مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    الأمن.. ظلال وارفة    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    ضيوف برنامج خادم الحرمين يؤدون العمرة    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    «إسرائيل» ترتكب «إبادة جماعية» في غزة    التحليق في أجواء مناطق الصراعات.. مخاوف لا تنتهي    من «خط البلدة» إلى «المترو»    أهلا بالعالم    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    كرة القدم قبل القبيلة؟!    قائمة أغلى عشرة لاعبين في «خليجي زين 25» تخلو من لاعبي «الأخضر»    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    ضبط شخص افتعل الفوضى بإحدى الفعاليات وصدم بوابة الدخول بمركبته    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    رفاهية الاختيار    النائب العام يستقبل نظيره التركي    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    استثمار و(استحمار) !    وسومها في خشومها    وانقلب السحر على الساحر!    منتخبنا كان عظيماً !    الضحكة الساخرة.. أحشفاً وسوء كيلة !    الأخضر يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة العراق في خليجي 26    نيابة عن "الفيصل".. "بن جلوي" يلتقي برؤساء الاتحادات الرياضية المنتخبين    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    إحباط تهريب (140) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    آل الشيخ: المملكة تؤكد الريادة بتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن حكومة وشعبا    موارد وتنمية جازان تحتفي بالموظفين والموظفات المتميزين لعام 2024م    "التطوع البلدي بالطائف" تحقق 403 مبادرة وعائدًا اقتصاديًا بلغ أكثر من 3مليون ريال    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    مسابقة المهارات    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمام الحرم المكي : اقطعوا الطريق على تجار الفتن ولصوص الإثارة
في نداء وجهه للمواطنين في المملكة وبلاد العرب والمسلمين
نشر في الندوة يوم 15 - 10 - 2011

وجه إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة فضيلة الشيخ صالح آل طالب نداء للمواطنين في المملكة وبلاد العرب والمسلمين من منبر خطبة الجمعة أمس بالحرم المكي محذراً فيه من الفتن ومروجيها في المنطقة، قال فيه : (لم يعد من الخافي أن موقدي تلك الفتن هم قوم يؤمنون بعنصرهم أكثر من إيمانهم بالدين وأن نصرتهم وجهادهم هو لجنسهم وشعبهم وتاريخهم الذاهب لا لله ولفلسطين في السنوات الأخيرة شاهد على مواقفهم المشينة في إيقاد الفتن في بلاد العرب وشق الصفوف وما أمر العراق عنا ببعيد فيا مواطنينا ان كان من ثورة فلتكن على المعتقدات التي تصنع وتعلب خارج الحدود).
وناشد آل طالب العقلاء أن يقطعوا الطريق على تجار الفتن ولصوص الاثارة وان ظهروا بلبوس المشفق ومسوح الناصح.
المسلمين بتقوى الله عز وجل.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها امس “ تستقبل الأمة موسما عظيما من أيام الله تعالى وركنا من أركان الإسلام العظام موسم تغفر فيه الذنوب والخطايا وتقال فيه العثرات وتقبل الدعوات موسم الحج إلى بيت الله العتيق شعار الوحدة والتوحيد وموسم إعلان العهود والمواثيق وحفظ الحقوق والكرامات وحقن الدماء وعصمة النفوس والأموال ومافاضت به الوصايا في خطبة الوداع وهاهي طلائع الحجاج ينتظم عقدهم في الرحاب الطاهرة آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا يحطون رحالهم عند بيت الله العتيق ملبين النداء القديم المتجدد قال تعالى “ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم “, ويؤدون ركن الإسلام الخامس ويلبون بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك يأملون من الله القبول ويرجون رحمته ويخافون عذابه.
وأوضح أنه في رحلة الإيمان الخالدة مضاعفة الصلوات وتكثير الحسنات وإجابة الدعوات ومواقف الرحمات في منى ومزدلفة وعرفات وإذا ذكرت تلك الصعودات فاذكر حين يباهي الله بحجاج بيته ملائكة السموات ويقول سبحانه “هؤلاء عبادي جاءوني شعثا غبرا أشهدكم إني قد غفرت لهم فيعتقهم من النار ويكتب لهم السعادة الأبدية”.
وأضاف فضيلته يقول “ الحديث عن الحج وفضله يحدو الأرواح ويبعث الأشواق لإجابة نداء الرحمن بحج بيت الله الحرام فياخسارة من قعدت به همته واستولى عليه كسله فلم يلحق بركب الإيمان.
ومضى فضيلته يقول “ إن في الحج شرف الزمان والمكان فالمكان بلد الله الحرام والزمان عشر معظمة في أشهر محرمة وهذه البقعة عظم الله
حرمتها غاية التعظيم وجعل إجلالها من التقوى وسببا للتقوى وحرم تنفير صيدها وعضد شوكها فضلا عن قطع شجرها وقتل صيدها فكيف بحرمة المسلم فيها حتى أن مجرد إرادة الشر في الحرم موجب للعذاب ولقد سبق الإسلام كل المحاولات البشرية لإيجاد منطقة آمنة وزمن آمن وإن شئت فقل زمانا ومكانا محرما منزوع السلاح يأمن الناس فيه وينعمون بالسلام وهذا من أعظم مقاصد الإسلام الذي قصد إلى إشاعة الأمن والسلام فالواجب على المسلمين أن يستشعروا هذه الحرمة ويعظموا الأشهر الحرم خصوصا بعد عام عصفت فيه الفتن واضطربت الأحوال وأزهقت أنفس واختلطت أمور ومن الناس من تشابهت عليهم الأزمنة واختلطت في إفهامهم الأمكنة فكأنما الأشهر الحرم حل لأشد المحرمات وهي الدماء وكأنما البلاد في بعث الفتنة بها سواء وكأننا نعيش الخبر النبوي المتحقق في آخر الزمان “ يكثر الهرج “ وهو القتل ولا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل وهي فتن الراقد فيها خير من القاعد والقاعد خير من الماشي.
وأردف فضيلته يقول (أيها الناس لقد حان الوقت لإلقاء السلاح وحقن الدماء والاستجابة لأصول الحقوق التي وصى النبي صلى الله عليه وسلم بها في حجة الوداع وأرسى قواعدها بقولة “ إن دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا “ آن الأوان لان يراجع المعنيون واقعهم وان يحترموا الأشهر الحرم وأن تغلب المصالح على المفاسد ومكاسب الأمة على مصالح الأفراد صيانة للنفوس والحقوق وحال العباد والبلاد والله لايحب الفساد).
وشدد فضيلته على أن الواجب على القادة والعلماء القيام بما يستطيعون لوقف النزيف الهادر من دماء المسلمين وأرواحهم فهي من أولى مقتضيات الأخوة والموالاة والتناصر واجب بين المسلمين.
وبين أن النزاعات قطعت أوصال المسلمين وجعلت الآمة الواحدة أمما متناكرة وأننا لن نستعيد مكانتنا ونصون رسالتنا إلا إذا صححنا انتماءنا وأصغينا إلى قول الله تعالى ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون).
وقال فضيلته إننا نرى اليوم في أنحاء بلادنا الإسلامية لعبة العدو القديمة المتجددة فرق تسد أشغلهم بأنفسهم كي لا يشغلوك وليس هناك وتر أكثر حساسية لبدء العزف عليه من وتر الطائفية والمذهبية والحزبية وماأكثر المتسارعين فيها والمتساقطين ولو سألت أشد الخائضين فيها كيف بدأت تلك الفتنة ولمصلحة من لم تجد جوابا , لافتا الانتباه إلى أن الطوائف تعايشت قرونا في ظل الإسلام يولد أحدهم في بلاد المسلمين على ملته ويموت عليها لم يجبره أحد أن يغير دينه ومعتقده فلماذا ثارت هذه النعرات في هذا التوقيت بالذات ولماذا يخدم دهماء الناس وبسطائهم تجار
الفتن من حيث لايشعرون.
وأشار فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن الاعتزاز بالوطن وحفظ أمنه والحرص ومكاسبه هو أمر تنساق له الفطر السليمة وتوجبه العقول الراشدة فضلا عما هو متقرر في أحكام الشريعة وأصول الدين خصوصا في أوقات الفتن والأزمات ويشتد العتب ويستوجب العقوبة من أخل بأمن الوطن إذا كان باعثه على ذلك نشدان المصلحة الذاتية وطلب الكسب الشخصي أما إذا كان الباعث مصلحة مصدرة من الخارج ورغبة من
الرغبات العابرة للحدود فانه يجتمع في المنساق لها إضافة لما سبق خيانة للوطن ونكران للأهل فهو بمثابة من يقطع الشجرة التي أظلته ويعكر الماء الذي سقاه فكيف إذا علم أن المحرك لتلك الفتنة قوم تميز تاريخهم في الفتن بأن وقود فتنتهم رجالا من أرض غير أرضهم ومن جنس سوى جنس وعرق لاينتمي لعرقهم ثم سرعان مايتخلون عمن غرروا بهم ليواجهوا مصيرهم بمفردهم وربما وأسوهم باللسان وليس وراء اللسان شيء.
ووجه فضيلته للمواطنين في المملكة وفي بلاد العرب والمسلمين نداءً تغلب الشفقة فيه العتب وتغالب الرحمة فيه الغضب إنه لم يعد من الخافي أن موقدي تلك الفتن هم قوم يؤمنون بعنصرهم أكثر من إيمانهم بالدين وأن نصرتهم وجهادهم هو لجنسهم وشعبهم وتاريخهم الذاهب لا لله ولا لفلسطين وتاريخهم في السنوات الأخيرة شاهد على مواقفهم المشينة في إيقاد الفتن في بلاد العرب وشق الصفوف وما أمر العراق عنا ببعيد فيا مواطنينا أن كان من ثورة فلتكن على المعتقدات التي تصنع وتعلب خارج الحدود ليتشرب بها أناس تسلب بها أديانهم وأموالهم وولائهم ليكونوا أدوات في أيدي أعدائهم , أن كان من انتفاضة فلتكن للعقل ليتحرر من رق التبعية وايسار الشعوبية ويرى نور الله الذي يملئ الكون الذي انبثق من الحجاز وأشرق به محمد صلى الله عليه وسلم وحمل مشاعله الصحابة الأخيار والتابعون لهم بإحسان , وأنعم الله على المملكة العربية السعودية فورثت ذلك النور وحملت تلك المشاعل مقتفية أثر الكتاب والسنة راعية للحرمين الشريفين جامعة لرابطة المسلمين ساعية للسلم والوحدة نابذة للشقاق والفرقة محترمة الحقوق مهما اختلفت المشارب فلا طائفية ولا عنصرية وكل له حقوق وعليه واجبات , ويا أيها المغرر بهم أنه مافتئ الأغراب يحاولون قطع صلتكم بسلف الأمة وينحوهم من أن يكونوا مصدرا لتلقي الهداية ليملئوا ذلك الفراغ بما يوغر صدوركم على سلفكم وأهلكم وبلدكم وبما يشعركم بالغربة في دياركم وما أنتم بالغرباء وبما يشعركم بالبعد عن مواطنيكم وما أنتم بالبعيدين وثمرة ذلك كله تقطف من وراء الحدود وليس لكم من ذلك كله شيء أن الرائد لايكذب أهله فكيف يبيعهم ويبيع وطنه ويدمر خيراته وممتلكاته وينشر الفوضى بين أهله وهو الخاسر الأول والأخير.
وشدد على أن الإصلاح لا يكون بالفساد والبناء لايستقيم بالهدم والرغد لايأتي بإخلال الأمن أن أهواء وأوهام تملأ الجو بالشحناء ولو صدقت النيات وأغلقت الأفواه التي تستملئ الوقيعة والإفك لتلاشت أنواع من الفرقة لامساغ لوجودها.
وناشد فضيلته العقلاء أن يقطعوا الطريق على تجار الفتن ولصوص الإثارة وإن ظهروا بلبوس المشفق ومسوح الناصح فكم من فتن لم يتبين خائضها أنها فتنة إلا عند أدبارها وقد ناله منها ماناله ولنا في مبادرة العقلاء من الناس أمل ولدينا في حزم رجال الأمن عند الحاجة ثقة والله مولانا وعليه توكلنا فنعم المولى ونعم النصير.
وفي المدينة المنورة أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير في خطبة الجمعة أن في سير السابقين عظة وهداية وفي قصص الأنبياء دلالة وماأحوج الأمة إلى النظر في تلك القصص والأنباء لتكون علم ومنارة ومحجة وأسفارا // وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين // وقصة أبي الأنبياء وإمام الحنفاء إبراهيم صلى الله عليه وسلم أشرف أولي العزم بعد النبي صلى الله عليه وسلم قصة مجللة بالآيات والعظات والعبر والدلالات إبراهيم الخليل الذي جعلت الإمامة متصلة بسببه وباقية في نسبه وخالدة في عقبه لا ينلها الظالمون من ذريته.
وأوضح إمام المسجد النبوي الشريف أن من خصائص سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وفضائله سلعة ثنية لا تضاهى ومرتبة عالية لاتباهى وخصوصية فريدة لاتسامى وكل كتاب انزل بعده من السماء على نبي من الأنبياء فذلك النبي من ذريته , ولما كبر إبراهيم عليه السلام وعقمت سارة اشتدت لوعة الوحدة ومرارة الوحشة فدعى إبراهيم ربه أن يهب له عقب صالح فدخل بمشورة سارة على هاجر الأمينة المؤمنة فانجبت له إسماعيل عليه السلام ومن هذا الفرع الشريف والغصن المنيف خرجت الجوهرة الباهرة والدرة الزاهرة وولد خير أهل الأرض على الإطلاق وسيد ولد ادم بالاتفاق نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي اختاره ربه واصطفاه ولم يوجد نبي من سلالة إسماعيل سواه.
ومضى الشيخ البدير مبينا أن الغيرة دبت في نفس سارة وتشعب لبها وثار حزنها وشجنها وتمنت على إبراهيم أن يذهب بهاجر وابنها إلى حيث لاتراهما فركب إبراهيم بهما يطوي المراحل حتى جاء بأمر ربه موضع البيت الحرام في موطن مقفر هواء ومكان خلاء وبلاد جرداء ووادي موحش ليس به زرع ولا ضرع ولا أنيس ولا حسيس فتركهما هناك لايملكان سوى جراب به , قليل من الغذاء وسقاء به يسير من الماء فتبعته أم إسماعيل فقالت , يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي إلى من تتركنا, فقال إبراهيم إلى الله , قالت رضيت بالله وفي لفظ قالت إذا لايضيعنا , مؤكدا فضيلته أن هذه هي العقيدة الصادقة التي توقظ الضمائر وترهب المشاعر استسلمت لقاء الله وخضعت لحكمه وانقادت لأمره بلا تردد ولاتعنت وفوضت أمرها والجأت ظهرها ووجهت وجهها إلى الحي الذي لايموت فلتأخذ المرأة المسلمة اليوم من هاجر المؤمنة نبراسا في الأتباع وقدوة في الانقياد وأسوة في الصبر والثبات.
وقال فضيلته : “ إن إبراهيم انحدر مفارقا حشاشة نفسه مودعا قطعة قلبه مستسلما للقضاء صابرا على البلاء داعيا دعاء الموقن بإجابة الدعاء // ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون // , ومكثت هاجر تعالج القضاء المحتوم فنفذ زادها وجف ضرعها حتى لاتجد لابنها ماء يبل صدرها ولا لبن تتندى به شفتاه في مخمصة مقصعة ومزغبة معطبة فهاجها التياع طفلها ونحيب صغيرها وهو يتلوى يفحص الأرض برجليه ويضرب الصلد بقدميه كأنه ينشق للموت فانطلقت كراهية أن تنظر إليه وقد تقطعت نياط قلبها فقامت على الصفا فاستقبلت الوادي لعلها ترى أحدا ثم استقبلت الوادي ورفعت ذراعها وسعت جهدها حتى أتت المروة فقامت فوقها ونظرت لعل أحدا يأتي نحوها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم // فذاك سعي الناس بينهما // ، فلما أتمت سبعة بين الصفا والمروة إذا هي بصوت فنادت نداء اللهفان واستغاثت استغاثة الظمآن فإذا هي بجبريل عليه السلام فبحث بعقبه الأرض فانبثق الماء وفاض وتفجر نبع زمزم وحار , مبينا فضيلته في هذا السياق أن الله تبارك وتعالى لايضيع من اتقاه ولايخيب من رجاه.
وأشار فضيلته إلى أن الله سبحانه وتعالى رحم ضعف هاجر عليها السلام وفرج كربها وانبع الأرض تحتها فجعلت تحوضه بيديها وتضربه بكفيها وتسقي وليدها وتملأ سقاءها , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم // يرحم الله أم إسماعيل لوتركت زمزم أو لو لم تغرف من زمزم لكانت زمزم عينا معينا // ، وها هي زمزم تسقي بأمر ربها الحجيج وتطفئ لهب الأجيج ويسمع لها فجيج خير ماء وجد على ظهر الأرض , يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم // إنها لمباركة هي طعام طعم وشفاء سقم // , وحلق الطير فوق الماء وصفق بجناحيه في السماء فرأته رفقة من جرهم مقبلين من طريق كداء فاقبلو يستأذنونها بالنزول في جوارها والإقامة في ناحيتها فألف ذلك أم إسماعيل وهي تحب جنسها وأذنت لهم حتى أضحو أنسها وتوافدت أبيات منهم عليها وهوت أفئدة من الناس إليها ونشأ إسماعيل بين ولدانهم وتكلم بلسانهم ونطق بعربيتهم وأعجبهم فزوجوه ثم فجع إسماعيل عليه السلام بموت أمه الصابرة وانتقال هاجر إلى الدار الآخرة بعد أن أرضعته جميل الشمائل والخصال وبادرته بالتأديب حتى بلغ مبلغ الرجال وتربية الأولاد هي مهمة المرأة العظيمة ووظيفتها الأولى ومتى ضيعت ضاعت الأمة وأجيالها وفسدت أوضاعها وأحوالها.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن إبراهيم عليه السلام يفد إلى ابنه لمامة ويتفقده أحيانا تهيج حرقة الاشتياق ويزعجه الم الفراق والشوق إلى الولد لايرده صبر ولا يستقل به صدر فجاء يوم وإسماعيل يبني مبنى فلما رآه قام إليه فصنع كما يصنع الوالد مع ولده عند التلاق بعد طول الفراق ثم أخبر إبراهيم عليه السلام ابنه بما أمره به ربه من بناء البيت على أساس من التوحيد والحنفية ونبذ الشرك والوثنية فرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل بين عينيه وطوع يديه ورهن كفيه يأتي بالحجارة ويعين أباه في البناء والعمارة فلما ارتفع البناء جاء له بحجر ليقوم عليه فقام إبراهيم علي حجر المقام حافي القدمين يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان // ربنا تقبل منا انك أنت السمع العليم // , وما شأن العمل بل قبول وماقيمته بل رضا فاتخذ من الإخلاص وسيلة إلى القبول ومن الموافقة والأتباع للرسول صلى الله عليه وسلم وسيلة إلى حصول الأجر والثواب المأمول فالمرء لاينتفع بعمله والمبدع لايثاب على سعيه.
وأشار فضيلته إلى أن البناء تم وصدح إبراهيم في الأرض بالأذان والنداء فأقبلت الوفود وتقاطرت الحشود من عهد أبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا والمسلمون يؤمون الكعبة المعظمة والبطاح المقدسة والمشاعر المحرمة وقد توحد منهم اللباس على اختلاف الأجناس وتوحدت المناسك على اختلاف البلدان والممالك اجتمعوا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص وعلي دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلي ملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما وماكان من المشركين ، بنيان واحد وجسد واحد يسعد بسعادة بعضه ويتألم لألمه ومرضه ، وأصبحت الكعبة المشرفة قبلة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ولكن وجهة هو موليها ولكن طريقة يرتضيها ووجه المسلم حيث توجه به دينه لايخرج عن جهته ولا يماثل غيره في رحلته وحليته ولايشابه في سنته وهيئته ولايقاربه في خلقه وطريقته وأنا لأهل الإسلام أن يتوجهوا لغيره والوحي نزل عليهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعث فيهم حتى صاروا ببركة رسالته ويمن سفارته ونور دعوته ودلالته خير الأمم. وفي نهاية خطبته دعا الشيخ البدير المؤمنين إلى الثبات الثبات والحذر الحذر أن تزل بهم الأقدام فدينهم هو القدوة الصحيحة وشريعتهم هي الشريعة المستقيمة وعقيدتهم هي الفطرة السليمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.