وعلا يقول في حق المفلحين / والذين هم عن اللغو معرضون / ، مشددا فضيلته على أن إصدار الأحكام على أحد من المسلمين بدون بيان وأسباب شرعية ولا حجج قطعية ولا براهين صحيحة ولا أدلة واضحة أمر قبيح في الإسلام يسبب الشر الخطير ويحدث البلاء الكبير ومن حاد عن تلك الأصول العلمية والقواعد الشرعية العالية فقد وقع في اللجج الباطل والحمق الممجوج وصار همازا لمازا متحاملا على المسلمين منحرفا عن الجادة تاركا للإنصاف. وخاطب إمام وخطيب المسجد النبوي المنتقد بقوله / إن اعراض المسلمين حفرة من حفر النار فإياك أن تقف على شفيرها واعلم أنك إن جرحت مسلما من غير تثبت او تحرز اقدمت على الطعن في مسلم بريء من ذلك ووسمته بميسم سوء سيبقى عليه عاره ابدا ويبقى عليك اثمه ابدا ولذا فان أشد انواع الغيبة وأضرها على أهلها وأشرها وأكثرها بلاء أن يتساهل المرأ بما تخطه يمينه بما لا سند له ولا معتمد بل بجهر مفرط في الحقائق وغلو زائد في اساءة الظن بالمسلم فيقرأه حينئذ الملأ ويشهد عليك أهل الأرض والسماء بما كتبت فتذكر يا من تقع في ذلك ما ورد في الصحيحين عن المعصوم صلى الله عليه وسلم انه قال “ إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب “ /. وختم آل الشيخ خطبته بالقول إن على المسلم أن يتذكر أن الله سائله عن سمعه وبصره وفؤاده وعما قال وأن الله رقيب على عباده شهيد على فعله وقوله وأن الحق في الدنيا وفي الآخرة في انتصار وعلو وازدياد والباطل في انخفاض وسفال ونفاد والبهت والزور وان علا وارتفع في الآفاق وشاع بين المسلمين فهو اخذ صاحبه الى الهاوية ومرد به الى سوء العاقبة في الدنيا وفي الاخرة فعلى المسلمين جميعا الالتزام بالمعيار الشرعي الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، جاء به في كل شيء وعلى المسلمين جميعا مراعاة العزيز الجبار ، وليتذكر من اطلق قلمه او لسانه في التجريح والقدح بكلام لا يستند على مأخذ بل على جهل بالحال وعدم تصور للواقع انه بهذا قد بغى وظلم فليخشى على نفسه من دعوة تسري بليل وهو عنها غافل فقد قال صلى الله عليه وسلم “ واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب “.