دائما ما تحتل الضمانات الخاصة بحقوق الدفاع للمتهم مكانة كبيرة لدى فقهاء القانون وكانت باستمرار مثار جدل بين عدد كبير من المدارس فمنهم من توسع فيها بشكل كبير ومنهم من اقتصر على بعض الحقوق الأساسية للمتهم والتي لا يمكن أن تقوم المحاكمة إلا بتحققها فبعض الدول الأوروبية على سبيل المثال تهتم بشكل مبالغ فيه بالإجراءات السطحية التي تسبق عملية القبض على المتهم بحيث أن الخطأ في إحدى الإجراءات الشكلية قد يؤدي أحيانا إلى خروج المتهم من دائرة الإدانة والحكم ببراءته وهو أمر غير منطقي ولن يساهم في تحقيق القدر الأكبر من العدالة باعتبار أن الإجراء في الأصل هدفه تحقيق الغاية ومن الصعب التوسع في الإجراءات الشكلية بالطريقة التي تجعل منها دوما حجة للمتهم رغم ارتكابه للخطأ , وربما يستثنى من تلك القاعدة إجراءات القبض الجنائي والتي تستلزم في الغالب سلامة الإجراءات لاحتمال تأثيرها على موضوع الجريمة وعلى الأدلة المستند عليها في ذلك .إحدى الأمور التي تصادف رجال الضبط الجنائي كثيرا في القضايا الجنائية حاليا تتمثل في طلب المتهم حضور أحد المحامين معه أو أن يقوم المحامي بالإجابة عن أسئلة المحقق نيابة عنه , وهو حق يندرج بالتأكيد تحت مظلة حقوق الدفاع ويعد أيضا أحد حقوق المتهم التي يجب أن تتلى عليه من جهة الضبط الجنائي قبل التحقيق معه في بعض القوانين الامريكية , والحكمة من هذا الإجراء هو حماية المتهم من مغبة القصور في فهم أسئلة المحقق أو إفادة المتهم بكلام قد يضره أكثر مما ينفعه مما يستوجب حضور شخص مختص مع المتهم ليساعده على انتقاء ألفاظه ويوضح للمحقق الصورة الكاملة حول الاتهام الموجه لموكله وهو أمر قد يمنع من حصول ظلم للمتهم ويوفر له ابسط قدر يستحقه من ضمانات الدفاع . ولكن لا يؤخذ بهذا الإجراء لدى أقسام الشرطة في بلادنا على الرغم من أننا قد خطونا خطوات كبيرة في مجال احترام حق الدفاع للمتهم , فأقسام الشرطة ترفض مرافقة المحامي للمتهم أثناء التحقيق معه وكذلك الحال بالنسبة لجهات التحقيق الجنائية المختلفة الموجودة في المملكة أحيانا بحجة عدم وجود وكالة وأحيانا بسبب الخوف من قيام المحامي بتحوير كلام المتهم وتحويله من جانٍ إلى مجنٍ عليه .نتمنى من رجال الضبط الجنائي بشكل خاص وجهات التحقيق بشكل عام أن تبدي تعاونا أكبر مع المحاميين القادمين للدفاع عن المتهم وأن تكون هناك صيغة وكالة مستعجلة تحرر بشكل مؤقت لدى قسم الشرطة تمنح للمحامي الحق في حضور التحقيق والإجابة عن الأسئلة الموجهة لموكله , والحفاظ على حقوق الدفاع يعني الحفاظ على سلامة التحقيق والإجراءات وهي ما ستؤدي في مجملها إلى سلامة عين العدالة وهو الأمر الذي تصبو إليه حكومتنا وباقي الأمم. والله من وراء القصد