دعانا صديق قديم لتناول طعام العشاء في مزرعته في ضواحي مكةالمكرمة وهو من الذين أنعم الله عليهم بفضله وكرمه وكان يجلس عند باب استقبال الضيوف يسلم ويرحب أجمل ترحيب بمن دعاهم بدون فوارق اجتماعية وابتسامته المعهودة تدخل في قلب المدعوين البهجة والسرور، ثم جاء موعد العشاء قال تفضلوا جميعا وحياكم الله على ما قسمه الله تعالى ، ثم دلفنا إلى المائدة وتناولنا العشاء جميعا، وبقي هو يراقب ويباشر المدعوين بكرم وصفاء نفس، وقلت له تفضل لتجلس معنا على العشاء قال تفضلوا أنتم وبعد ذلك أنا، جلست أراقب الرجل لماذا لا يأكل معنا، وبعد ان فرغنا كان ينادي بأسماء فلان وفلان حتى اجتمعوا عنده واجلسهم على مائدة كانت محجوزة وجلس معهم لتناول العشاء بكل فرح وسرور، بعد ذلك علمت أن الذين كان ينتظرهم وجلس معهم هم سائقه وحارسه وخادمه ومزارعه ، قلت سبحان الله العظيم الذي أكرمك بهذا التواضع وحسن المعاملة والخلق الكريم. قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين) آل عمران: 159. وقال تعالى:(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) المائدة:2. وقال سيد الأولين والآخرين رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وخالق الناس بخلق حسن). وقال سيد الخلق أجمعين رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ، وكونوا عباد الله اخوانا). وقال الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه : اجعل نفسك ميزانا في ما بينك وبين غيرك، فاحب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها، ولاتظلم كما لا تحب أن تظلم، واحسن كما تحب أن يحسن إليك ، ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك. وقال لقمان الحكيم: من يرحم يُرحم ومن ينصت يفهم، ومن يصمت يسلم، ومن يكثر من الخيرات يغنم ومن يظلم يأثم ، ومن يعتد يندم ، ومن يخالق الناس ينعم. وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه: ان نافرت الناس نافروك ، وان تركتهم تركوك فاقرضهم عرضك ليوم فقرك، وكفى بك ظالما ان تراك مخاصحاً. وقال حكيم: اذا أردت ان تعيش سعيداً لفترة وجيزة فانتقم، واذا أردت السعادة الدائمة فسامح الجميع. فياسادة ياكرام دعونا نعلم أبناءنا وندربهم على حب الضيف واستقباله والابتسام في وجه المسلم وحب الفقراء والمساكين، والتواضع، وحسن المعاملة، والعفو عن الناس والتوكل والبر والتقوى ، والخلق الحسن، وعدم التقاطع والبغض والبعد عن الحسد، والبعد عن الظلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.