أكد الشيخ الدكتور عائض بن عبد الله القرني أن هناك طائفة وظفت الجهاد توظيفا غير شرعي , فقتلوا الأبرياء وسفكوا الدماء, وخالفوا العلماء, وخرجوا على الحكام وفجروا البنية التحتية وارتكبوا سلسلة من المظالم التي سموها جهادا. ووفي المقابل هناك فرقة صارت تنكر الجهاد بل وتغير المصطلحات الشرعية القرآنية, بل وصل الأمر إلى أنهم غير مستعدين لتسمية الكافر كافرا والفاسق فاسقا, والحق أن الإسلام دين الاعتدال والوسطية فالجهاد حق وهو قائم إلى قيام الساعة بشروطها الشرعية المعتبرة تحت ولاية حاكم شرعي ، وأشار فضيلته أن للمرأة في الإسلام حقوقا عظيمة, فهي مربية الأجيال والمدرسة الأولى للأطفال, وقد تكون امرأة بألف رجل ، ولكن فئة من المجتمع غيبة هذه الحقوق حتى وصل الأمر أن يتبعوا ذكر المرأة بقولهم (أكرمكم الله) وفي المقابل نجد في الساحة من شغلهم الشاغل: الدفاع والبحث عن حقوق المرأة وإظهارها بصورة المضطهدة ؛ والإسلام في تعامله مع المرأة كان وسطا حفظ حقوقها وأكرمها بما يناسب طبيعتها . جاء ذلك في محاضرة نظمتها الجامعة الإسلامية ضمن برنامجها الثقافي وحض ها جمع غفير ضاقت بهم القاعة والمسجد والساحات المجاورة و كانت بعنوان (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) وفيه أكد فضيلة الدكتور عايض القرني أن الإسلام دين الوسطية وتتجلي وسطية الإسلام في أمور كثيرة منها: الوسطية في الأنبياء, والناس فيهم طرفان, طرف غلو فيهم حتى ادعوا فيهم الألوهية (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة), وإنه سيقع في أمتنا ما وقع فيمن قبلنا كما أخبرنا به المصطفى صلى الله عليه وسلم {لتتبعن سنن من كان قبلكم حذوا القذوة بالقذوة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» أخرجه البخاري ومسلم, وقوم جفوا فيهم, فقتلوهم وأعرضوا عن دعوتهم وآذوهم وفرقوا بينهم {وقتلهم الأنبياء بغير حق» والإسلام يفرض علينا أن نؤمن بجميع الأنبياء نحترمهم وأن لا نفرق بينهم {لا نفرق بين أحد من رسله». موقفنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم, والناس فيه أهل غلو وجفا, فمنهم من على فيه, وأنزله منزلة الألوهية واستغاث به, ومنهم من لم يراع حق الرسول فلم يحاكمه في أمورهم ولم يصل عليه إذا ذكر عندهم. والحق الذي يجب العمل به أن نحبه ونحترمه ونحكمه في كل أمورنا وأن لا نقدم قول أحد على قول الله ورسوله كما قال الإمام مالك: « ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر». الوسطية في باب الوعد والوعيد, فأهل السنة وسط في هذا الباب بين الخوارج الذين كفروا مرتكب الكبير وأغفلوا باب التوبة وبين المرجئة الذين فتحوا باب المعاصي, وقالوا إن الإيمان جزء واحد لا يتجزأ ولا يزيد وينقص, فإيمان أحدنا كإيمان جبريل ولا فرق. كانوا وسطا بإعمالهم وجمعهم نصوص الوعد والوعيد. موقف أهل السنة في القدر وسط بين الجبرية والقدرية, القدرية الذين نفوا القدر ونسبوا خلق الأفعال إلى العباد, وقالوا: إن الأمر أنف, وبين الجبرية الذين سلبوا الإرادة من الإنسان وقالوا هو أمام القدر مثل الريش في مهب الريح, فأهل السنة توسطوا في ذلك وأثبتوا خلق الله وإرداته وقدره, وأنه جعل لعباده مشيئة وإرداة ولكن مشيئتهم وإرادتهم تابعة لمشيئة الله وإرادته. وسطية أهل السنة في آل البيت, حيث اعتقدوا حبهم توقيرهم واحترامهم لمحبة سيد الخلق كما أمرهم الله { قل لا أسألكم أجرا إلا المودة في القربى» وأمرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم «أذكركم الله في أهل بيتي» وأنزلهم المنزلة اللائق بهم وللناس فيهم طرق, فمنهم من غلا فيهم وادعى فيهم العصمة, وصاروا يذكرون بعض أهل البيت أكثير من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في مجالسهم واحتفالاتهم, وفي مقابل هناك قوم ناصبوا لهم العداء وسبوهم على المنابر والمحافل كالناصبة. وسطية أهل السنة في الصحابة, فغلا بعض الناس فادعى فيهم العصمة, وجفا بعضهم فتنقصوهم وسبوهم وشتموهم وكتبوا عنهم كتابات حتى بعض ابناء هذه البلاد, ولكن العلماء ردوا عليهم, وبينوا الموقف الحق في الصحابة وأنهم وزراء النبي وحملة الإسلام, ولكن فضائل كثيرة أثنى عليهم في كتابه ورضي عنهم, وما حصل من بعضهم من الأخطاء فإنها مغمورة في بحار حسناتهم. الوسطية في باب العبادة لأن الله يقول: { فاتقوا الله ما استطعتم» ويقول: {وما جعل عليكم في الدين من حرج», ومن الناس من شق على نفسه, وتكلف بما لا قد لا يطيقه, الوسطية في باب الخوف والرجاء, لم يعملوا آيات الخوف فحسب فقنطوا الناس من رحمة الله كما فعلت الخوارج, ولم يأخذوا آيات الرجاء فقط ففتحوا للناس أبواب المعاصي وأمنهم من مكر الله بل جمعوا بين الخوف والرجاء. الوسطية في الطيبات: والناس فيها طرفان, طرف انهمك في الزينة والتزين والتفاخر والتطاول في المساكن والملابس والمراكب, وصاروا عبادا للمال, همهم جمع المال فألهاهم ذلك عن ذكر الموت والاستعداد للآخرة, وقابلهم طائفة حرموا الطيبات, وتنسكوا تنسكا هندوسيا, يرون الالتزام هو وعدم لبس الجميل, والإسلام وسط بين حب اليهود للدنيا حتى {نسوا حظا مما ذكروا به» وبين رهبانية النصارى التي {ابتدعوها ما كتبناها عليهم». الوسطية بين التقليد والاجتهاد, والناس منهم من يغلون في الأئمة, وجعلوهم حكما على النصوص, فكل نص خالف قول إمامه فهو إما مؤول وإما منسوخ, ومنهم من لم يعرفوا الاستنباط, وأخذوا الظاهر, وألغوا القياس كما فعل أهل الظاهر, والحق اتباع الدليل مع الاستفادة من كلام العلماء والفقهاء فهم كالنجوم نهتدي بهم لمعرفة الحق. الوسطية في باب الجهاد, فمن الناس من وظف الجهاد توظيفا غير شرعي , فقتلوا الأبرياء وسفكوا الدماء, وخالفوا العلماء, وخرجوا على الحكام وفجروا البنى التحتية وارتكبوا سلسلة من المظالم التي سموها جهادا. ومنهم من صار ينكر الجهاد بل ويغير المصطلحات الشرعية القرآنية, بل وصل الأمر إلى أنهم غير مستعدين لتسمية الكافر كافرا والفاسق فاسقا, بل يصفون الكفار والفساق والمجرمين ... بأنهم الأخر لكسب رضاهم, وألغو الجهاد وتنادوا بالتعايش السلمي... فالحق أن الجهاد حق وهو قائم إلى قيام الساعة بشروطها الشرعية المعتبرة تحت ولاية حاكم شرعي... الوسطية في الولاء والبراء, فمنهم من ولى أعداء الله وفتح لهم البلاد, واعتنق أفكارهم واغتر بحضارتهم, وافتخر بلغتهم, وجهل أهل ملته وسفههم ووصفهم بالتخلف... وقابل هؤلاء قوما أبطلوا حقوق أهل الذمة, وسفكوا دمائهم... وتوسط أهل السنة فأعطوا أهل الكتاب حقهم كما بينه الله في كتابه {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن» {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا».والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل عليه اليهود, وكان يدخل على اليهود ويجيب دعوتهم, ويعودهم إذا مرضوا ويحسن إليهم ويتعامل معهم.