إلى متى تغالط اسرائيل الحقيقة وتسعى لتسويق ادعاءاتها بأن الفلسطينيين هم سبب المأزق الراهن متجاهلة ان أهم جذور المأزق هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة لأكثر من 63 عاماً وتضييق الخناق على الفلسطينيين باجراءات الحصار وللتجويع والاخلاء بهدم المنازل واقامة المستوطنات مكانها. اذا كانت اسرائيل تتوهم أن بقدرتها مواصلة خداع الرأي العام العالمي بمعسول الأقوال وسيء الافعال فإن جريمتها العدوانية البشعة على مر السنوات الماضية وخاصة حربها العدوانية على غزة وسياستها لتهويد القدس واقامة مستوطنات في القدسالشرقية قد كشفت المستور وازاحت القناع عن دعوات السلام لان السلام الذي تتحدث عنه اسرائيل يتعارض مع القرارات الشرعية الدولية. لقد اصبح واضحاً ان الاستراتيجية الاسرائيلية تقوم على سياسة الخطوة خطوة لابتلاع الأرض الفلسطينيةالمحتلة واشباع نزعتها التوسعية بعد أن ظلت تردد لسنوات وسنوات الاباطيل حول رفض العرب والفلسطينيين خاصة للسلام وانهم يخططون لالقاء الشعب اليهودي في البحر. في الحقيقة انها تصريحات إسرائيلية ضد المنطق العالمي لانه من المؤكد ان اسرائيل هي التي تتحمل كامل المسؤولية عن تنفيذ القرارات الشرعية مما يدل على انها ليست مؤهلة ولا هي مستعدة للسلام لان ذلك ضد طبيعتها العدوانية والتوسعية. واذا اردنا ان تعمم ما يجرى امام أعيننا اليوم فان ذلك يستلزم ان نعيد قراءة ما قامت به اسرائيل بالأمس القريب والبعيد معاً!. نعم يستلزم الأمر على المجتمع الدولي ان يستوعب قراراته الماضية والحاضرة ولابد ان يعود الى الوراء قليلاً ليسترجع جانباً مهماً من أوراق القضية ووثائقها حتى يمكن التصدي للمخطط الاسرائيلي الذي يستهدف دفن الحقيقة تحت تراب الاكاذيب والمغالطات. يبدو ان اسرائيل قد اعتادت على عدم الاكتراث بالمجتمع الدولي وبما يصدر عن منظماته وجمعياته من تقارير تتعلق بممارستها غير المقبولة، والدليل على ذلك اصراراها على اقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية وفي القدسالشرقية مخالفة بذلك القرار الدولي 181 الصادر في 29 نوفمبر 1947م والخاص بتقسيم فلسطين الى دولتين واحدة عربية والاخرى يهودية. لقد بات واضحاً ان اسرائيل تمثل نموذجاً لدولة متمردة ترى انها فوق القانون الدولي لانها تمثل استثناء لا تتمتع به دول العالم الاخرى .. ان سجل الممارسات الاسرائيلية على مدى ما يزيد على 60 عاماً يؤكد اننا امام مجتمع يؤمن بالعنف وتبني سياسة القوة ويتخذ من الحرب منهجاً وعقيدة لصياغة سياساته الاستبدادية. فمن اين تستمد اسرائيل هذه القوة التي تمكنها من الاستخفاف بالادانات والبيانات الدولية الصادرة من الرباعية الدولية ومن عواصم العام تحت ستار من الأكاذيب والمغالطات التي بلغت في تصريحات رئيس وزرائها بالاستمرار باقامة المستوطنات في القدسالشرقية لان القدس بكاملها عاصمة اسرائيل الابدية. والسؤال السابق يقودنا الى سؤال اكثر تحديداً هو : أين ارادة المجتمع الدولي من كل ذلك، ان الموقف العربي المنتظر من الاممالمتحدة وهي ممثلة الرأي العام العالمي القيام بتنفيذ قرارها رقم 181 لعام 1947م باعلان الدولة الفلسطينية والاعتراف بها مما يمثل تحديداً قاطعاً للمركز القانوني للدولة الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة. ان التحرك الدولي المطلوب سوف يرتكز على الحقائق التالية: ان قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن تواترت على الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ان انصاف الفلسطينيين بصفة (الشعب) لا يصفة اللاجئين يوفر ركناً هاماً من اركان الدولة. ان هذا الشعب يقيم على ذاك الاقليم (الضفة والقطاع) تحت الاحتلال العسكري الاسرائيلي. ان هذا الاحتلال قد تمت ادانته وفقاً لقرارات المنظمات الدولية. ان مجرد ارتفاع الاصوات وتحرك مراكز صنع القرار حول العالم مرددة بأن السلام في فلسطين يحتاج موقفاً اكثر حزماً مع اسرائيل وذلك باعلان الدولة الفلسطينية طبقاً للقرار 181 وان هو ادى الى قيام اسرائيل واشعار اسرائيل بالتوقف عن المناورات واختلاف الذرائع لتعطيل اي تحرك سلمي، وان يتخذ قرارات جريئة وحازمة بازالة المستوطنات والانسحاب الى حدود 1967م. مرة أخرى اقول ان كفاح ونضال الشعب الفلسطيني البطل هو حجر الزاوية في تغيير المواقف واثارة الرأي العام العالمي مما يدفع مجلس الامن الدولي الى اعلان الدولة الفلسطينية وفقاً لقراره 181 لعام 1947م مؤكداً ان هذا الحق في قيام الدولة الفلسطينية طبقاً للخريطة الجغرافية التي حددها القرار 181. لقد بات على المجتمع الدولي من خلال الاممالمتحدة ضمير هذه الدول سرعة العمل على اعلان الدولة الفلسطينية المستقبلة وعاصمتها القدسالشرقية طبقاً للقرار 181 لعام 1947م الصادر من مجلس الامن والحائز على موافقة الدول الاعضاء الدائمين بالمجلس امريكا والاتحاد السوفيتي انذاك وفرنسا وبريطانيا وما تلاه من قرارات عن سنوات طويلة حتى اليوم. ولبسط قواعد العدالة السياسية في هذا الشأن نقول ان انشاء دولة لاصحاب الارض يجب ان تكون لها الاولوية عن اولئك الذين يستوطنون فيها غصباً وعدواناً دون ان يكون لهم فيها حق ولا تاريخ، ان الالتزام الدولي بالتمسك بقرار 181 انما هو تأكيد للمبادىء التي طالما نادت بها الاممالمتحدة منذ انشائها بعد الحرب العالمية الثانية مما جعلها ضمير المجتمع الدولي المحب للسلام .