يمثل اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية ذكرى عزيزة على نفس كل مواطن وصفحة مشرقة تشع نوراً في سجل التاريخ العربي والاسلامي المعاصر نقش بدايتها بأحرف من نور جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود طيب الله ثراه ضد الجهل والتخلف والضلال ليسطر الملحمة الوطنية في تأسيس هذا الكيان الشامخ. والاحتفال باليوم الوطني هو محطة للتأمل ومناسبة للوقوف على معالم مسيرة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، اذ هي ملحمة تاريخية شهدت علو الهمم وصلابة الارادة حيث وحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه هذا الكيان الشامخ. ثم بعد ذلك ادرك الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله بعد دخوله مكةالمكرمة في ربيع الاول عام 1343ه ان تأمين دروب الحجاج وبسط الامن يستلزم وضع تنظيمات جيدة تمكن قاصدي بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم من اداء فريضتهم بيسر وسهولة. وبدا ذلك واضحا من خلال تأمين موانىء بحرية على البحر الاحمر بعد ان طال حصار جدة ففتح رابغ وينبع والقنفذة ليستعملها الحجاج كموانىء بحرية تمكنهم من الوصول الى مكةالمكرمة. على أن تأمين دروب الحجيج يستلزمه توفير خدمة جيدة لهم ولهذا اصدر رحمه الله امره بالابقاء على الطوافة كمهنة منحصرة لابناء مكةالمكرمة وجاء ذلك في المادة الرابعة من المرسوم الملكي المنشور بجريدة أم القرى بعددها الاول الصادر يوم الجمعة الموافق 15 جمادى الاولى 1343ه تحت عنوان (هذا بلاغ) ليشكل الضامن لمهنة الطوافة واستمراريتها فقد نصت المادة الرابعة منه على ما يلي : كل من كان من العلماء في هذه الديار او موظفي الحرم الشريف او المطوفين ذي راتب معين فهو له على ما كان عليه من قبل ان لم نزده فلا ننقصه شيئاً الا رجلا اقام الناس عليه الحجة انه لا يصلح لما هو قائم عليه، فذلك ممنوع مما كان له من قبل وكذلك كل من كان له حق ثابت سابق في بيت مال المسلمين اعطيناه منه ولم ننقصه منه شيئاً. ثم جاءت عهود ابنائه البرره من بعده الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد رحمهم الله وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله امتداداً لذلك المنهج القويم. ويعد من جيل قادة الانطلاقة الحضارية فقد ولد سموه عام 1343ه ونشأ في كنف والده المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه فتلقى عنه الصفات والمناقب التي عرف بها ابناء عبدالعزيز من تمسك قوي بدين الله الحنيف ومن شعور بالمسؤولية تجاه وطنهم ومواطنيهم ومن الحكمة وبعد النظر واعتبار ان كل منصب قيادي يتولونه تكليف ويبذلون كل الجهد للقيام بمتطلباته. ولقد رافق الملك عبدالله منذ وعى على الدنيا تطورات الاحداث التي مرت بها المملكة العربية السعودية وتفاعلها مع محيطها الاسلامي والعربي مما كون لديه حصيلة واسعة من المعرفة اثراها بمطالعاته المتواصلة في الدين والتاريخ والسياسة وعلم الاجتماع بعد ان اكمل دراسته على يدي عدد من كبار العلماء كاتباع شريعة الله ومحبة المواطنين والنهوض بالمسؤوليات الجسام على كل صعيد وتكريم العلماء ومساعدة الضعفاء وقضاء حوائج الناس بكل ما عرف عنه من اريحة وحب وتواضع جم واخلاق عالية. ولما له في قلوب المسلمين جميعاً من محبة وقدسية لتشرفه باحتضان قبلة المسلمين بيت الله الحرام بمكةالمكرمة ومسجد مثوى نبي الاسلام وصفوة الخلق محمد صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة. وفي هذا الجانب الروحي العظيم نالت المملكة العربية السعودية من اختصاصها بخدمة هذه المقدسات ورعاية خامس اركان الاسلام حج بيت الله واستضافة الحجيج والعمار والزوار تقدير ومحبة كل المسلمين في العالم وهي مكانة استحقتها عن جدارة بمستوى الرعاية الفائقة والخدمات الراقية التي توالت على المسجدين العظيمين وعلى جميع اراضي ومنشآت المناسك والمشاعر المقدسة جاعلة بذلك اداء هذه الفريضة يتم في يسر وسهولة وسكينة رغم التزايد الهائل في اعداد الحجاج كل سنة مع محدودية وثبات اماكن العبادة منذ فرضها الله. ان النجاح الباهر الذي تحققه المملكة العربية السعودية باقتدار امام العالم في اداء هذه المعادلة الدقيقة جدير بالتنويه والتأمل وهو نجاح يأتي من توفيق الله سبحانه اولاً ومن الجهود الجبارة والامكانيات الضخمة الي تبذل وفق احدث السبل العلمية والوسائل الفنية والتي يكفي علماً عليها وشاهداً مجسداً لها توسعة خادم الحرمين الشريفين الحديثة في المسجد الحرام والمسجد النبوي على ساكنها افضل الصلاة والتسليم.