قصيدة ( ياسيد الناس ) للشاعر السعودي ( المكي ) عبدالله باشراحيل مهداة الى وليد مكة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي قراءة روحانية لمناجاة الكلمات المنسابة من فؤاد القصيدة الكامن في جسد الشاعر يتخيل القارئ في مهابة هذا المديح وسلطنة الالهام في حضرة ولادة النبي الذي افتى الوجود بولادته رسالة اختتام البعثات وسُلمتْ ليديه الكريمتين صحائف عهد البشرية : أن لابعدك نبي فأنت خاتمهم ومحجهم وهيبتهم في التقوى والايمان وتحمل الاذى من اجل ان نكون بعدك حضارة وتقى وايمان. وربما قصيدة باشراحيل تضعنا في اجواء العطر ومشارف النداء وكأن الرجل يكتبها بفتوى حلم وطُوبى تعبد وقداس اوجدته مكة فيه فكان عليه ان يبدأ روح التفدي لنبيه بنشيد يمتاز بأقل ما يمكن أن تقدمه تلك الوجدانيات الرقيقة التي وشمت شعره من أول ما نطق القصيدة وحتى هذا الارث الكبير في مجموعاته الكاملة. ولكنه هنا يتخلى عن امتلاك الدنيا ليفتدي سيد الناس بأمتلاك الروح في المناجاة والتصاعد المنبعث من موسيقى الكلمات وكأنه يمارس سجدت التلاوة بحمد الصلاة وحمد القصيدة ليثير فينا دهشة الاصغاء واثارة الوجد واستعادة مشاهد الاثر المكي في حياتنا من اول دموع القديسة آمنة بنت وهب وحتى بياض لحية جده عبدالمطلب ، ليأخذ عبق الشاعر المكي عبدالله باشراحيل بين الجنبات الاثيرة ويُريكَ تفاعلات همسهُ مع المصطفى ورسالته وليشهد معنا في وقائع نصه الشعري ( سيد الناس ) : أشرقت في حلكة الأيام وانتشرت سحائب النور أنداء لكل أبي وطاف حولك ريان الهدى ألقا بالوحي يصدع من قرآننا العربي هذا ريان الهدى ينقله الشاعر عبر عطر القصيدة في الابتهاج الديني والروحاني والعولمي والانساني وكأنك تحسه يمسك برعشة حروفه هيبة الوجدان وغرام حلم الوجد في اطالة الشوق في حضرة نور جعل الدنيا تتغير من حالٍ الى حالٍ. وبكتاب التشريف قرآنه أوجد للبشرية قانونها الجديد ليكون سيد الناس رؤيا تستبشرها روح باشراحيل في ثنايا القصيدة وتتحدث لنا عن جملة الوعي والاكتمال والمديح لثواب مرتجى من الشفاعة عند نبي. لهذا نرى الشاعر يتهادى بمركب وجدانه وموهبته ويسوق لنا مناجاة للروح للنور السماوي ويصرف في دهشة الافتراض حكمته في الموازاة والمهابة والمناجاة حتى لتتخيل ان الشاعر كتب قصيدته الى المصطفى في لحظة خشوع وتوحد مع الذات التي منحتنا رقي وجودنا وقادتنا الى مصاف الامتنان ورسمت لنا مهابات الطريق واضحة واثيرة وملتصقة بكل وحي اتلى منذ أن وطأة اقدام خليل الله ابراهيم عليه السلام ارض مكة وحتى مناجاة حجيج الله في عهد خادم الحرمين الشريفين. وعلى امتداد سفر القصيدة يرينا الشاعر فطنته ودرايته بالمنح الالهية والروحانية لسيد الناس ، سيد مكة ، والارض اجمعها بمشارق ومغارب ، يضعنا في سطوة مديح من يهابه ويتوسل برجاء الروح ويرينا الصفات والمزايا وقيمة ما ارساه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في وجدان البشرية من عطايا وقيم وافكار وليشاهد ويتمعن قارئ القصيدة المناجاة والمناغاة والانشداد بروحانية الكلمة يصوغها الشاعر متتبعا الولادة الكريمة ومهابة تلك السيرة المعطرة ويضعها في درر كلامه والهامه حتى يخيل للقارئ إن القصيدة تقع في خلجات سكرتها الروحية بصفات المديح والاشتياق ووصف المكرمات لنبي اسكن في وجداننا صورة الايثار والدراية والحس. لنشاهد الشاعر عبد باشراحيل يُصعد ُمن ايقاع وجده في تفسير مناجاته بمعرفية المودة والمديح والافتداء والصيرورة لما يعتقده دائما وفي اكثر من رؤى لتجربته الشعرية ومناظراته ومجالسه الادبية : أن مكة تلهمهُ في احتضانها لولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قيمة الكشف وتناغم الوجدان والسعي لتأسيس ملحمة للخير والكلمة ورقي الفعل وكل ما يليق بمكانٍ ولدَ فيه ( سيد الناس ): هذا (محمد) نور الحق مشعله ما ضرَّهُ من رمى بالزيف والكذب هو الذي ما غشى الدنيا إلى ترف ولو أراد لقلنا للقلوب : هِبِي حقا هو في فعل الرؤية هذا يرسم المناجاة بأبهى صورها الشعرية. يسوق لنا من كيان وجدان قصيدته مرادفات الوعي والتعشق لبوح النور الذي يلتصق بجدران بيوت مكة كلها. وكأنهُ يزخرف لنا في محلمته الروحية شذى حب متوارث في آل بيته كلهم. يستعيد باشراحيل قيم التاريخ لمن ورثهم من الاجداد والاباء ويقدم نيابة عنهم عرفان الولاء للمدينة ونبيها ويتصاعد في جنبات نصه انفعال المديح وغشاوة الالهام وكأنه ينظر الى هالة النور مرسومة في وجدان المدينة منذ أن افتدى العلي القدير ولد ابراهيم عليه السلام اسماعيل عليه السلام بكبش والى يوم مولد سيد الناس ومرورا بلحظة كتابة القصيدة لنرى في بحرها تلاطم موج المديح والصلوات وعرفان اللحظة السامية وقراءة ارث الرسالة بكل طموحاتها وثقافاتها وانسانيتها التي الغت عصورا من الشرك والعبث والصنمية. قصيدة ( ياسيد الناس ) للشاعر عبدالله باشراحيل مطولة لوجدان عاطفة الرجل المؤمن أسسَ فيها لبهاء ما يسكنه من فيض محبة ارخت لتواريخ ثقافة الشعر ومنشأه وتربيته البيتية وقادتنا للتمعن في قدرة الموهبه على الاستقاء من نبع الفضيلة والمكرمات ليكون بمقدورنا الابداع بالصورة الجميلة والحس العالي.وقصيدة عبدالله باشراحيل مثلت في هذا الاتجاه قيمة ترادفيه في مناجاة الكلمة وايقاع عمود الشعر وتفعليته المضبوطة على وتر احساس فقه الشاعر وعقله وموهبته عندما الهمته ولادة الرسول الكريم هذه القطعة التناظرية الجميلة بين ملهم عظيم وشاعر فقير اراد في مناجاته ومديحه وسلطنته الحروفية ان يجد له مكانا بين اؤلئك الذين شرفتهم قصائدهم بمدح وليد مكة ودرتها محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. فكانت هذه المقطوعة الملونة بالبوح الايماني تمثل صورة العاطفة في التصاقها بالرمز العظيم والكريم وعلى مدى ابياتها الواحد والعشرين التي يضيف لنا فيها الشاعر عبد باشراحيل مواسم جميلة من الهامه وابداعه ويرينا قدرة الشعر على صناعة الامتزاج الحقيقي في لحظة الشعور الجياشة بتقديم ولاء المحبة والحلم والانتماء الى نبي الرسالة الاسلامية العريقة فيظل صدى صوت القصيدة يحمل انشاده الروحي ببهاء حروف ناظمها وقائلها وهو يقدم فروض اشتياق ووفاء ونداء وارتقاء في حضرة ( سيد الناس ): يا سيد الناس كل الناس راضية أرضاك ربك بالرضوان والغلب لأنت في دارة الدنيا نسائمها وأنت في العين بين الجفن والهدب