الحق أن المسلم اذا أحب لله ذاق اثر ذلك في نفسه من الراحة والاطمئنان، ونال في الآخرة الأجر العظيم الذي اعده الله للمتحابين فيه، ولهذا حرص الاسلام على القواعد التي تجعل هذا الحب واقعاً ملموساً يعيشه المسلم، ويستظل به في هذه الدنيا، يقول :(اذا احب الرجل اخاه فليخبره انه يحبه) انه توكيد لهذا الحب واعلام للغير به حتى لا يكون هذا الحب من طرف واحد. إن الاسلام يشيع الحب بين اتباعه حتى يكون المجتمع متآلفاً، اخرج ابوداود عن انس رضي الله عنه ان رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر رجل به فقال : يا رسول الله اني أحب هذا فقال له النبي : (أأعلمته)؟ قال : لا ، قال : (أعلمه). فلحقه، فقال : اني احبك في الله فقال : احبك الذي احببتني له. والحب ليس كلمة تقال، وانما هو واقع يعيشه المحب لحبيبه، نصح وارشاد، بذل وعطاء، تضحية وايثار، تفقد ودعاء، انها معان عظيمة تظهر علىالمتحابين، ولهذا لما كان هذا العمل عظيماً كان الجزاء عليه كبيراً من الرحيم الرحمن. ففي الحديث الصحيح المتفق عليه في السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله، منهم: (رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه)، وتفرقا عليه، ويستمر العطاء الرباني لهؤلاء المتحابين، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : (وجبت محبتي للذين يتحابون ويتجالسون ويتزاورون ويتبادلون في) واما في الآخرة، فإن الناس تغبطهم لهذا النعيم الذي هم فيه، عن ابي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ان من عباد الله عباداً ليسوا بأنبياء يغبطهم الانبياء والشهداء) قيل : من هم لعلنا نحبهم؟ قال : (هم قوم تحابوا بنور الله من غير ارحام ولا أنساب، وجوههم نور، على منابر من نور، لا يخافون اذا خاف الناس، ولا يحزنون اذا حزن الناس)، ثم قرأ: (ألا ان اولياء الله لا وف عليهم ولا هم يحزنون). اللهم اجعلنا منهم، والحقنا بهم، واجعلنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين. الا هل من مشمر منا لهذا، ومبتغ الى ذلك سبيلا، ان الحب لله اجره عظيم، فهلا أعلم بعضنا بعضاً ان كان يحبه لله حتى يحظى بهذا الأجر، ان بعضاً منا يحب اخاه في الله لكنه يتحرج من ذلك خشية ان يلقى صدوداً او غير ذلك، لكن السلف رضوان الله عليهم كانوا لا يتحرجون من ذلك، بل يعلمون من احبوه بهذا الحب حتى ينالوا الاجر من الله. فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه، وقلت : اني والله لأحبك لله، فقال : آلله؟ فقلت : آلله، قال : آلله؟ فقلت : آلله، فقال : آلله؟ فقلت : آلله، قال فأخذ بحبوة ردائي، فجبذني اليه، وقال : أبشر، فاني سمعت رسول الله يقول: قال الله: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في). فاتقوا الله عباد الله، واسلكوا منهج رسول الله تفلحوا، وتسعدوا في الدنيا والآخرة، اللهم اجعلنا ممن احب فيك، اللهم اكتب لنا حبك وحب من يحبك، وألهمنا حبك وحب رسولك وحب المؤمنين، اللهم حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان.