دعا المشاركون في مؤتمر مكةالمكرمة الثاني عشر الى مواجهة النزعات الطائفية في المجتمعات الإسلامية والتصدي لعوامل الفرقة والنزاع وترسيخ ثقافة الوحدة الإسلامية. وأوضح البيان الختامي للمؤتمر أن الدعوة إلى الإسلام دعوة إلى الإصلاح الشامل، وذلك بربط الناس بخالقهم، وإرشادهم إلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة، وتلبية حاجات الإنسان الروحية والمادية ، وذلك بترسيخ القيم الروحية وتخليص المجتمعات الإنسانية من عبء المادية والتردي في منزلقاتها، والدعوة إلى الإسلام دعوة عالمية تتجاوز حدود الزمان والمكان، وتحمل في أكنافها الرحمة والخير للجميع. وبين أن من واجبات الدعوة العلم بأحكامها وفقهها، والإدراك العميق لحقيقة الإسلام ومقاصده وغاياته ووسائله، مع المعرفة الواعية بأحوال المجتمع وثقافته وقيمه. ودعا المؤتمر رابطة العالم الإسلامي لإعداد وثيقة تتضمن هذه المبادئ، لتكون عوناً للمؤسسات والمراكز الإسلامية، وطلب من الرابطة التنسيق في ذلك مع الجهات الإسلامية المعنية الرسمية والشعبية. وطالب المشاركون في المؤتمر بتطوير العمل الدعوي ووسائله وصولاً بالدعوة الإسلامية إلى آفاق أرحب، وتخفيفاً من آثار الهجمة المستعرة عليها ، وتجاوزاً للمنعطفات الصعبة التي تعرقل مسيرتها فإن المؤتمر يدعو إلى تعزيز العمل الدعوي ورفده بالطاقات المبدعة، وتطوير وسائله وذلك بالتنسيق بين مؤسسات الدعوة في وضع الخطط والبرامج المتكاملة وتأهيل الدعاة وتزويدهم بالثقافة والمعرفة المناسبة لتطوير وسائل الدعوة والتعامل مع التقنية الحديثة ووسائل الإعلام الجديد، وإنشاء مراكز رصد بحثية للتعرف على الهجمة على الإسلام، ووضع الخطط الناجعة للتعامل معها وتثقيف الدعاة وتبصيرهم بآداب الدعوة وأهمية مراعاة ظروف المدعوين ، ومخاطبتهم بما يناسب أحوالهم، والتعاون مع الجهات ذات العلاقة في سد حاجة بعض المجتمعات إلى الدعاة وتشجيع الدعاة على تعلم لغات المدعوين، ومخاطبتهم بلسانهم، وإنشاء مراكز ترجمة لإطلاع مختلف شعوب العالم على كنوز التراث والثقافة الإسلامية. ودعا إلى الاستفادة من شبكة الإنترنت في المؤتمرات والندوات والاجتماعات ، وتنشيط برامج التعليم الافتراضي عن بُعد، لما في ذلك من حشد الخبرات التي يصعب اجتماعها عبر البرامج التقليدية، ولما فيه من توفير تكاليف المشروعات الدعوية؛ والحث على استخدام وسائط التواصل الحديثة في التكوين والتسيير والمتابعة والإرشاد للدعاة في أنحاء العالم وإقامة المسابقات والمهرجانات والمعارض التي تعرِّف بالإسلام ومصادره ، وتذبُّ عنه، وتخدم أغراض الدعوة الإسلامية ، ومنح جوائز للأعمال الدعوية المتميزة ودعوة وزارات التعليم في الدول الإسلامية إلى تطوير مناهج التعليم بما يتواءم مع الإسلام وحضارته، ومطالبتها بإلغاء ما يتعارض معه ودعوة الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة إلى الاهتمام بموضوع الإعجاز التشريعي في الإسلام، وما فيه من الحلول الإسلامية للمشكلات العالمية الراهنة. ودعا البيان رابطة العالم الإسلامي إلى عقد مؤتمر عالمي للدعوة الإسلامية، لوضع ميثاق للعمل الدعوي، وتحديد يوم عالمي للدعوة الإسلامية لحشد طاقات الأمة المسلمة وتذكيرها بواجب الدعوة، ووضع الخطط الاستراتيجية التي توائم بين مشروعات العمل الدعوي، وتستخلص الدروس من تجارب هذا العمل، وتعالج سلبياته، وتستثمر نجاحاته، وترشد مسيرته. وحث البيان على تشجيع المرأة المسلمة على الإسهام في الدعوة إلى الله عبر وسائل الاتصال الرقمية الحديثة، ومن خلال المؤسسات النسوية، ودعوة الهيئة العالمية للمرأة والأسرة المسلمة في الرابطة بذلك والعناية بشباب الأمة، وحثهم على المشاركة في مشروعات العمل التطوعي، والإفادة من جهودهم وطاقاتهم، ودعوة الندوة العالمية للشباب الإسلامي وغيرها من المنظمات الشبابية إلى دراسة التحديات التي تواجه الشباب المسلم في زمن المتغيرات السياسية والثقافية والاجتماعية وتقديم الحلول لها وتكثيف اللقاءات الحوارية مع أتباع الأديان والحضارات، وتنفيذ مشروعات تعريفية بالإسلام، تستهدف تصحيح الرأي العالمي ، وذلك بمشاركة القيادات الإعلامية والثقافية والدينية والأكاديمية المؤثرة. وطالب البيان بدعم الأقليات المسلمة في جهودها في التعريف بالإسلام في مجتمعاتها، والعمل على صيانة حقوقها المشروعة بالمحافظة على خصوصيتها الدينية والثقافية من التلاشي والذوبان. ودعا المؤتمر الرابطة إلى تنظيم مؤتمر حول ( الشباب والمتغيرات في العالم الإسلامي)، وذلك بالتعاون مع الندوة العالمية للشباب الإسلامي وغيرها من المنظمات المعنية بالشباب. كما دعا المؤتمر الدول الإسلامية إلى تشجيع مؤسسات العمل الدعوي والإغاثي، وعونها في الوفاء بحاجات مجتمعاتها، وطالب منظمات المجتمع الدولي بمراجعة إنسانية شاملة لمواقفها من قضايا المسلمين ومؤسساتهم الدعوية والإغاثية. ودعا المؤتمر الدول الإسلامية إلى اتخاذ الوسائل الجادة لتحكيم الشريعة الإسلامية، واستبدالها بالنظم الوضعية، فالشعوب الإسلامية تتطلع إلى العيش في كنف الإسلام وشريعته العادلة التي تضمن حقوقها، وتقدم الحلول الناجعة لمشكلاتها وبحث المؤتمر أحوال المؤسسات الدعوية الإسلامية حول العالم، واستشعر التحديات التي تواجهها والعاملين فيها، ودعا المسلمين إلى دعم مناشط الدعوة الإسلامية بتنمية مواردها بما يكفل استمرارها في عملها بكفاءة ومسؤولية. ودعا المؤسسات الإسلامية إلى تأسيس مراكز بحثيةٍ متخصصة لتنسيق جهود العلماء في التخصصات المختلفة, وتحويل هذه البحوث النظرية إلى مشروعات عملية، تكفي الأمةَ حاجاتها ، وتحقق لها الاكتفاءَ الذاتي ووضع استراتيجية مشتركة حول ثوابت العمل الدعوي، وتنسيق الجهود والبرامج حول أولوياته؛ بما يؤدي إلى لمِّ الشمل وتجسير العلاقات وتحقيق المصالح العليا للدعوة الإسلامية، والبعد عن كل ما يثير العداوة والبغضاء ويؤجج الفتن بين المسلمين ويضعف شوكتهم ويبدد طاقات الأمة والتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني الاجتماعية والثقافية، والحوار مع مسؤوليها في تحقيق الصالح العام.