اكتسبت زيارة الملك عبدالله للعاصمة الأمريكية في الاسبوع الماضي أهمية كبرى باعتبارها حلقة جديدة ضمن سلسلة الاتصالات المباشرة والتنسيق المستمر والحوار المكثف بين قيادتي البلدين الصديقين بشأن العديد من القضايا والموضوعات محل الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط ودعم العلاقات السعودية الامريكية في المجال الاقتصادي وغيره. واذا كان من الطبيعي ان تحتل المسيرة السلمية مكان الصدارة في المحادثات والكفاءات التي أجراها خادم الحرمين الشريفين مع الرئيس الامريكي (أوباما) فانما نستطيع ان نقول ان الزعيمين عبدالله بن عبدالعزيز وباراك اوباما قد استعرضا سبل دفع عملية التفاوض على مختلف المسارات وازالة العقبات والعراقيل التي تواجه المسيرة السلمية. والحقيقة أن العلاقات السعودية الامريكية بلغت درجة النضج، الامر الذي افاد الدولتين على السواء، واسهم في تقارب وجهات النظر في كثير من الأحيان فيما يتعلق بالعديد من القضايا مع الايمان باستقلالية ارادة الطرفين وحرية الاختلاف في الرأي ان حدث ذلك وهو ما عكسته مشاركة الملك عبدالله في قمة (20) الاخيرة في كندا. ان توقيت زيارة خادم الحرمين الشريفين مهم جداً للرئيس الامريكي (باراك اوباما) نفسه باعتبار الولاياتالمتحدة شريكاً اساسياً ومسؤولة عن رعاية عملية السلام، وباعتبارها القوة العظمى في العالم التي تحاول أن تنشر على ربوع الكون فلسفتها في العالم الجديد الذي تضيق فيه المسافات وتتلاشى فيه الحدود.. ولاشك ان للرئيس (اوباما) نفسه مصلحة كبيرة وهو يواجه الازمة الاقتصادية في بلاده في ان يختار المملكة العربية السعودية لما لها من دور محوري ووظيفة حضارية بقيادة الملك عبدالله تمارسه بفعالية خبراتية في دهاليز سياستها الخارجة من الدائرة الخليجية، الدائرة العربية، الدائرة الاسلامية والدائرة الدولية. والحقيقة ان العلاقات السعودية الامريكية بلغت درجة النضج الأمر الذي افاد الدولتين على السواء في محادثات قمة العشرين، واسهم في تقارب وجهة النظر في مناقشات وحوارات المنتدى الاقتصادي الدولي، قمة (20) في كندا فيما يتعلق بالعديد من القضايا وخاصة توازن الاتفاق ودور الدولة في التنمية الشاملة وموقف المملكة من مساعدة الفقراء في العالم. لذلك اوضحت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لواشنطن ولقاؤه مع الرئيس (اوباما) ان مسائل التعاون الاقتصادي قد بدأت تتحول الى قضايا رئيسية بين البلدين، فمشاركة الملك في قمة (20) مهمة سوف تسهم في دعم التعاون الاقتصادي العالمي بما في ذلك الاقتصاد الامريكي والسعودي على حد سواء، وبروز ذلك التعاون غير المسبوق بين الدولتين منذ انطلاقة قمة العشرين الاولى في واشنطن منذ سنوات. واذا كان من المسلم به ان التعاون الاقتصادي بين الجانبين خاصة وفي الاطار الدولي عامة سوف يعطي للبعد السياسي كل الاهتمام الواجب في ضوء الحرص المشترك للمملكة وامريكا على دعم ركائز الامن والاستقرار والسلام في ربوع العالم بأسره. لعل ذلك ما يزيد اليقين بأن القمة السعودية الامريكية تأتى في ضوء اعتراف أمريكا وبالذات الرئيس اوباما بأن المملكة تلعب دوراً رئيسياً من اجل احلال السلام وارساء دعائم الامن والاستقرار في الشرق الأوسط خاصة، والاقليمي والدولي. لذلك شكلت زيارة الملك عبدالله لواشنطن ولقاؤه مع الرئيس الامريكي (اوباما) في البيت الابيض اهمية كبرى في دعم وتنشيط العلاقات السعودية الامريكية التي تستند الى اسس مهمة ومتنوعة تتداخل فيها الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية بشكل وثيق اذ تنظر واشنطن الى المملكة كدولة مستقرة تعمل على دعم الاستقرار الاقليمي وهذه مسألة على درجة عالية من الاهمية بالنسبة للأمن العالمي، في المقابل فان الرياض ينظر الى الولاياتالمتحدةالامريكية باعتبارها قطباً أعظم له دوره العالمي والاقليمي ويشكل شريكاً مهماً. ولست اتجاوز الحقيقة اذا قلت انني شعرت بأن مقابلة الملك عبدالله من قبل الرئيس (اوباما) في البيت الأبيض هي خير شاهد يحتكم اليه عند كتابة التاريخ في الدور السعودي وقوته في العلاقات الدولية لما يتميز به كزعيم سعودي او عربي معاصر من صبر وحكمة وتجلي للعالم اجمع بما في ذلك واشنطن ولعل ذلك يتجلى لواشنطن خاصة والعالم اجمع خاصة ما شعر به قادة قمة (20) في كندا في أعمق صورة في ادارة الملك عبدالله للاقتصاد الوطني السعودي من ناحية وادارته للعلاقات السعودية الخارجية في اطار مفهوم دبلوماسيته الانسانية. ولعل اكثر ما يعزز من صحة ما ذكرته ان المملكة تحسب حساباتها بكل دقة وتتجنب خداع نفسها أو خداع غيرها لذلك جاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لواشنطن فرصة كبيرة لدعم فكرة الحوار الاستراتيجي بين البلدين بما تنأى بهما أية حوادث عارضة قد تؤثر من قريب او بعيد بالعلاقات بينهما.