لا ادري من هاتفني قبل أسابيع فرطت عن قصيدة جديدة للأمير خالد الفيصل ولا ادري عن المكان ولا الرؤية، المهم ان هذا المهاتف من شدة اعجابه اخذ في الانشاد لكي يستثيرني او انها فعلا قد تسلطت على الكوامن من حياته ومع انني لا ابعد عنه تأثراً الا انني لم اقاطعه ولم اجترىء على المفارقة، وعندما فرغ لم يترك لي المجال.. قال هذا هو الفيصل هذا هو اللاعب المثير، ألست معي ايها الانيق في انه قد خطف الساحة وأصل الحياة الشاعرة بطعمها وبالتفاتات لهجتها وبما فيها من الطريف والمقنع.. قلت له : بلا لكن اين تحصلت على النص وفي أي المواقع.. قال: وهذا من قلة اهتمامك بالنت ايها القحطاني ألم تنس العصا والإبل والغنم ومنحدرات السراة.. ثم اخذ يتهدج ويتمايل بصوته: غابت السبعين عن ملهاتها غابت السبعين عن ملهاتها تطوي الرايات عن ساحاتها هذه هي الأيقونة (السبعينية) وقد نشرت في الرصيفة المتألقة جريدة الوطن فابحث عنها ما استطعت.. سلام سلام.. وفعلا كتب عنها البعض واشادوا بها كنص له ريادته الأمر الذي حفزني الى البحث عنها لأن المخبر لم يسعفني بتاريخ ذلك اليوم الذي نشرت فيه لأن غمرة الاعجاب لم تترك له الاحاطة أو كما قال القائل لا يدري على اي قدميه يرقص ولا ماذا يعمل بأنامله العشر.. المهم انني حصلت عليها من أحد المهتمين الشرفاء وهي تقع في ثلاثين بيتاً على الطريقة الهلالية أو كما اصطلح على تعريفه المتمكنون من محبيه والقصيدة في اصلها مشحونة بالتأوه بالمعاناة الغائرة لا تترك لك المجال في الخيار لقد اطلقها على سجيته المعهودة بالألفاظ بالعبارات بالصور التي تثور المهتم من داخل الداخل واعني بالمهتم أو بالمهتمين جماهيرية هذا الشعر المحلي أو بالأحرى العامي في هذه البلاد، واذا تواضعنا وقلنا ان لشاعرية هذا الرجل نكهة وتحركا في الذاكرة لا يهدأ فإن هذه المعزوفة برتمها وبوجوهها المتقابلة قد احدثت دوياً قد لا يتوقعه اثناء الانشاد والكتابة او لعله في هذه الساعة مندهش للمدى الذي ركضته في أفق الكثير الكثير من تراكمية هذا اللون: فجرت فيني سؤال المستحيل واستفزتني تحدياتها بعثرت لحظات عمري مادرت اني اجمع بعدها لحظاتها وبالغت في وجهي رسوم الزمان وغيرت ملامحي لمساتها انظر معي مليا الى صعود التأمل ودقة الملاحظة في خطوات العمر في ناموس الاشياء ومن ثم التغير المواكب لطبيعة المخلوق (فجرت، استفزت، بعثرت، بالغت، غيرت) تفكر فيما توحيه من الرجوع القهقرى من الذبول المتناثر هنا هنالك.. اجل هذا هو الهزيج المواكب للحياة والعبرة ليست في نهاية المشوار الذي قد يطول او الذي قد يختصر بعضا من المحطات ولكن العبرة فيما عقله الحاذقون فالشواهد الممتدة على هذا الكوكب بصباحتها او بتغضنها لا تحصى ولكن الشهود الصادقين او من حذقوا المنعطف هم الصوت المتناقل الصوت الذي ترويه وتورثه الأجيال وشاعرنا خالد الفيصل واحد من المتفردين الذين قد لا يجود الزمان بأمثاله تمثلا وتذكرا هذا الصوت المجلجل بتقدمته في الجبل وفي الغور وفيما وراء الطرف من النجود والهضاب والذي سيظل مادام للايحاء مراشفه واجنحته، اقرأ معي قوله: وش يصير اذا تضاحك ظاهري دام بعض النفس يجرح ذاتها اعرف العبرات من غير الدموع واعرف الونات دون آهاتها واعرف الآلام من دون المرض وانكسار الفرحة بدمعاتها هذي الدنيا وهذي حالها وهذي أيامي وذي عادتها مأجور مأجاور ايها المتألق لقد رفعت الرأس واعطيت من بدنك ومما تستطيع لأمتك وكنت المثال المتفرد دفعا وبناء وخبرة بالمنطوق من الأدب الخالد فامرح كيف تشاء ولا تنسانا خذنا معك الى حيث البروق والعذوق والزلال المتدفق .