لعل مباراة إسبانيا وفرنسا في ربع نهائي اليورو كانت الأسوأ في المسابقة حتى الآن بعد أن شاهدنا منتخباً إسبانياً متراجعاً وخائفاً يحرص على عدم المغامرة بتقدمه الذي حققه في الشوط الأول. لكننا التمسنا للإسبان عذر الواقعية والحاجة إلى تخطي الديوك للعبور إلى المربع الذهب دفاعاً عن اللقب. لكننا لم نتمكن من إيجاد العذر المناسب للمتادور بعد أن قدم أداء غير مقنع أمام البرتغال التي ما زالت تتحسس طريق الألقاب والإنجازات والأمجاد في عالم المستديرة. لم نشاهد متعة التيكي تاكا التي عودنا عليها اللاروخا، وإنما شاهدنا فريقاً يميل إلى لعب التيكي باكا، إن صح التعبير، حيث تراجع الإسبان أكثر من المعتاد رغم أن النتيجة كانت تشير إلى التعادل السلبي. في المقابل توقعنا أن تكون مباراة إيطاليا وإنجلترا الأسوأ في المسابقة لأن المنتخبين يميلان إلى الدفاع، غير أن الطليان فاجؤونا بكرة هجومية لم نتوقعها منهم. وقد يشير هذا إلى تغير في الأسلوب الإيطالي الذي بات أكثر انفتاحاً في الآونة الأخيرة. نعم دافع الطليان كثيراً أمام المانشفت. لكن حتى في دفاعهم كانوا ممتعين ليتفوقوا بفكرهم على الألمان من جديد وتستمر العقدة الإيطالية لأحفاد القيصر بكنباور. لا ننسى هنا أن الطليان واجهوا الفريق الأوفر حظاً لإحراز اللقب والذي رشحه الكثيرون للانتقام من إسبانيا في النهائي. امتصت إيطاليا غضب ألمانيا في الربع ساعة الأولى قبل أن توجه ضربتها عن طريق سوبر ماريو. لو لعبت إيطاليا بأسلوب الإسبان لقالوا إنها الكرة الإيطالية النمطية المملة. فمن كان يتوقع أن تكون مباريات إيطاليا الأكثر إثارة وأن تكون مباريات إسبانيا مملة إلى درجة شعورنا بالنعاس ونحن نتابع. لكن لكي ننصف الماتادور ولا نظلمه نذكر أن الموسم الكروي مرهق جداً خصوصاً في التنافس بين البرسا والريال على مدى أشهر. وربما ادخر الإسبان مجهودهم ليقدموه كاملاً في المباراة النهائية. فعلى عكس الطليان اضطروا إلى التركيز المضاعف أمام ألمانيا، بدا المنتخب الإسباني وكأنه مقتصداً في مجهوده وطاقاته. تبدو المباراة النهائية واعدة، فليس بعدها مباراة تجعل أي لاعب يدخر جهداً، بل إنها أشبه بالعيد الذي يريد كل طفل فيه أن ينفق كل ما لديه من أموال في يوم مبهج. لدى كل فريق أسلحة فتاكة في كافة الخطوط الدفاع والوسط والهجوم. ولا ننسى أن المنتخبين يمتلكان أفضل حارسي مرمى في البطولة إن لم يكن في العالم بأسره.