حذّر اختصاصي الصحة العامة وطب المجتمع ورئيس قسم التدريب والتطوير ببرنامج مكافحة التدخين بوزارة الصحة الدكتور عيسى المرزوقي من استهداف شركات بيع التبغ والتدخين لمنطقة الشرق الأوسط والخليج خصوصاً ومحاولاتها التلاعب بوسائل الإعلام وتوثيق العلاقة بها، والاتصال برجال الإعلام على أعلى المستويات بغية تشجيع المحررين على التفكير كثيراً قبل نشر أي دعاية مضادة لصناعة التبغ، وتنظيم الحملات الترويجية التي تستهدف صغار السن لإيقاعهم في فخ التدخين. ونبّه المرزوقي في محاضرة له بالجامعة الإسلامية نظمتها عمادة شؤون الطلاب بعنوان “خطوات ذكية لحياة صحية” إلى محاولات شركات التبغ التأثير على صناع القرار في منطقة الشرق الأوسط وخاصة مسؤولي الصحة في دول مجلس التعاون الخليجي لمنع إصدار تشريعات أو توصيات تضرّ بتجارة التبغ في المنطقة، ونشر مقالات مكتوبة مسبقاً بأسماء كتّاب بارزين تشكك في أضرار التدخين. واستعرض الدكتور المرزوقي في محاضرته نشأة التدخين وانتشاره في العالم، وقال إن انتشار التدخين بدأ بعد اكتشاف كولومبس لأمريكا عام 1492م ومنها انتشر “الوباء” إلى بقية بلدان العالم، وقد وُصف بأنه “الذهب البُنّي” بعد أن تسبب في ازدهار شركة فيرجينيا جوين ستوك التي فشلت في رحلتها في البحث عن الذهب، مشيراً إلى أن استهلاك أمريكا وحدها منه كان 650 مليار سيجارة في عام 1980م وكان حجم تجارة التبغ في العالم حينها 100 مليون دولار، وأن هذا الرقم يمثل الآن استهلاك دولة واحدة فقط، فيما بلغ عدد ضحايا التبغ والتدخين خلال القرن العشرين 100 مليون قتيل، ما يعني: أكثر من 5 ملايين قتيل سنوياً في العالم أي قتيل كل 7 ثوان، كما أنه من المتوقع أن يقتل التبغ 10 ملايين نسمة في العام 2030م، 70% منهم من الدول النامية. وأشار المرزوقي إلى محاولات الدول والحكّام منذ ظهور االتبغ منعه ومحاربته، وهي المحاولات التي قال إنها كثيراً ما تحولت إلى سيطرة من تلك الحكومات على تجارة التبغ حين أدرك الحُكَّام عدم جدوى قرارات منع التدخين، وبدلاً من ذلك، قاموا بتحويل تجارة وزراعة التبغ إلى مشاريع حكومية احتكارية مُربحة. وتطرّق المرزوقي إلى ما نشر من وثائق داخلية لشركات صناعة التبغ العالمية حول نشاطاتها في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط، وما تضمنته من “دلائل تفضح السلوكيات غير الأخلاقية لشركات صناعة التبغ على المستوى الدولي والإقليمي والوطني كي تمنع الدول من اتخاذ أي سياسات لمكافحة التبغ”، وما ثبت من أن الجهود الموحَّدة هي الوسيلة الفاعلة لمواجهة مشكلة التبغ والتدخين. وتحدّث عن اتحاد الشرق الأوسط للتبغ “ميتا” الذي يضم جميع شركات صناعة التبغ العالمية متعددة الجنسيات التي تعمل في إقليم شرق المتوسط، ويهدف لتعزيز وحماية مصالح هذه الشركات في إقليم شرق المتوسط، ويعمل على الرصد والبحث بعناية فائقة لتحركات معارضيها في الإقليم من مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي ومنظمة الصحة العالمية والجهات الوطنية التي تكافح التبغ والتدخين، إذ أنشأ الاتحاد شبكة رئيسة من مصادر المعلومات والموارد التي تمكن شركات التبغ من الضغط على المسؤولين المناسبين من العاملين في مجلس التعاون الخليجي، وقوائم للوجوه السياسية البارزة في الشرق الأوسط، لتقديم المعلومات والتأثير لصالحها، وكان من ضمنهم أحد أعضاء مجلس الشعب المصري، وأحد مساعدي الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأحد وكلاء الصحة في دولة عربية. وقال المرزوقي إن شركات التبغ بذلت جهوداً متواصلة من أجل كسب وسائل الإعلام التي يعتبرونها أداة حيوية للاتصال بأصحاب القرار والجمهور، وكانت هناك محاولات معلنة ومقنَّعة للتأثير على أصحاب وسائل الإعلام وكبار المحررين، وحملات مكثفة لنشر مقالات تدافع عن التدخين والتبغ في المجلات والصحف الإقليمية لإجهاض القيود المقترحة على إعلانات التبغ أو إخفاقها وغالباً ما يكون ذلك من خلال طرف ثالث مثل الاتحاد الدولي للمعلنين، موزعي التبغ، ومالكي وسائل الإعلام.