كشفت لجنة التحقيق البريطانية الخاصة بالحرب على العراق أن المدعي العام السابق بيتر غولدسميث سبق أن أعرب عن شكوكه في المبررات التي قدمتها الحكومة للمشاركة في غزو العراق، في وقت نفى فيه وزير الدفاع البريطاني السابق جيف هون أن تكون مشاركة بلاده في الحرب قد أقرت مسبقا. فقد نشرت اللجنة -التي شكلها رئيس الوزراء غوردون براون للتحقيق في المبررات التي دفعت حكومة سلفه توني بلير للمشاركة في غزو العراق عام 2003- رسائل متبادلة بين غولدسميث وهون قبل عام من اندلاع الحرب يؤكد فيها الأول عدم اقتناعه بمبررات الحكومة. ومما جاء في هذه الرسائل قول القاضي غولدسميث لوزير الدفاع حرفيا -في رسالة وجهها في مارس 2002- إنه (من الصعب جدا أن أقبل العمل العسكري تحت مبررات الدفاع عن النفس)، مشيرا إلى عدم وجود أي دليل على الأرض يتحدث عن (تهديد وشيك من العراق وعلى نحو يبرر القيام بعمل عسكري دون تفويض حسب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة). يذكر أن القاضي غولدسميث كان هو من أعطى المبرر القانوني بعد ذلك لحكومة توني بلير للمشاركة في الحرب دون الحاجة للحصول على تفويض أممي بهذا الشأن، مما دفع العديد من مناهضي الحرب في الأوساط البريطانية لاتهام بلير بالضغط على غولدسميث ليغير رأيه بشأن غزو العراق. وفي شهادته أمام لجنة التحقيق الثلاثاء، قال هون إنه لم يجر الكثير من النقاشات بشأن الاستشارة القانونية النهائية التي تقدم بها القاضي غولدسميث، نافيا في الوقت ذاته ما تردد عن أن مشاركة بريطانيا في الحرب كانت مقررة سلفا بغض النظر عن أي مشورة قانونية. وشدد هون -الذي سبق أن قاد تمردا فاشلا داخل حزب العمال ضد رئيس الحكومة براون- على أن الحكومة لم تشارك في الحرب إلا بعد موافقة البرلمان في مارس 2003، لافتا إلى أن حكومة بلير كانت تأمل نجاح الجهود الدبلوماسية ولم تقدم دعما غير مشروط للحرب. وأبلغ هون –الذي تولى حقيبة الدفاع من 1999 إلى 2005- لجنة التحقيق أن الحكومة لم تفترض على الإطلاق مسبقا وبشكل حتمي خوض الحرب قبل مصادقة البرلمان، خلافا للولايات المتحدة التي كانت جادة في هذا الشأن منذ صيف عام 2002. وأشار إلى أن بلير سعى للحصول على معلومات عن الخطط العسكرية الأميركية في اجتماع حاسم مع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في أبريل 2002، وذلك من أجل فهم السياسة الأميركية ومحاولة التأثير فيها. وأضاف هون أنه -في تلك المرحلة- لم يكن هناك توقع بين الأوساط الحكومية بأن تساهم بريطانيا عسكريا في الحرب، رغم أن هذه المشاركة كانت احتمالا قائما في حال لم يستجب النظام العراقي السابق لبعض الشروط المطلوبة منه. يذكر أن بلير سيمثل أمام لجنة التحقيق في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، في حين لن يمثل براون -الذي كان وزيرا للخزانة إبان الحرب على العراق- أمام اللجنة إلا بعد إجراء الانتخابات البرلمانية في يونيو المقبل.