المرء في مقتبل العمر يفرح عندما تُزف له عروسة ، وبعد عام تزداد تلك الفرحة عندما يرى نعمة ربه وابنه بين يديه ، وتمر الأيام وهو يحلم ويطلب من ربه العلي القدير أن يمد في عمره حتى يرى ابنه رجلاً يشار إليه بالبنان ، ويعتمد عليه بعد الله في أمور الحياة ، فيجتهد في تربيته وتعليمه والنفقة عليه على أمل أن تثمر هذه البذرة ثمر حلو المذاق يجد لذتها في سنوات عمره القادمة ، ويكن يده اليمنى إذا تثاقل عليه الزمن ، ونحن في هذا العصر الغريب نجد من العقوق الكثير نتيجة أمور عديدة منها أصحاب السوء الذين ليس همهم إلا مصلحتهم الشخصية ، وفي المقابل ترى ذلك الشاب يتبع سبلهم بعد أن أخذ الثقة من والده ، فالسعيد ليس من رزق بالذرية ، بل السعيد من أكرمه الله بالذرية وهداهم ، فكم من أب فقد هذه النعمة ، وهو يرى ابنه قد خرج من تحت قيادته ، وأصبح من أصحاب التمرد على القيم الاجتماعية ، والعناد ، والشقاوة ، والعدوانية ، والأنانية ، وحب المظاهر ، وإهدار الوقت ، والقيام بحركات غير طبيعية للفت أنظار الآخرين إليه ، والاستخفاف بمن حوله ، والشعور بالعجب ، والغرور بنفسه التي فقد هويتها نتيجة زخرف الدنيا الزائل ، ليواجه ذلك الابن والده بالعقوق التي حرمها الإسلام ، وكأن ما درسه وتعلمه كسراب يحسبه الظمآن ماء ، ولم يترك في نفسه بادرة حسنة تجعله مطيعاً لمن تكبد مشقة الحياة ليراه ذلك الشاب الصالح الذي يفتخر به في مجتمعه ، وبالتالي يصبح الأب ليس بمقدوره السيطرة على ابنه بعد ما أشتد عوده وضل طريق الرشاد ، فيامن ابتليت بهذا البلاء ، وأصبح ابنك في ضياع ، وفقدت فيه الأمل والرجاء ، فماذا أنت فاعل ؟ وما الحيلة وقد حل القضاء ، فلا تسخط لقدر الله وهو عدل ، ولا تكره لقضاء الله وهو فضل ، فلا مصيبة مع الإيمان ، ولا مواسي مع القرآن ، وليكن أمام ناظريك أن شوائب الدهر لا تدفع إلا بعزائم الصبر ، وعليك بما يفعله الذاكرون ، والتمعن في قوله تعالى (وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) همسة : كما تدين تدان . دعاء : اللهم بارك لنا في أبنائنا ، ووفقهم لطاعتك وارزقنا برهم ، وأجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ، وأجعلهم من الراشدين . ومن أصدق من الله قيلاً (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)