اليوم وفي عدد الختام لجريدة الندوة.. نتقدم بتحية اكبار واعزاز لروادها الأوائل، الذين أداروها ورأسوا التحرير فيها كجريدة لمكةالمكرمة، البلد الأمين، المكان الذي اختصه الله جلت قدرته ليكون خير الأماكن وأقدسها على وجه المعمورة فجعله الله حرماً آمناً، منذ ان رفع سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام القواعد من البيت، قال تعالى «ومن دخله كان آمنا» صدق الله العظيم. هذا الأمن الذي كان موجوداً حتى في زمن الجاهلية فكان الرجل يلقي قاتل أبيه أو أخيه في البلد الحرام والشهر الحرام فلا يتعرض له. وقد تجاوز الأمن فيه الإنسان الى الحيوان والطير والنبات وهو ما أكده رسول الله «صلى الله عليه وسلم» يوم الفتح حين قال «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة». هذا النهج الأمين الذي شرعه الله في البيت الحرام كان سابقا لكل محاولات البشر في إيجاد منطقة حرام، يلقى فيها السلاح ويأمن فيها المتخاصمون، وتحقن فيها الدماء، ويجد فيها كل مسلم أمنه ومأواه، وروي عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله : «لأن أخطىء سبعين خطيئة ب «ركبه» أحب إليَّ من أن أخطىء خطيئة واحدة بالحرم». وقال الشاعر: لا يرجع الطرف عنها حين ينظرها حتى يعود إليها الطرف مشتاقا من هذه البقعة الطاهرة المباركة خرجت جريدة الندوة في عهد صحافة الأفراد لأول مرة يوم الأربعاء 26 فبراير من عام 1958م وكان الرائد الراحل رحمه الله الاستاذ أحمد السباعي يملك ترخيصاً يومياً لصدورها إلا انها صدرت مؤقتاً بصفة أسبوعية، ثم اخذ ايقاعها بتسارع بإصدار عددين ثم ثلاثة في الأسبوع، وبعد أحد عشر شهراً توقفت الندوة للمرة الأولى في 18 يناير من عام 1959م. بعد ذلك اندمجت الندوة مع جريدة حراء التي أصدرها الرائد الراحل رحمه الله الاستاذ صالح محمد جمال، وصدرتا باسم «الندوة» في 30 يناير عام 1959م، وكان هذا هو بداية الاصدار للمرة الثانية. وفي 20 مارس من العام نفسه نشرت الجريدة في عددها الخامس والأربعين ان أ. صالح محمد جمال قد اشترى حصة أ. أحمد السباعي وآل إليه امتياز نشرها. وفي 13 يناير 1964م صدر مرسوم ملكي كريم بالغاء صحافة الأفراد، وتحولت من حينها الصحافة السعودية إلى المؤسساتية... حيث أعلن المرسوم نظام المؤسسات الصحفية الأهلية، ونشأت من خلاله ثمان مؤسسات صحفية، احداها «مؤسسة مكة للطباعة والإعلام» في 9 مارس من العام ذاته بمجلس ادارة مكون من عشرين عضوا، وصدرت جريدة الندوة من خلالها وبات ترخيصها ملكاً للمؤسسة الجديدة في 14 مارس 1964م لتكون الجريدة الوحيدة الصادرة من مكةالمكرمة. واليوم ونحن على أعتاب حقبة جديدة من تاريخ هذه المؤسسة، تقف الندوة عن الصدور نهائياً وفي القريب العاجل بحول الله يصدر العدد الأول من جريدة «مكة» بدلاً عنها.. لابد لنا ان نسجل الشكر لله أولاً ثم لكل عامل أسهم في دوران مطابعها ولكل قلم أشرق على صفحاتها وقبل هذا يتوجب علينا أن نقدم الشكر والعرفان والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود .. على دعمه المعنوي والمادي لهذه المؤسسة وكلنا يدرك عظيم المكانة التي تحتلها مكةالمكرمة في قلبه الأمين.. وهو الذي أولاها كل حب ورعاية واهتمام .. حفظه الله والدا وقائداً.. وحفظ ولي عهده الأمين سنداً وساعداً. ورعى الله المملكة العربية السعودية موطناً للخير وواحة للأمن والأمان. وفي القريب العاجل بحول الله .. سيكون لنا لقاء مع القادم مع المستقبل.. والذي ندعو الله مخلصين أن يستمد إشراقاته من نور مكةالمكرمة. فحتى حين لكم التحية والسلام....