تبدأ البرازيل سعيها الى احراز لقبها العالمي السادس في قارة جديدة هي افريقيا، بعد ان توجت باللقب في اوروبا (1958) واميركا الجنوبية (1962) واميركا الشمالية (المكسيك عام 1970 والولاياتالمتحدة 1994)، واسيا (اليابان وكوريا الجنوبية 2002)، وذلك عندما تستهل مشوارها في جنوب افريقيا 2010 بلقاء كوريا الشمالية اليوم الثلاثاء على ملعب “ايليس بارك” في جوهانسبورغ ضمن منافسات المجموعة السابعة. وتمثل البطولة ايضا تحديا لمدرب المنتخب كارلوس دونغا الذي اعتبره كثيرون بانه سيشغل هذا المنصب الذي استلمه عقب نهائيات كأس العالم 2006 في المانيا خلفا لكارلوس البرتو باريرا لفترة محددة، لكن خالف التوقعات من خلال نجاحه ببراعة في ثلاث تجارب له مع المنتخب حتى الان. استهل دونغا مشواره باحراز لقب الاول في كأس الامم الاميركية الجنوبية عام 2007 بتشكيلة من الصف الثاني نجحت في الفوز على الارجنتين في النهائي بكامل نجومها ليونيل ميسي وكارلوس تيفيز وغيرهم. ثم توج دونغا ايضا بلقب بطولة القارات التي اقيمت في جنوب افريقيا العام الماضي وكانت بروفة لنهائيات كأس العالم اثر تغلبه على ايطاليا في الدور الاول بثلاثية نظيفة قبل ان يحرز اللقب على حساب الولاياتالمتحدة 3-2. اما الاختبار الثالث فكان في تصفيات كأس العالم الحالية حيث قاد الفريق الى احتلال المركز الاول بين عشرة منتخبات اميركية جنوبية وحقق الفوز ذهابا وايابا على الارجنتين، والحق خسارة قاسية بالاوروغواي في عقر دارها. بيد ان اللقب العالمي يبقى الاهم بالنسبة الى دونغا على الصعيدين الشخصي والعام، لانه من جهة، يريد ان يصبح ثالث مدرب في التاريخ يحرز اللقب لاعبا ومدربا بعد مواطنه ماريو زاغالو (1958 و1970) والقيصر الالماني فرانتس بكنباور (1974 و1990)، علما بان دونغا كان قائدا للمنتخب الذي توج باللقب المرموق عام 1994 في الولاياتالمتحدة، ومن جهة اخرى يريد ان يؤكد بان الكرة الجميلة لا تجلب بالضرورة كأس العالم. ويؤخذ على دونغا بانه مدرب براغماتي لا يحب “جوغو بونيتو” اي اللعب الجميل الذي طالما ميز اسلوب المنتخبات البرازيلية السابقة التي ضمت في صفوفها ابرز نجوم الكرة العالميين وعلى رأسهم الاسطورة بيليه الذي ابهر العالم بعبقريته وتوج بطلا للعالم في السابعة عشرة من عمره، وجيرزينيو وغارينشا وفافا، ثم جيل سقراطيس وزيكو وجونيور في الثمانينات، فروماريو ورونالدو وريفالدو في التسعينيات ومطلع الالفية الحالية. وينتهج دونغا اسلوبا دفاعيا وهو يعتمد بذلك على لاعبين يبذلون جهودا كبيرة طوال الدقائق التسعين ولا يقومون باستعراض مهاراتهم، وكان اكثر اللاعبين الذين دفعوا ثمن هذه السياسة نجم ميلان رونالدينيو غير الملتزم بخطة مدربه، كما رفض مطالبة الصحافة المحلية بضم المهاجمين الصاعدين نيمار وهنريكه غانزوا من فريق سانتوس بعد تألقهما بشكل لافت الى جانب روبينيو الموسم الفائت، كما قرر عدم استدعاء الكسندر باتو مفضلا عليه نيلمار من فياريال. وتعتبر نقطة القوة الابرز في المنتخب البرازيلي الحالي، العنصر البدني والقوة الذهنية لافراده بقيادة قلب الدفاع العملاق لوسيو وقد تجلى هذا الامر بوضوح في نهائي كأس القارات، عندما قلب البرازيليون تخلفهم امام الولاياتالمتحدة في النهائي صفر-2 الى فوز 3-2. ويدافع دونغا (46 عاما) عن الطريقة التي ينتهجها بقوله “أريد جلب الارادة التي كانت لدي كلاعب الى المنتخب. الطاقة، الحماسة ورغبة الفوز هي أمور ضرورية لحمل ألوان منتخب البرازيل”. واضاف “بعض اللاعبين يملكون الموهبة، لكننا لا نعيش من المواهب، بل من النتائج... يقول الناس انني متعجرف لكن هذا ليس صحيحا. ليس سهلا ان تتخذ القرارات الصحيحة وأن تكون بهذا الموقع”. ويملك دونغا سجلا رائعا على رأس الجهاز الفني “لاوريفيردي” (الذهبي والاخضر)، وهو لقب المنتخب البرازيلي، اذ خاض الاخير باشرافه 64 مباراة ففاز في 47 مرة، وتعادل في 11 وخسر 6. ويتخوف انصار الكرة البرازيلية تحديدا من امكانية اصابة كاكا الذي عانى من اصابة في المحالب معظم فترات الموسم الفائت في صفوف ريال مدريد الاسباني لكن اللاعب اكد بانه يستعيد مستواه السابق تدريجيا وسيكون جاهزا في المونديال. وقال “حالتي تتحسن من يوم الى آخر. الاصابة لم تعد تزعجني مع اني كنت في البداية قلقا لاني كنت اشعر بها في كل تدريب. اما الان فانا في كامل لياقتي البدنية”. ولا يزال الشك يحوم حول مشاركة الحارس الاساسي جوليو سيزار في المباراة ضد كوريا غدا، بعد اصابة طفيفة في ظهره خلال المباراة الودية ضد زيمبابوي الاسبوع الماضي، وهو تدرب على حدى في الايام الاخيرة والمح دونغا الى انه سيشارك اساسيا. وعموما، فان التشكيلة البرازيلية شبه معروفة حيث يقود خط الدفاع الرباعي ميشال باستوس وجوان ولوسيو ومايكون، في حين يعتمد في خط الوسط على ايلانو وجيلبرتو سيلفا وفيليبي ميلو وكاكا، اما مسوؤلية تسجيل الاهداف فملقاة على عاتق روبينيو ولويس فابيانو. وكان روبينيو توج هدافا للمنتخب في كأس الامم الاميركية الجنوبية عام 2007 برصيد 6 اهداف، في حين توج فابيانو هدافا لكأس القارات برصيد 5 اهداف. في المقابل يريد المنتخب الكوري الشمالي ان يكرر انجاز عام 1966 عندما حقق نصرا تاريخيا مدويا على ايطاليا بهدف سجله باك دو ايك. بيد ان مهمته لن تكون سهلة امام منتخب متمرس وخبير. ومن المنتظر ان يلعب المنتخب الاسيوي بشكل دفاعي بحت لتعقيد مهمة منافسه الى اقصى الحدود، وسيعول على مهاجمه جونغ تاي-سي الذي يطلق عليه لقب “واين روني اسيا” لتحقيق المفاجأة. ولا يبدو مدرب كوريا الشمالية جونغ-هون كيم متخوفا من مواجهة البرازيل ويشدد على قدرة منتخب بلاده على تحقيق نتائج جيدة في النهائيات، ويقول في هذا الصدد: “عودتنا الى كأس العالم بعد 44 سنة من بلوغ ربع النهائي عام 1966 هي ثمرة لجهودنا. أتمنى تكرار ما صنعه أسلافنا”، مضيفا “لن نذهب الى كأس العالم من أجل المشاركة فقط، نحن متأكدون من أنه بامكاننا مقارعة أفضل المنتخبات العالمية”.