وعلينا ان نحذر من التفريط في هذا الشهر العظيم فأيامه معدودة وساعاته محدودة ولا تكن من اولئك الذين جعلوا رمضان موسماً للهو والعصيان، احذروا من الغفلة والاعراض عن الرحمات والنفحات الالهية قال تعالى : (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربِّ لِمَ حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك اتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى). فكم تتألم النفوس المؤمنة وتتقطع حسرة على ما تراه من شباب المسلمين الذين اجتمعوا على اللهو وقتل الأوقات في ليالي رمضان الفاضلة كم من الحرمات لله تنتهك ومعاصي يجاهر بها في ليالي رمضان المباركة والله المستعان، فيا خسارة المفرطين ويا ندامتهم يوم وقوفهم بين يدي رب العالمين عند سؤاله لهم (ماذا اجبتم المرسلين) فعلينا ان نجاهد في اغتنام ايام العمر ولياليه وفقنا الله واياكم لكل خير. فاتقوا الله وتزودوا في هذه الحياة فكم في المقابر من اناس صاموا معنا رمضان في أعوام ماضية وهم الآن تحت الثرى رهناء الأعمال واحمدوا الله ان أمهلكم لتدركوا هذا الموسم العظيم فاستعدوا له بالتوبة النصوح والنية الصادقة على استغلاله واغتنامه بالأعمال الصالحة ومن هذه الأعمال: الصيام قال صلي الله عليه وسلم (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف يقول الله عز وجل إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به). ومنها القيام فقد قال صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) فاحرصوا على صلاة التراويح مع الامام فقد قال صلى الله عليه وسلم (من قام مع امامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) وكان السلف يعتمدون على العصي من طول القيام وما كانوا ينصرفون الا عند الفجر. ومنها الصدقة فقد قال صلى الله عليه وسلم (أفضل الصدقة صدقة في رمضان). ومن الصدقة اطعام الطعام فقد جاء في الحديث (أيما مؤمن اطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم). ومن الصدقة تفطير الصائمين (ومن فطر صائماً كان له مثل اجره غير انه لا ينقص من اجر الصائم شيء). ومن الأعمال الاجتهاد في قراءة القرآن فاكثروا من قراءته بتدبر وخشوع وقد كان للشافعي رحمه الله في رمضان ستون ختمه. وعمرة في رمضان تعدل حجة مع الرسول صلى الله عليه وسلم واكثروا من الاستغفار والدعاء خاصة عند الافطار وفي الثلث الأخير من الليل. ومن الأعمال الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان تحرياً لليلة القدر وهي الخلوة الشرعية فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه فما بقي له سوى الله وما يرضيه ومن الأعمال الدعاء خاصة في هذه الايام الحرجة والظروف والأزمات القاسية التي تمر بها الأمة الاسلامية في اقطار الارض من الغزو الفكري والغزو العسكري واجتماع ملة الكفر عليها فعلى المسلم أن يكثر من الدعاء وان يلح على ربه ويتحين مواطن وأوقات الاجابة وتأمل ذكر الله عز وجل للدعاء في وسط آيات الصوم وهو قوله تعالى (واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان..). فهذه بعض من الأعمال التي تستغل بها أوقات رمضان وعليكم بالصبر والمصابرة والجد والمثابرة فعند الصباح يحمد القوم السرى، وتذكروا ان هذه الدنيا أيام معدودة وأنفاس محدودة ولا يدري متى الرحيل فاستعد يا عبدالله وتزود ما دام في العمر فسحة وعش يومك ولا يطول املك فإن الموت يأتي على غرة، فاعمل ما يجلب لك في ذلك اليوم المسرة، وتذكر بأن التعب والنصب يزول ويثبت عند الله سبحانه وتعالى الأجر وفقنا الله واياكم لكل خير والله من وراء القصد.