ظهر المنثور في جادة سوق عكاظ وهو الذي يصنع من الجلد وكان يلبسنه البنات فوق الحزام المشغول بالقصب والحرير والذي لا تعرفه الأجيال الحالية والذي اعتقد أنه خرج من دائرة اهتمام الناس . أم عبدالرحمن بائعة الملابس القديمة وإحدى الحرفيات المشاركات بجادة السوق في عامه الثالث والتي بدأت هذه الحرفة منذ أن وصلت لسن الخامسة من عمرها وعن مشاركتها في السوق , تقول لقد اكتسبت هذه الحرفة عن والدتي منذ الصغر , وأقوم بعرض ملابس تراث خاص لي ومنها حزام مصنوع من الجلد وهو ما يسمى المنثور وقناع أيضا وهما لبستهما ولم ابلغ العاشرة من عمري وثوب حكته بمساعدة أختي استغرق أكثر من خمسة أشهر وكنت أنوي بيعه إلا أن إصرار بناتي وقف حائلاً دون ذلك . كان الثوب يستغرق وقتاً طويلاً جداً ويحاك على مراحل بداية من الصدر ويسمى حلق الثوب ومن ثم الأكمام والبدنه وهي وسط الثوب والحرده وهي جوانب الثوب وحذوة الثوب وهي ما يشكل نهايته وقد كنا نستخدم القصب الحر الغالي الثمن وهو ما يجعل الثوب يحافظ على جودته لوقت طويل , ويكون أحد أسباب غلاء تلك الملابس التي تتجاوز ال (15) ألف ريال والعمل اليدوي الذي قد يتجاوز السنة والسنتين والثلاث في بعض الملابس , فقد كنا نبدأ في تجهيز البنت للزواج منذ أن تصل سن الخامسة من عمرها والمحرمة التي توضع على الرأس بلونها الأبيض المنقوش والتي تحتاج لأكثر من شهر والطرحة المشغولة التي تعلو المحرمة بلونها الأسود والسروال الذي يصل المقصب الذي قد يستغرق عمله إلى أربعة أشهر وكانت البنت تتزين بهذه الملابس في زواجها وتستخدمه في المناسبات والأعياد في تلك الأوقات , والآن يستخدم فيما يسمى بالغمرة أو الحنا وهي عندما يقومون بوضع الحنا للعروس قبل زوجها مباشرة وتنص على الطراز القديم بدون وجود الرجال وهذه المناسبة خاصة بالنساء فقط . وتضيف أم عبدالرحمن أن هناك أيضاً مشغولات تكون ضمن جهاز العروس وهي ما تسمى في ذلك الوقت (دبش العروس) والمناشف المشغولة باليد والبيوز وهي ما يستخدم كواقٍ للدلال وبيت المخدة المطرز وثوب المساند والمشغولة بالقصب وجربان (حقائب مصنوعة من جلد الغنم) فلم يكن هناك شنط كالتي هي اليوم والكشمة وهي أيضاً مصنوعة من الجلد وهي التي يوضع بها البن والهيل وكذلك القربة . كما تقوم أم عبدالرحمن بعرض ملابس البنات وهي ما يسمى بالدرع وعادة ما يكون باللون الأحمر والحزام المعروف بالمنثور المشغولة باليد وهو أيضا غالي الثمن وقد يحتاج لمواد خام أكثر خمسمائة ريال والبيرم أو ما يسمى بالقناع وبالنسبة للمسميات فهي تختلف من قبيلة لأخرى وقد واجهت معارضة شديدة من بناتي في بيع هذه الملابس والتي يعتبرونها ثروة وطنية رغم أن الجيل هذا أعرض عنها وتنهي أم عبدالرحمن حديثها قائلة كانت المشاركة في سوق عكاظ فرصة لإيصال الرسالة للأجيال الجديدة التي أعرضت عن هذه الحرفة وتركتها لأناس ليسوا أهلها وأستطيع أن أقول شكراً لسوق عكاظ والقائمين عليه وعلى رأسهم الأمير خالد الفيصل لما قدموه للموروث الشعبي والصناعة اليدوية .