العمل الشريف مطلب كل إنسان في هذه الدنيا ليعيش خلالها حياة رغيدة بكل أمانة وشرف ، والإخلاص فيه أمر واجب ، وخلق سامٍ ، ومن صفات المؤمن الحق ، وهدف رئيسي من أجل زيادة الإنتاج ، وخدمة الوطن والمواطن ، وتأكيد حسن المسؤولية ، والالتزام به من أهم الواجبات الوظيفية ، ولا يكون في عمل دون آخر ، قال عليه الصلاة والسلام : (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) فالإتقان سمة من سمات الشخصية المسلمة التي يربيها الإسلام فيه ، وهدف من أهداف الدين الذي يسمو ويرقى به المسلم ، وهو الذي يحدث التغيير في السلوك والنشاط ، فالمسلم مطالب بالإتقان في كل أعماله دنيوية كانت أم أخروية ، لأن كل عمل يقوم به المرء بنية العبادة هو عمل مقبول عند الله يُجازى عليه ، قال عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل أمريء مانوى) قال يحيى ابن كثير - تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل - ومن خلاله تقوم الحضارات ، وتثرى الحياة وتنعش ، والإخلاص في العمل لا يكون إلا بإتقانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فالموظف عندما يؤدي عمله على أكمل وجه دون نقص يكون قد جمع فيه العبادة والإخلاص والإتقان نتيجة المراقبة الداخلية المرتبطة بمولاه تبارك وتعالى ، يقول أحد دعاة الإسلام - إن المسؤولية في الإسلام مغرم لا مغنم ، فاصرف نظرك أن تظن أن المنصب وسيلة لك إلى السعادة ، فلن يكون إلا إذا جعلته لله سبحانه – فهدف الوظيفة الأساسي إنجاز الأعمال الوظيفية بإخلاص ، وإتقان الآداء مع سرعة الإنجاز بدرجة عاليه من الجودة ، وقضاء حوائج المراجعين وعدم تأخيرهم أو تعطيلهم ، لما في ذلك تفريج لكروبهم ، وتيسير لأمورهم ، قال عليه الصلاة والسلام: (من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) فهذا جزاؤه في الآخرة من رب العالمين ، أما في الدنيا فيكون مقابل مبلغ مالي يتقاضاه الموظف في نهاية كل شهر ، فإن أخلص وأتقن فيما أسند إليه كان راتبه حلالاً عليه ، وأما إذا أخفق لأي أمر كان كإهدار للوقت بالخروج المتكرر من العمل اعتماداً على أن هناك من سيقوم بالعمل بدلاً منه ، أو التنقل بين المكاتب وإشغالُ الموظفين الجادين عن أعمالهم ، أو الحديث في الهاتف دون جدوى ، أو الإخفاق في أداء الواجبات الموكلة له .... فعليه أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب (يَا أَيُّهاَ الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) فالمال المكتسب بهذه الطريقة حري أن يكون وبالاً على صاحبه ، وأن لا يبارك له فيه ، فليحذر العاقل من مغبته الوخيمة ، قال عليه الصلاة والسلام: (لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت ، وكل لحم نبت من سحت كانت النار أولى به) وقال يحيي بن معاذ رضي الله عنه : الطَّاعة مخزونة في خزائن الله تعالى ، ومفاتحها الدُّعاء ، وأسنانه أكل الحلالِ ، فإذا لم يكن في المفتاح أسنان ، فلا يفتح الباب ، وإذا لم تفتح الخزانة كيف يتوصل إلى ما فيها من الطاعة . فصُنْ لُقْمتَك ، وأطب طُعمتك حتىَّ يتبين لك مبيض صالح العمل من مسود خيط الأمل من فجر الأجل ، ثمَّ أتمِ صيامَ الجوارح عن حرام طعام الآثام إلى ليل القيام . همسه : من شاهد في إخلاصه الإخلاص ، فإن إخلاصه يحتاج إلى إخلاص . ومن أصدق من الله قيلاً (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .