“حزن الفقد” هالة تترك بصمتها في النفس، وعلى مفاصل كلمات الحياة، ويفتقد الكثيرون منا سبل التعامل مع الحالة النفسية المضطربة جرّاء الفقد، لا سيّما إن طال الحزن، وتحوّل إلى غيمةٍ تغطي ظلالها كل التجارب. آثار حزن الفقد: وأكّد الأخصائي النفسي د. أسامة الجامع أن: “حزن الفقد يعد من أشد ضغوطات الحياة، لا سيّما مع فقد من نحبهم فجأة، وخاصةً مع القريبين منا ومن نتعامل معهم يوميًا”، مبرزًا أن: “التأثيرات متعددة، فهي تأثيرات نفسية، وجسدية، واجتماعية، ويختلف كل إنسان في طريقة تفاعله مع حوادث الفقد”. وأضاف المعالج النفسي، عبر حسابه على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي، أنه: “بعبارةٍ أخرى، يعقب حوادث الفقد فقدان للتوازن، واضطراب في النوم، وفقد الإحساس بالواقع، واكتئاب، وغضب، وأفعال حادة غير متّزنة”، مشيرًا إلى مقولة الدكتورة النفسية Sue Morris إن: “المشكلة في حزن الفقد هو التباين بين ما تتوقع حدوثه في هذه الحياة، وبين ما يحدث فعلًا”. متى يكون أشد وقعًا؟ وأبرز أنه: “بمقدار الفجوة في هذا التباين بمقدار ما يكون حزن الفقد أكثر وقعًا وأشد ألمًا، ويظل في مرحلة الإنكار لما حدث فترة أطول”، مبينًا أن: “عبارة (أتوقع من بجواري أن يكون معي دائمًا) من المعتقدات المعيقة عن العيش بواقعية، ولا تحمي الإنسان من اختلال التوازن فيما لو حصل الفقد”. وأردف: “بالرغم من أن 90% (النسبة من Morris) ممّن يفقدون أحبائهم يسترجعون توازنهم بعد الفقد، إلّا أن هناك نسبة يفشلون في أن يضعوا حزنهم خلف ظهورهم”، لافتًا إلى أنه: “هنا، يصعب على من فقد من يحب أن يتخيّل نفسه كيف سيعيش بعد الفقد؟ وماذا سيتوقع أمامه؟ وكيف ستكون الحياة بعده؟”.
محفزات التذكير: وأوضح أن: “فقد الأحبة يتجاوز وجودهم إلى فقد ما كانوا يمثلونه في حياتنا من حماية، وعلم، وحب، وسند، وصداقة، وأمان، واطمئنان”، مبرزًا أنه: “بالرغم من أن هذا الحزن يتناقص غالبًا مع الأيام، إلّا أن محفزات (تذكير به) هذا الفقد تظهر بين الفينة والأخرى، مثل الأعياد والمناسبات السنوية”.
أسوأ طرق التعامل: وكشف د. الجامع أن: “أسوأ طريقة للتعامل بها مع حزن الفقد هو التظاهر بالقوة، أو قمع المشاعر، أو إدمان العادات السيئة مثل التدخين والكحول، وإهمال المسؤولية”، مبينًا أن: “من الطرق الخاطئة للتعامل مع الفقد اعتبار مشاعر الحزن، والغضب، والانسحاب، والفتور، وفقد التركيز أنه مرض، بل هو نتاج طبيعي لحزن الفقد.. تقبّله”.
نصائح ذهبية: ووجّه رسالة إلى كل من أصيب بحزن الفقد، قال فيها: “اضطرابك هو مؤقت، ومشاعرك المتغيرة مؤقتة، وهي تزول بعد وقت، ربما أيام أو أسابيع، فلا تجزع، بل دعها تأخذ مجراها، دعها تمضي”. وشدّد على أن: “من أهم أدوات التخفيف من حزن الفقد هو التعبير عن المشاعر بالفعل والكلمات، لا تترك نفسك في معاناة، اطلب المساعدة من مختص لو تطلّب الأمر”.
إجابات: وفي شأن من تعرّض لصدمة، وعاش تجربة الفقد، وما يترتب على ذلك من إدراك مسبق يخفف وطأة الصدمات اللاحقة، أوضح د. الجامع أن: “الأولى عادةً هي الصعبة، بعدها تكون أقل وقعًا لامتلاك الإنسان الخبرة في الحياة”. وفي سؤالٍ لأحد متابعيه: “كيف أعرف أني تجاوزت أو سأتجاوز هذه المرحلة، لاسيّما مع تغيّر النظرة للحياة، وصعوبة العودة للمشاعر السابقة؟”، بيّن الدكتور أسامة الجامع أنه: “إذا عاد توازن حياتك إليك تعرف أنك تجاوزت الأزمة، وليس بالضرورة أن تكون عودة التوازن للمستوى السابق نفسه”.