* (سِيْرَاليون) دولة تقع في جنوب غَرب قارة أفريقيا، تُمَزّق أوصالها في غالب الزمن الانقلابات العسكرية، والصراعات الأهلية، وهي دولة فقيرة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني!! * في عاصمتها (فِرِيْتَاون) عِشتُ شهرين في سنتين متواليتين؛ وحينها كان موسم سقوط الأمطار التي تنهمر من السماء؛ وكأنها (نافورة العزيزة جدّة)، وهذا يستمر لأيام متواصلة؛ ورغم ضعف الإمكانات إلا أن الحياة تمضي طبيعية، والناس تُمَارس حياتها دون عناء!! * فمياه الأمطار تتسابق حُبْلَى بالفَرَح من خلال فتحات في جانب الطرق متجهة إلى البحر، دقائق مِن توقف المطر؛ فلاغَرَق، ولامستنقعات أو بِرَك من الماء؛ وذلك التخطيط والتصميم، ودقة التنفيذ إنما هو من بقايا الاستعمار الانجليزي!! * تلك (سَيراليون، وهنا لن نتحدث عن (جَدة والرياض) وما حدث فيهما من كَوارث في سَنوات خَلَت، فما يبدو أن مُدننا كلها تَغرق عندما يأتي المَطر؛ فهذه المأساة تكرر اليوم في (الخَرج، والدّلَم، والدمام، والخُبَر، وأبها، و...، و ...، و....)! * وهنا أيها المسؤولون عن تلك الكوارث أرجوكم لا تعتذروا بالمفاجأة؛ فقدوم الأمطار ترصدها حتى الأجهزة الذّكيّة الشخصيّة؛ مُنْذِرَةً بقرب الأخطار!! * تكْفُون لا تلقوا بالتهمة على غزارة المطر؛ فأمطار (فِرِيتَاون) شهادة براءة لمَطَر (الدّلم والدمام والخبر وأبها، وقبلها جدّة والرياض) يا بشَر! *أسألكم بالله لا تقولوا إنه القضاء والقدر؛ فَنعم نؤمن بالقضاء والقدر؛ لكن ما حدث ويحدثُ في بلادنا ما هو إلا من صُنْع البشر، واسألوا إن شئتم (أهل سيراليون) عن المطر، وإيمانهم بالقَدَر! * أناشدكم لا تُرَددوا أن الابتلاء والمعاصي والذنوب هي السبب؛ فهناك في (فريتاون) مسلمون، ونصارى وعَبَدةَ وَثَن، وأمطارهم عَمَار؛ لا مَوت فيها، ولا دَمَار! * إذا أرتم معرفة أسباب (غَرق مُدِننا)؛ فأبعدوا إشارات الاتهام عن القَدر والمطر؛ وابحثوا عن ذاك الفَسَاد الذي جعلها دائماً في دائرة الخطر!! * فَسَاد مَن قبض "المَقْسُوم" وسمح (للهوامير إياهم...) في صناعة الأَحياءِ والمخططات في بطون الأودية دون وسائل لتصريف المياه؛ فالمهم بَيْع المخطط؛ ولِيَذهب مَن يسكنه بعد ذلك غير مأسوف عليه لِقَاع الوادي أو البحر!! * فسَاد من خطّط للمشروعات، وأرسى تنفيذها على مؤسسات (الهوامير إياهم) بمئات المليارات؛ التي صبّت في حساباتهم؛ أما المشروعات فنفذتها (مؤسسات البَاطِن الصغيرة) بأقل المواصفات والمقاييس؛ وذلك حقها أن تأكل مِن بقايا تَرَكَتها (رؤوس الهوامير)! * فَسَاد مَن استلم تلك المشروعات، وباركها، وصادق على دقة تنفيذها وسلامتها بعد أن أصابته بعَمَى الألوان رُزْمَةٌ من أوراق نقدية أو تحويلات بنكيّة!! * ومكافحة ذلك الفساد لن تأتي بأن يتأبط المسؤول بِشْتِه والإعلام يصحبه، زاعِمَاً أنه يتفقد المُدن بعد غَرقها؛ فأينك يا سيدي قبل ذلك! * صَدقوني وقبل رؤية 2030م نحتاج (عاصفة حَزم 2017م صادقة وشفافة لاتستثني أحداً) لمحاربة الفساد لاتنتظر (نَزاهَة)؛ بل تنطلق عاجلاً، وتبدأ بنصب المشانق للمتورطين؛ ومعاقبتهم على ما جنته أيديهم في حَقّ وطننا، وعلى ما أهدروا من مليارات؛ فمَن قال: إنّ ما فَات قَد مَات!! * أخيراً مِن المصادفات أن (مدينة أبها الغَارِقَة في دموعها) ستحتفل بعد أيام بكونها عاصمة للسياحة العربية للعام 2017م، في حفل بهيج سيقام في ال 18 من شهر أبريل القادم، حَفْل قَد يكون أسطورياً؛ فالقائمون على الفعالية أكدوا بأنه سيكون كبيراً ومختلفاً، وفيه إبهار بَصَري ستستورد أجهزته من ألمانيا والصّين! *وهنا الآن (نقطة على السطر)؛ فالمطر كشف المستور؛ وأماط اللثام عن فَسَاد أغَرق المدينة؛ وبالتأكيد السّياح العَرَب لن يأتوا إليها لِيَغرقوا فيها؛ وبالتالي المنطق ينادي بإلغاء الفعالية واحتفالاتها، وتوجيه ما سيصرف عليها من ملايين سواء من الحكومة أو القطاع الخاص للبدء في تأهيل بنيتها التحتية، وإصلاح ما صنعه هناك الفَسَاد وعِصاباته؛ فأمن وسلامة (أَهْلِنَا في أبها) أهَم من الحَفَلات الأسطورية! تويتر @aaljamili [email protected]