قدم الدكتور فهد بن عبدالله السماري إضاءات متعددة على جوانب مشرفة من شخصية الملك عبدالعزيز – رحمه الله – ، وميله إلى الاعتدال في جميع أقواله وأفعاله، وتؤكد على إيمانه العميق بهذا المبدأ الإسلامي الراسخ ، ومحاربته لكل ألوان التطرف والتفريط ، وتمسكه بالوسطية التي عبر عنها القرآن الكريم بقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا). وقال لدى مشاركته أمس الأول في الندوة العلمية الأولى لكرسي الأمير خالد الفيصل، التي نظمتها جامعة الملك عبدالعزيز: (لقد استقر في يقين الملك عبدالعزيز الراسخ أن دعوة الإسلام لم تنتشر في شرق الأرض وغربها إلا بسمو رسالتها ، واعتدال منهجها)، مضيفا أنه كان – طيب الله ثراه – وسطا بين الإفراط والتفريط ، والغلو والجفاء. وبين أنه اعتمد هذا المنهاج في مواجهة التفرق في المذاهب، والاختلاف الذي ساد العالم الإسلامي ، كما جعله نبراسا له في توحيد هذه البلاد ، ولم شعثها واختلافها على قلب رجل واحد ، ونادى بالاعتدال في سياسته الخارجية ، ودعا إلى نبذ كل فكر يؤيد العنف والتعصب والتطرف ، وأشار إلى أن سيرته العطرة وسلوكه الكريم يجسدان كل خصال الاعتدال ، والتزامه صفات التوسط التي دعا إليها الدين الإسلامي الحنيف. من جانبه، ناقش الدكتور محمود بن سفر، أستاذ كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي، في بحث له بعنوان (الاعتدال ونواقضه : مفهوم حضاري) مفهوم الاعتدال على مستويات مختلفة عند اللغويين والأصوليين، وكذلك المفهوم الحضاري للاعتدال بوصفه الخيار الأوحد والأمثل لمواجهة الفكر المتطرف والتيارات التغريبية في المجتمعات المتحضرة. وبين أن الاعتدال فضيلة من الفضائل الإنسانية الأساسية الملازمة لأصحاب الهمم العالية والأخلاق السامية ، وميزة من المميزات الحضارية التي تتحلى بها الأمم السوية وتتمسك بها وتسير عليها، مشيرا إلى أن المجتمع الذي يسيطر عليه التطرف الديني أو التطرف التغريبي على مجريات الحياة فيه، فإنه سوف يفقد حقيقته ويضيع كيانه إما بالانعزال والانطواء والتخلف في حالة سيطرة التطرف الديني ، وإما بالتفسخ والضياع في حالة سيطرة التطرف التغريبي ، وحلا الحالتين أحلاهما مر . وذكر أن من نواقض الاعتدال، انبهار المرء بما حوله من مظاهر الحضارة المعاصرة المسيطرة لدرجة الغشاوة وبدون اعتدال، واللهث خلفها حتى الإعياء بدون توسط، وبدون أدنى إحساس بالحاجة إلى التناغم مع جوهرها ومكوناتها ومقوماتها، إلى جانب الإفراط بالتغني بماضي الأمة التليد وتراثها المجيد بدون اعتدال، واجترار الماضي بلا توازن وتبصر، وعدم الشعور بالمسؤولية بوعي وبصيرة، إضافة إلى خمول العقل المسلم، وخروجه من دوائر التحدي الحضاري، وغيابه عن مجريات الأحداث، وكذلك عدم التوازن في تربية أطفالنا، وجعلهم لا يعتمدون على ذواتهم، وعدم معرفة قيمة الوقت وصرفه في ما لا طائل منه، فضلا عن الاستفزاز والتطفيف . من جهته، استقرأ الدكتور محمد خضر عريف من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة، في بحثه المعنون ب(سمات الاعتدال في الخطاب الثقافي السعودي :الملك عبدالله بن عبدالعزيز نموذجاً) أبرز سمات الاعتدال في الخطاب الثقافي السعودي المتمثل في خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز, حفظه الله تعالى. وجمع في بحثه بين الدرس التنظيري والدرس التطبيقي؛ حيث يبدأ في محاولته لتأصيل دراسات تحليل المضمون في الخطاب الثقافي السعودي في مستوياته اللغوية بالحديث عن إطارها النظري العام، الذي يعرض لوحداته وفئات التحليل وجوانبه المنهجية المختلفة. وتمثل أبرز ما يطمح إليه هذا البحث في: قراءة مضمون هذا الخطاب الثقافي في ضوء معايير الاتصال المختلفة, وتحديد اتجاهات الخطاب الثقافي موضع الدراسة, والربط بين خصائص صاحب الخطاب وخطابه, والكشف عن أنماط الاتصال القائمة في هذا الخطاب, وأساليب الإقناع الموظفة في هذا الخطاب, وقياس الاستجابات نحو هذا الخطاب على المستويين المحلي والدولي.