في كثير من الذكريات التي تكتبها الفتيات، أو ما يوجد من بوحهن الخافت في المنافذ الإعلامية الجديدة -كالفيس بوك وتويتر- ولاسيما ما يكون منها بمعرفات رمزية لا يستدل منها على هوية صاحبتها، نجد نبرات الحزن بادية وبشدة في ثنايا حروفهن. ولأن الإنسان كتلة من المشاعر التي تحتويها جوارحه، فإن الروح الحية تعكس تلك المشاعر -سلبية كانت أم إيجابية- على الجوارح. ولعل الوجه يبدي ما يظهر منها للآخرين، في حين تتأثر بها أعضاء أخرى، كالقلب والكبد، بشكل خفي. والتعبير عن المشاعر أمر له إيجابياته في كثير من الأحيان. بل إن علماء النفس يؤكدون أن المشاعر السلبية إن لم ينجح الشخص في التنفيس عنها، فإنها قد تضر صحته النفسية والبدنية. ولكن هل كل التعبيرات عن الحزن إيجابية؟ الحزن نوعان، حزن على أمر وقع في الماضي وانتهى، ولكن آثاره لا تزال حاضرة بدرجة محسوسة، مما يثير في النفس شعورًا بالألم نتيجة لذلك. ولا يلام الإنسان على مثل هذا الحزن، فالرسول صلى الله عليه وسلم حزن مرات عديدة، لفقد خديجة رضي الله عنها، وعمه أبي طالب، وابنه ابراهيم الذي قال عنه: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون). أما النوع الثاني من الحزن فهو الذي يتجاوز الحدود الطبيعية، إما لكونه حزنا طبيعيًا طال أكثر من المعتاد، أو لأنه حزن على أمر لا يستحق أن يحزن الشخص لأجله. والمشكلة عندما يتجاوز الحزن الحد المعقول ليصبح عائقا عن ممارسة الحياة بالشكل المعتاد بين الناس. عندما يطول الحزن الطبيعي عن وقته المعتاد، فإنه قد يصيب حياتك بالشلل أو التباطؤ، وهذا ما يدعوك إلى ضرورة التعامل مع الموقف بإيجابية. فكيف تكون الإيجابية أمام التجارب أو الظروف السلبية؟ هذا ما سنتحدث عنه بإذن الله في الحلقة القادمة. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] @mshraim