تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة كان هو المحور الرئيسي لحديث الملك عبدالله في مجلس الوزراء عشية اعتماد ميزانية المملكة الجديدة لعام (1431ه) وهي لم تكن مجرد كلمة رسمية لرئيس الدولة في مناسبة سنوية، بقدر ما كانت حديثاً من القلب، كشف من خلاله الملك عبدالله ملاحظاته عن إدارة التنمية سلبياتها وايجابياتها. ففي تصوره حفظه الله أن المشكلة الأساسية التي تواجه سياسات تنفيذ التنمية الشاملة والمستدامة هي الادارة، والادارة في نظره هي حالة عمل، بل ان الادارة علم وفن. إن حديث الملك عبدالله يمثل رؤية واضحة للمستقبل قائمة على ثقافة ادارية جديدة تجعل الوزير مسؤولاً اولاً وآخراً عن اداء وزرائه، وان يقوم بنفسه بشطب معظم ما توارثناه من ثقافات ادارية جامدة ظلت لسنوات طويلة تكبل خطواتنا وتعيق حركتنا في مسار التنمية الشاملة لدرجة تساءل معها الملك عبدالله عن المشاريع التنموية السابقة ولماذا تغيبت عنه، كما ان الوضع الاداري الحالي يسمح بأن يكون الارتجال عنواناً يجلب معه عناوين الفوضى والسلبية وعدم الجدية واللامبالاة في مواقع العمل، وبالتالي تتدحرج التنمية الشاملة الى غياهب اللامبالاة والبعد عن التنمية الكمية والنوعية المطلوبة. وقد حرص الملك عبدالله في حديثه الصادق من القلب في اننا بحاجة الى ثقافة ادارية جديدة ترتكز على فن ادارة التنمية حتى تواصل المشاريع التنموية في مسيرتها والظهور الى العلن يلمسها المواطن والتي اعدت له في مجالات التعليم والصحة والتجارة والعمل والزراعة والاقتصاد، وبذلك يكون للانجاز مذاقه ولونه الخاص به. أقول ان حديث الملك عبدالله انما هو الضوء الأخضر على طريق النجاح، والنجاح له فنون في الادارة أي الانتقال من الاداراة بالتراكم الى الادارة بالنتائج وجودة الاداء، وهو ما يطرح فكراً جديداً لتغيير أهداف التنمية الشاملة والمستدامة والارتقاء بالوعي الاداري العام وجعل الوزير مسؤولاً مسؤولية كاملة عن ذلك بما يضمن انجاز المشاريع التنموية المعتمدة في ميزانية وزارته بناءً على الكفاءة في التخطيط الاستراتيجي والتعامل مع التحديات بشفافية ووضوح لدعم التنمية الشاملة والمستدامة وتحقيق أهدافها لينعم بها المواطن. وفي اطار حديث القلب هذا، وكي لا نحرث في البحر فإنه يجب على الوزير المسؤول الذي اعتبره الملك عبدالله مسؤولاً مباشراً عن تنفيذ مشاريع وزارته المعتمدة في ميزانيته (1431ه) ان يكون على بينة من ان أباطرة البروقراطية في وزارته لا يضعون العقبات الروتينية واصدار القوانين المتضاربة المليئة بالثغرات مما يعيق تنفيذ مشاريع وزارته ، بل يغيبونها تماماً، وتجعل سياسات الدولة التنموية كما يقولون محلك سر. اذن .. انها الادارة ودورها الفاعل في التنمية الشاملة كما يحدث في دول العالم المتقدمة والناهضة يتطلب كما قال الملك عبدالله في البداية تغيير الفكر الاداري السائد في الادارة لدينا عن طريق مسؤولية الوزير مسؤولية شاملة. أخيراً انها الادارة وفنونها المختلفة التي تقود الى تغيير في العقول وتحولنا على طريق النجاح في تحقيق تنمية نوعية وكمية على أرضنا ينعم بها المواطن الذي من أجله رُصدت ميزانية عام (1431)ه الهائلة في عالم الميزانيات الحديثة بين الشعوب. لذلك فإن سر المعجزة هو فن إدارة التنمية بفكر جديد في الادارة وفنونها ولابد أن يكون الوزراء فيما بينهم على موجة ارسال واستقبال إدارية واحدة.