في كل موسم من مواسم الخير والبركة تؤكد لنا حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهما الله قدرتها الفائقة على الإدارة المتميزة لكافة الخطط اللازمة من أجل توفير الراحة والأمن والسلامة لضيوف بيت الله الحرام بدقة وعناية. ويأتي نجاح موسم حج هذا العام تتويجا للجهود الجبارة والإمكانيات الضخمة والخطط الموضوعة التي تسعى باستمرار إلى تسخير كافة التسهيلات لجعل فريضة الحج أمرا يسيرا على ذلك التجمع الفريد في بقعة مضيئة من أرض مباركة تدعى المشاعر المقدسة. وعليه فإن قدسية المكان والزمان تحتم علينا نحن أمة الإسلام استضافة حجاج بيت الله الحرام والعمل بكل ما لدينا من موارد بشرية ومادية لإكمال فريضتهم وفق منظومة متكاملة تضيف إلينا شرف خدمة ضيوف الرحمن. إن نجاح تنظيم وقوف ملايين المسلمين بعرفات، وخطة التصعيد لمنى يوم التروية، ومن ثم إلى عرفات، والنفرة إلى مزدلفة فمنى مرة أخرى، إضافة إلى تفويج الحجاج لجسر الجمرات لرمي جمرة العقبة في اليوم الأول دون حدوث أي اختناقات أو تكتلات بشرية تؤثر على سلامة الحجيج أو عند رمي الجمرات الثلاث في بقية الأيام يؤكد بأن كافة الجهود التي بذلت كانت تبحث عن السهولة واليسر في تنقل الحشود الكبيرة بطريقة غاية في الدقة والتنظيم. كما أن المشروعات التطويرية في الحرمين الشريفين أو المشاعر المقدسة ساهمت مساهمة فعالة في هذا النجاح خاصة مشروع جسر الجمرات ذو التصميم الفريد الذي نفذ عليه حيث يشتمل على العديد من المداخل والمخارج مما ساعد في انسيابية تحرك الحجاج دون احتكاك أو ازدحام أو تدافع. كما أن البحث عن حلول منطقية والمحاولات المتوالية في القضاء على ظاهرة الافتراش والتأكيد على أنه (لا حج إلا بالتصريح) حد من أعداد المخالفين للنظام وزاد من عملية تنظيم الحج. وارتفعت الأصوات بالدعاء والتوفيق للتوسعة المباركة التي تمت في المسعى وساهمت بشكل كبير في أداء الحجاج لشعيرة السعي وسط راحة تامة. إن أيام الحج تعد الحدث التاريخي الأعظم في سجل الأشهر الزمنية، وخدمة الحجيج تمثل الشرف الإنساني الأبرز والمستويات الخدمية الأفضل، وتجسد الطاقات السعودية الأمثل في تنفيذ الخطط الأمنية والخدمية والتنظيمية والوقائية التي تقدمها سعياً منها لضمان تأدية جميع المسلمين بأعدادهم المتزايدة وتدفقهم من مشارق الأرض ومغاربها للركن العظيم بكل سهولة ويسر. فالحمد لله من قبل ومن بعد أن يسر للمسلمين حج هذا العام ومكنهم من أداء مناسكهم بطمأنينة وسلام وأمان. عام بعد عام يتصاعد مستوى التنظيم والنجاح ويزداد الرقي في تقديم الخدمات وتنفيذ الأفكار، بعد توفيق المولى عز وجل وتوجيهات قادة البلد الذي كرمه الله بالبيت الحرام ، وشرّف قيادته بخدمة حجاج بيته الكرام. ولا ريب بأن تحظى الأجهزة السعودية بالتقدير من قيادتها الحكيمة وبالثناء من قبل الحجاج ، كيف لا وهذا الركن من أركان الإسلام يشرف عليه سنوياً بتواجده خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود، يسانده عضده وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظهما الله ورعاهما - وبمتابعة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا ، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية . وتمثل هذه المناسبة العظيمة تلاحماً بين القيادة والشعب من أجل تحقيق الأهداف، تطرزها الالتفافة الحانية من سمو وزير الداخلية وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز باستضافة أسر شهداء الواجب لأداء مناسك الحج بمتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، وتقديم كل الامكانيات لهم لتسهيل تنقلاتهم وسكنهم واعاشتهم ورعايتهم طبياً تكريماً لهذه الأسر، وعرفاناً بتضحيات ذويهم الذين قدموا أرواحهم فداء للدين ثم الوطن. فالتوجيهات والاستعدادات والتكاتف والتعاون من أجل الوقوف على كافة التنظيمات وتسخير الإمكانيات حتما يتوج بالتفوق وروعة الأداء ، فالقيادة (الرمز) هي الأساس الذي يسقي الجذور حب الوطن الذي منحنا (الهوية) والتفاني في العطاء. وحيث إن المعادلة لن تكتمل إلا بتضافر الجهود يظل أبناء هذا الوطن المخلصون هم السواعد التي حملت شرف المسؤولية فقد بذلوا الجهود المخلصة التي أثمرت في تحقيق هذا النجاح الذي لمسه الجميع على كافة المستويات، فلهم منا خالص الشكر والتقدير، سائلين الله العليم أن يبارك في جهودهم لخدمة دينهم ووطنهم. فالحمد لله على فضله وتوفيقه بأن يسّر حج هذا التجمع الكبير ، ثم العرفان والتقدير لحكومة المملكة العربية السعودية ممثلة بكافة الوزارات والقطاعات الحكومية والمؤسسات الأهلية والأفراد وكل مواطن سعودي كريم على ما قدّموه ويقدّمونه من جهود لخدمة حجاج بيت الله وضيوفه ، وهو العمل الذي نتشرّف به جميعا بكل فخر ومحبة وبلا منّة ولا معروف، ونسأل الله أن يؤجر بلادنا وحكومتنا عليه بالأمن والسلام. ونسأل العلي القدير أن ُيعيد حجاج بيت الله الحرام إلى بلادهم ويتقبل منا ومنهم صالح الأعمال إنه سميع مجيب. مع أخلص التهاني القلبية وأصدق الأمنيات الأخوية بأن يعيد المولى العزيز هذه المناسبة على الأمة الإسلامية بموفور الصحة والسعادة وكل عام والجميع بألف خير.