لم يكد يجف المداد الذي كتبت به اتفاقية المصالحة بين تشاد والسودان حتى شن المتمردون التشاديون هجوماً كبيراً توغلوا فيه مئات الكيلو مترات داخل الأراضي التشادية مهددين مرة أخرى باقتحام العاصمة التشادية واقتلاع الرئيس ديبي. وقد جاء هذا الهجوم في وقت كانت تتطلع فيه الانظار إلى لقاء قمة بين البشير وديبي في العاصمة الليبية ليسدل الستار نهائياً على الخلاف السوداني التشادي ولكن مسارعة تشاد إلى اتهام السودان بتدبير هذا الهجوم وأن السودان لا يحترم العهود والمواثيق سيلقى بظلال من الشك حول عقد هذا اللقاء. ورغم نفي السودان لتدبير هذا الهجوم إلاّ أن تشاد لم تعد تصدق ذلك ، وواضح من نبرة المسؤولين التشاديين الذين تحدثوا عبر وسائل الإعلام أن تشاد تحمل المسؤولية كاملة للسودان في هذا الهجوم. ولكنني أرى أن تشاد تسرعت فلا يعقل أن يدبر السودان هذا الهجوم في وقت بدأت فيه ملامح السلام تسود علاقات البلدين كما أن هذا الاتفاق يصب في مصلحة البلدين بتأمين حدودهما من خلال قوات مشتركة وآلية تضمن تنفيذ اتفاق المصالحة. وفي الغالب أن يكون الهجوم تم بتدبير المتمردين أنفسهم حيث إنهم قد يرون في اتفاق المصالحة تهميشاً لدورهم وقطع طرق الامدادات الآتية لهم عبر الأراضي السودانية. ومهما يكن فإن الخاسر من هذا الهجوم ومن أي توتر بين تشاد والسودان هو دارفور وقضيتها حيث أن بوابة الحل لهذه القضية تمر عبر المصالحة بين البلدين وليس عبر الاحتراب بينهما.