كم من مرة وضعت في موقف وشعرت بأن لسانك عقد ولا تستطيع الكلام ؛ وكم من مرة خططت بأن تبدأ حديثك بجمل معينة ثم ضاعت منك البداية بدون أسباب ؛ وكم من مرة أخفقت في ترتيب الجمل أمام مديرك أو موظف لديك أو حتى طلابك وأبنائك ؛ كثيرة هي المواقف التي نشعر فيها بأن الكلمات تناثرت والحروف تطايرت والجمل أبت بأن تنتظم في عقود الكلام ؛ وهو أمر طبيعي جدا خاصة في عصر تزاحمت فيه المعرفة وتضاربت فيه الأحداث وتعددت فيه المشاغل. ربما كثرة الأفكار والمتباينة في أهميتها تلعب دورا كبيرا في إيصال المعلومة للطرف الآخر ؛ فكثيرا ما يفشل المتحدثون في إيصال مغزى معين بسبب اجتماع عدد كبير من الأفكار التي تتصل بالأمر والتي تتوارد على ذهن الشخص وتتقاتل على طرف لسانه في ذلك الموقف ؛ وتجد في موقف الحائر بين ما يذكر وما يتجاهل. كما أن أسلوب عرض الفكرة يختلف وفقا لاختلاف الشريحة التي يخاطبها المتحدث ؛ فقد يشرع في استخدام أسلوب معقد أو كلمات صعبة لا تفهمها شريحة معينة من الناس ؛ لذلك لا تجدهم مقتنعين بالطرح إما بسبب التعقيد في الفكرة أو بسبب البساطة في الطرح لدرجة الخلل في ايصال المضمون. وقد يكون المتحدث بموقف يحكم عليه الحديث في مدة زمنية معينة يجدها في نظره غير كافية، ؛ لذا تأتي الأفكار سريعة ومتداخلة ومتناثرة ؛ أو قد يُهيأ له بأن المتلقين يملكون فكرة جيدة، عما يتحدث عنه لذا يميل إلى العرض البسيط المختصر المخل أو قد يتطرق لبعض الأفكار بشكل طويل وممل أو قد يتجاهل بعض النقاط التي تعتبر عماد الموضوع ومضمونه. والأسوأ من ذلك أن تعترض حديث المتحدث فكرة جذابة فتجده يقطع سير حديثه ويقطع متابعة السامعين له حتى يعرض تلك الفكرة بصورة سريعة ثم يرجع للموضوع الأصلي بعد أن أحدث خللاً في العرض وفجوة في فهم المضمون. إن الحل لهذه المواقف الحرجة مهما اختلفت بسيط وسهل في حالة الالتزام به والعمل على تطبيقه؛ وهو التخطيط للحديث الذي يعد أمراً بالغ الأهمية حتى نضمن إيصال المطلوب على الوجه المرغوب. كن حريصا عن رسم خطة لحديثك تشمل نقاطاً بسيطة ومرتبة؛ رتبها على حسب أهميتها ووفقا للأولوية في الطرح ؛ ودونها بشكل سريع في مفكرتك أو جهازك أو مدونتك ؛ ثم حاول استعراضها قبل البدء في الحديث ؛ ومن المفترض أن تكون هنالك مدة زمنية محددة لكل فكرة بطريقة لا تسمح بالتداخل بين الأفكار أو الاستطراد في فكرة والإهمال في أخرى. كما يفضل أن تقدم هدفك من الحديث في بداية الحوار ثم تختم بملخص سريع عما تريد أن تتوصل إليه , وذلك يساعدك في تقويم الحديث ومعرفة الفائدة العائدة منه. في الختام ؛ ليكن شعارك الصراحة والوضوح والمنطقية في العرض واحرص على الحوار المرفق بأمثلة من تجارب الواقع والحياة فذلك أجدى بأن يستوعبه السامع ويقتنع به ؛ وإذا شعرت بأنك اضطررت للحديث في موقف ما دون تخطيط فتعلم أن تضع لك هدفا سريعا تستعرضه أمامك حتى لا تضيع محاور الحديث لديك. فالحديث فن من السهل أن تتقنه متى امتلكت مهارات الاتصال والتواصل الفعال.