أكد خطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب نداءات خادم الحرمين الشريفين للوحدة والائتلاف ونبذ الفرقة والاختلاف في قمة الكويت هو نداء الشرع والعقل وهو الواجب والأمل .وأضاف فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بالمسجد الحرام : ان الحرب على غزه لم تكن كسائر الحروب بل كانت خرقا صارخا لكل معاني الإنسانية ومصادرة للقيم والأخلاق مشيرا إلى أن العالم شاهد أبشع أنواع التدمير والقتل والإبادة من ترسانة حربية هائلة وأسلحة محرمه وتدمير جماعي يدك القرى والمدن ويهلك الحرث والنسل ولا يفرق بين المرأة والطفل والمدرسة والمسجد والبيوت والمستشفيات . وأكد فضيلته إنها حرب مجنونه تبرأت منها كل معاني الرحمة والعقل لافتا النظر إلى أن الجميع رأى ما تقشعر منه الأبدان من آثار القتل والعدوان موضحا أن ذلك كله على شعب اعزل ومحبوس ومحاصر والنتيجة دمار هائل وآلاف القتلى والجرحى وكل ذلك تحت سمع العالم وبصره وفي حادثة أحرجت المنظمات الدولية وأسقطت الأقنعة وكشفت زيف الشعارات . وبين أن الدماء والأشلاء والنفوس والأرواح لها ثمن يجب أن لا يضيع وأن التضحيات الجسيمة التي قدمتها وتقدمها غزه لم تكن بدون ثمن ويجب أن لا تذهب هدرا مشيرا إلى أن الموقف اليوم هو موقف قطاف واستثمار ومحاسبه وليس موقف بكاء وتلاوم . وفي المدينةالمنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم في خطبة الجمعة أمس إن قدر المقادير والآجال ونسخ الآثار والأعمال وخلق السموات والأرض والموت والحياة للابتلاء ، قال سبحانه (وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا) فجبلت الدنيا على الأخطار والأقدار هذا مبتلى بالجوع وهذا بالخوف ، وذلك بنقص الأنفس وأولئك بالأموال. وأضاف فضيلته يقول : إن المحن لا تعرف زماناً ولا مكاناً ولا جنسا ولا سنا ، قال جل وعلا (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) والإيمان بالأقدار خيرها وشرها ركن من أركان الإيمان والمؤمن ثابت عند الشدائد والعظائم لا تزعزعه البلايا والمحن يسير على القضاء كيفما كان مؤمناً به مفوضا أمره إلى الله متوكلا عليه. والابتلاء مسلك العظماء ، قال النبي صلى الله عليه وسلم (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل بالأمثل يبتلى الرجل حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفف عنه) وابتلاء المؤمن لتمام أجره وعلو منزلته ، قال عليه الصلاة والسلام (وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض وما عليه خطيئة)، قال بن رجب رحمه الله (وإنما يعرف قدر البلاء إذا كشف الغطاء يوم القيامة والمسلم عزيز عظيم لا ينكسر أمام البلايا). وسرد ما تعرض له الأنبياء من ابتلاء وقال كان نهج الأنبياء عليهم السلام القوة عند البلاء والثبات على الدين عند المحن ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم إني اسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد) والخليل إبراهيم عليه السلام كسر الأصنام وقال أعداؤه فآتوا به على أعين الناس ليروا عذابنا له فلم يخش منهم وقال لهم أف لكم ولما تعبدون من دون الله ، وهددوه بالحرق بالنار فلم يزيده إلا أملاً بالله وقال رب هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم ، ولما قال له أبوه يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك لم يضعف عن الدعوة وقال له سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً . ويوسف عليه السلام وهو في السجن لم يبعده حزن عند الدعوة للتوحيد يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار . ولوط عليه السلام قال له قومه لئن لم تنته يالوط لتكونن من المخرجين فقال لهم بعزة إني لعملكم من القالين ، إي المبغضين . وشعيب عليه السلام توعدوه بالإخراج إن لم يتبع دينهم فقال لهم قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها . ويونس عليه السلام لم يثنه الهم عن التعلق بربه وهو في بطن الحوت بل كان ينادي ربه بالتوحيد لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . وفرعون يتهم موسى بالجنون ويقول إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون وموسى لا يضيره كلامه ويدعوه إلى الله ويقول رب هو رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ، ولما جمع فرعون سحرته لإرجاف موسى قال لهم موعدكم يوم الزينه ، أي يوم العيد ، ليرانا جميع الناس وكان ذلك في موقف مهول وقال موسى وهو واثق بنصر الله القوا ما أنتم ملقون ولما خذله بنو اسرائيل واستنكفوا عن القتال معه وقالوا إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون لم يتوان عن إنفاذ أمر ربه بل قاتل وقاتل معه اتباعه ونصرهم الله ، ولما خرج من مصر تبعه فرعون فإذا البحر أمامه وفرعون خلفه فقال أصحاب موسى إنا لمدركون وقال بإيمان راسخ وقوة بالله كلا إني معي ربي سيهدين . ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم حبس في شعب من شعاب مكة ثلاث سنوات فلم يتوقف عن الدعوة وسخروا منه بالقول وقالوا ساحر وكذاب ومجنون فأعرض عنهم وأخرجوه من بلده مكة إذ أخرجه الذين كفروا ثاني إثنين فأكمل إبلاغ رسالة ربه في بلد آخر ، وفي بدر يرى كثرة المشركين ويقول إني أريت مصارع القوم ، وانهزم في أحد وسار إلى خيبر للقتال وتجمعت عليه الأحزاب في غزوة الأحزاب ثم سار إلى مكة لفتحها ، وانهزم في حنيف وغزا الروم في تبوك ، وكسرت رباعيته وشج رأسه وسال الدم على وجهه وسحره اليهود ووضع له السم وربط الحجارة على بطنه من شدة الجوع ورمي في بيته بالإفك ومات ستة من أولاده فلم يبق له من أولاده إلا فاطمة رضي الله عنها فما صده ذلك عن نفع الناس بالعلم والنور . وتابع فضيلته يقول إن الله أثنى على صبر الرسل وعزيمتهم بقوله (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) . والصحابة رضي الله عنهم أخرجوا من ديارهم فما وهنهم الخروج عن نصرة الدين فجعل الله كنور كسرى وقيصر تحت أيديهم ، وفي غزوة الخندق يمسهم البرد والجوع والقلوب لدى الحناجر من الخوف وصبروا لإبلاغ دين الله ، وأصابهم مصاب جلل وهو وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقف حزنهم على موته عائقاً دون استمرارهم في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله فساروا على نهج نبيهم صلى الله عليه وسلم في حياته فأنفذ أبو بكر رضي الله عنه جيش أسامه وقاتل المرتدين وقاتل ما نعي الزكاة ، ونصر الله الإسلام وأظهره على الدين كله وخضعت أمم الأرض ودخلت في دين الله أفواجاً . وبين فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم في ختام خطبته أن دين الله متين والله ناصره وناصر اتباعه ، قال عز وجل (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) ولئن ضعف المسلمون في زمن فالله ناصرهم إن عادوا إليه (إن تنصروا الله ينصركم) ولئن انكسر المسلمون في موقف فهم المنتصرون وإن انهزموا ومحنة المؤمن خفيفة منقطعة ومحنة الكافر شديدة متصلة ، قال جل شأنه (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) . وفرح الكافرين بنصر على الضعفاء هو ذل لهم ، قال عز وجل (إن الذين يحادون الله ورسوله اولئك في الأذلين) . قال بن القيم رحمه الله (ما يصيب الكافر من العز والنصر دون ما يحصل للمؤمنين بكثير بل باطن ذلك وكسر وهوان وإن كان في الظاهر بخلافه وإمهال الله لظلم الكافرين ليزدادوا من الإثم والهوان . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين).