سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محاولات تعطيل الحلول في لبنان هي ذاتها التي تسعى إلى تعميق الشرخ الفلسطيني أكد وضوح سياسة المملكة.. الأمير سعود الفيصل:
سننتظر من قمة دمشق تحركاً إيجابياً على الساحة اللبنانية لتنفيذ المبادرة العربية
أوضح صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير اكد بكل وضوح على سياسة المملكة العربية السعودية القائمة على مبادىء الصدق والشفافية في تناول القضايا العربية والاسلامية، والالتزام بالمواثيق والعهود، وتغليب المصلحة الوطنية العربية على التحالفات الخارجية، واستثمار العلاقات الدولية في خدمة القضايا العربية المصيرية وتنطلق هذه السياسة من حرص المملكة على تكريس التضامن العربي المستند على وثيقة العهد والتضامن التي أقرها القادة العرب في قمة تونس واضاف سموه في بيانه الصحفي الايجازي انه وفي هذا الاطار تمحورت جهود المملكة السياسية الأخيرة في اطار الجامعة العربية وعلى الساحتين العربية والدولية وكانت المملكة تتطلع الى أن تكون قمة دمشق العربية محققة لهذه الاهداف، غير ان ما لاحظناه للأسف الشديد حتى الان من خلال الظروف المصاحبة لعقد القمة انها لا تبشر بهذه النتيجة، او ما نأمله ونتطلع اليه منها. وقال سموه ان القضية الفلسطينية تظل قضية العرب المصيرية التي تحظى بجل اهتمام حكومة المملكة العربية السعودية وجهودها الحثيثة في سبيل اعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني على أسس الشرعية الدولية وقراراتها، ومبادرة السلام العربية، واذا كانت هذه القضية تعاني من تعقيدات وابعاد دولية ناجمة عن الاحتلال الاسرائيلي الاجنبي للاراضي العربية، وتستلزم جهودا مضاعفة على الساحات الدولية، فان مشكلة لبنان كان يمكن ان تمثل نموذجا لحل ازمة عربية في اطار البيت العربي، خاصة في ظل توصل الجامعة العربية لخطة متكاملة ومتوازنة لحل الازمة تستجيب لمطالب جميع الاطراف اللبنانية وتحقق التوازن فيما بينهم، بعيدا عن السيطرة على اتخاذ القرار او تعطيله بين الاكثرية والاقلية النيابية، وقد حظيت المبادرة باجماع عربي كامل بدون استثناء بما في ذلك سوريا، كما انها حظيت بتأييد دولي واسع في اطار الجهود الحثيثة للمملكة واشقائها العرب على الساحة الدولية، التي كان احد أهدافها النأي بلبنان عن اي تدخلات خارجية من شأنها تعقيد الوضع. الا انه في المقابل وللأسف الشديد كانت هنالك محاولات لتعطيل الحل العربي في لبنان، بل وترسيخ التدخل الخارجي على الساحة اللبنانية، وهذه المحاولات بدأت منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري رحمه الله والاغتيالات التي اعقبتها لنفس التيار، ثم استقالة الوزراء في الحكومة اللبنانية، في محاولة لتجريدها من شرعيتها والعمل على التحريض والمساعدة باتجاه تجميد مؤسسات لبنان الدستورية بما فيها البرلمان دون اي مسوغ دستوري او قانوني. وقد حاولت المملكة بدأب منذ بداية الازمة الوصول الى حل توافقي يحفظ مصالح الجميع، واستثمرت في ذلك تأثيرها على الساحة اللبنانية الناجم عن عضويتها في اللجنة الثلاثية المشكلة من القمة العربية لوقف الحرب الاهلية اللبنانية، ورعاية المملكة لاتفاق الطائف، ودعمها الاقتصادي المستمر للبنان واعادة إعماره، وايضا انطلاقاً من واجبنا القومي تجاه دولة عربية شقيقة، دون ان يكون هنالك للمملكة اي أهداف أو أطماع او مخططات غير معلنة سوى تجاوز لبنان لمحنته، وتحقيق أمنه، واستقراره وازدهاره وذلك ما يدركه كل اللبنانيين. وقد حرصت المملكة في تحركها منذ البداية على المحافظة على مسافة واحدة من كافة الاطراف اللبنانية، وحثهم على انتهاج اسلوب الحوار والتوافق وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية الضيقة، بل وحرصت ايضا على بذل الجهود لاقناع فريق الموالاة بالاستجابة مرة تلو الاخرى لأي مقترحات ايجابية للمعارضة كانت تطرح من قبل السيد نبيه بري باعتباره ممثلا للمعارضة حينئذ غير انه في كل مرة يتم فيها قبول حل يواجه برفض آخر يعيد الامور الى نقطة البداية. وللأسف الشديد استمر نفس النهج في التعامل مع المبادرة العربية سواء في تعطيل ما يتم التوافق عليه، أو تكريس النفوذ الخارجي على الساحة اللبنانية على حساب مصلحة لبنان العليا التي تحظى بدعم عربي كامل، مع عدم وجود اي مبررات منطقية او مفهومة لأسباب تعطيل المبادرة المستوفية لكافة طلبات الاطراف المعنية بانتخاب فوري لرئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والعمل على ايجاد صيغة قانون جديد للانتخابات، واجراء انتخابات نيابية في الموعد المتفق عليه. ومن المثير للأسف ان الأمر لم يقتصر على تعطيل المبادرة التي اقرت باجماع عربي كامل، بل تجاوزه الى حد هجوم بعض الاطراف اللبنانية السافر على الجامعة العربية التي تعتبر أهم المؤسسات الدستورية العربية، في محاولة للتقليل من احترامها وشأنها، الامر الذي من شأنه ايضا التقليل من احترام بقية المؤسات الدستورية العربية واضعاف دورها الهادف الى تعزيز وتطوير العمل العربي المشترك. ان هذا الهجوم يتطلب وقفة حازمة لاعادة الاحترام لمؤسساتنا الدستورية العربية، والحفاظ على مصداقيتها وعلى رأس هذه المؤسسات الجامعة العربية التي تشكل حلفا فريداً بين أعضائها ورمزاً لا يجوز التعدي عليه، مما يتطلب منا انتهاج نفس السياسات الحازمة للمؤسسات السياسية الدولية الاخرى المماثلة التي تفرض عقوبات رادعة في حالة تعطيل او عدم تنفيذ اي قرار يصدر عنها بالاجماع، الأمر الذي سيمكننا من اعادة الاحترام لمؤسساتنا العربية، وطمأنة دولها وشعوبها بوقوفها الى جانب قضاياهم المشروعة. وغني عن القول ان محاولات تعطيل الحلول في لبنان وضرب قرارات الجامعة العربية عرض الحائط، هي ذاتها المحاولات التي تسعى وبشكل واضح وملموس الى تعميق الشرخ الفلسطيني، وتعطيل الحلول السياسية في العراق. والعبث في القضايا العربية بشكل عام. وعلى الرغم من ذلك فقد حرصت المملكة على المشاركة في قمة دمشق ولو بالحد الادنى حرصا منها على التضامن العربي، خاصة وان المملكة لم يسبق لها ان قاطعت قمة عربية من قبل. ويعود مستوى تمثيل المملكة في القمة الى الظروف والملابسات المؤسفة التي اشرت اليها، والى قناعة المملكة ان الاسلوب الذي انتهج في التعامل مع القضايا العربية التي سيبحثها المؤتمر لن يكون مؤدياً الى لم الشمل العربي وجمع كلمته وتحقيق التضامن خاصة في هذا المنعطف الخطير والحرج الذي تمر به امتنا العربية والتحديات الكبيرة التي تواجهها. ومع ذلك فاننا نأمل كما يُقال اننا قد اخطأنا حيث اصبنا، وأن تخرج القمة بحل للأزمة اللبنانية وفق مبادرة الجامعة العربية، والتي بذل امينها العام جهداً كبيراً لتنفيذها مع الأطراف اللبنانية، خاصة وأن القمة تعقد في دمشق التي لازلنا ننتظر منها تحركاً ايجابياً على الساحة اللبنانية لتنفيذ المبادرة، استكمالاً للجهود الحثيثة للمملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية، كما نأمل ان تنجح القمة في رأب الصدع العربي ولم الشمل وتغليب المصلحة القومية العربية على المصالح الخارجية.