وقد كان هذا حال الواصلين لأرحامهم على هذه الصورة من الاحسان حتى مع اختلاف الدين يشهد لذلك ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اهديت له حلل كان قد قال عن مثلها : (انما يلبس هذه من لا خلاق له، فاهدى منها الى عمر، فقال عمر كيف البسها وقد قلت فيها ما قلت؟ قال : اني لم اعطكها لتلبسها، ولكن تبيعها أو تكسوها، فارسل بها عمر الى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم). ثم ان افضل الوصل مقابلة الاساءة والعدوان بالبر والاحسان، ولما جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : إن لي قرابة اصلهم ويقطعوني، وأحسن اليهم ويسيئون الي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، قال له عليه الصلاة والسلام: (لئن كنت كما قلت فكأنما تُسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) والمل هو الرماد الحار، فكأنه شبه ما يلحقهم من الألم والاثم والحالة هذه بما يلحق آكل الرماد الحار. فهذا مما يبقي على الود، ويحفظ ما بين الأقارب من العهد، ويهون على الانسان ما يلقاه من اساءة أقاربه، ومقابلة معروفه بالنكران، وصلته بالهجران، وفيه حث للمحسنين على أن يستمروا في احسانهم، فإن الله معهم ومؤيدهم ومثيبهم على عملهم. وصلوا ما أمر الله به أن يوصل من حقوقه وحقوق عباده صلوا أرحامكم والأرحام والأنساب هم الأقارب وليسوا كما يفهم بعض الناس اقارب الزوج أو الزوجة ان بعض الناس يظنون ان الأرحام والأنساب هم أقارب الزوج والزوجة ولكن الأمر ليس كذلك فإن أقارب الزوج أو الزوجة يسمون أصهارا وليسوا بأنساب ولا أرحام انما الأرحام والأنساب هم أقارب الإنسان نفسه كأمه وأبيه وابنه وبنته وأخيه وأخته وكل من كان بينه وبينه صلة من قبل ابيه او من قبل امه هؤلاء هم الأرحام الذين تتفرع منهم كالآباء والاجداد والامهات والجدات والذين يتفرعون منك كابنائك وبناتك وان نزلوا والذين يتفرعون من اصولك كالأخوة والاعمام وابنائهم والاخوال والخالات وابنائهم كل هؤلاء هم الأرحام فصلوا أرحامكم صلوهم بالزيارات والهدايا والنفقات صلوهم بالعطف والحنان ولين الجانب وبشاشة الوجه والاكرام صلوهم بالاحترام وكل ما يتعارف الناس من صلة، إن صلة الرحم ذكرى حسنة وأجر كبير إن صلة الرحم سبب لدخول الجنة سبب لصلة لله للعبد في الدنيا والآخرة ففي الصحيحين عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا : يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه قال : (نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه). وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ان اعمال بني آدم تعرض على الله تبارك وتعالى عشية كل خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم. فالشر يعم والخير يخص، فلا تنزل رحمة على قوم فيهم قاطع رحم، ولهذا يجب التواصي ببر الآباء وصلة الأرحام، والتحذير من العقوق، فاذا فعلوا ذلك سلموا من هذه العقوبة. عن عبدالله بن ابي اوفي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ان الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم، وعن أبي بكر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما من ذنب أحرى أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من قطيعة الرحم والبغي) والله من وراء القصد.