( لبيك اللهم لبيك) ..جملة تهتز لها الكرة الأرضية بما فيها وما عليها من ظواهر طبيعية بشرية وغير بشرية.. جملة تنطلق من حنجرة واحدة ، ولو تعددت اللكنات, جملة تنطلق في وقت واحد ، وفي أيام معدودة ، وفي مكان محدد ومعلوم. مكان يتباهى به الرحمن ويتجلى على عباده ويقول لكافة ملائكته انظروا ملائكتي هاهم عبادي أتوني شعثاً غبراً يرجون ويأملون رحمتي ومغفرتي وقد أيقنوا واقروا أنني أنا الله لا إله إلا أنا.. اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم أجمعين. يالها من نعمة وياله من تكريم ويا له من إحسان من رب غفور رحيم يضاعف الحسنات لعباده المخلصين الذين تركوا كل شيء يملكونه وأتوا مشاعره المقدسة كما فعل صفيه وخليله المصطفى محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم واقتدى به الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. ( لبيك اللهم لبيك).. جملة لو أننا أردنا أن نشرحها لما كفتنا صحف الدنيا على حمل واستيعاب الشرح لأنها كبيرة في معناها جليلة عظيمة في مفهومها ومغزاها.. فيها الخضوع والسمع والطاعة لوجهه الكريم .. كيف لا وقد أنعم علينا بأن حال الحول واستطاع بعضنا من تأديتها, كيف لا وقد انعم علينا سبحانه وتعالى بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى .. لو حُرِمنا منها لما استطاع احد أن يعطينا إياها أو يمنحنا إياها إلا بقدرته ومشيئته فسبحانه من خالق عظيم قادر متفرد بالإحسان والمنة على عباده الذين اخلصوا نياتهم تجاهه. ( لبيك اللهم لبيك ).. جملة تهتز لها السماوات والأرض ومن فيهن .. في منظر تتجلى فيه كلمة التوحيد واضحة لكل من أراد أن يطمسها أو يشوشها..فهذه أمة لا إله إلا الله .. أمة محمد تجتمع من كل حدب وصوب لا لكسب مادي أو غيره بل تجمعوا ليكسبوا رضوان ورحمات خالقهم .. وهم موقنون بالإجابة والعطاء منه سبحانه وتعالى.. ولو أنهم تجمعوا لأمور دنيويه لاختلفوا في توافدهم .. ولتأخروا في وصولهم ولتعددت ملابسهم ولكنهم تجمعوا له سبحانه وتعالى فكان هذا الإنسجام وكان هذا الإنضباط والتوحد في كل شيء.. ونحمد الله في هذا البلد الكريم بأن خصنا الخالق العظيم وأكرمنا بخدمة حجاجه دون سائر الخلق وله في ذلك حكمة وتقدير وعلينا بحق ويقين أن ندرك أهمية هذا التكريم السماوي لنا وعليه يجب علينا أن نكون رحماء في تعاملنا مع ضيوفه رفقاء بهم لأن هذا قدرنا منذ الأزل وسيظل إلى أن يطوي الله السماوات والأرض كطي السجل..فلبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .. لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.