هي علامة من علامات الترقيم وظيفتها أن تُنهي جملةً كاملةً صحيحة , ومن وظائفها الثانوية إنهاء الحديث أثناء الكلام , ليعلم الذي أمامك أنها النهاية ولا داعي للتشعب والإسهاب بعدها , وكذلك إن عشت موقفاً ستعرف من أحداثه أنها ستحل الآن , وبمعنى أدق وأشمل هي النهاية بذاتها . من سيصدق بأن ” النقطة ” باستطاعتها أن تستفز شخصاً , وتثير غضبه ؟! , نعم أغضبتني يوماً وشعرت تجاهها برغبةٍ في التنفيس عن أثرها , فكتبت لها في لحظة ثوراني : ” سأقلل من حجمك لأستفزك , ولأستنقصك لأنك تُنهين ما لا نريد إنهاءه , ” نقطة ! ” لا رسم فيك ولا حركة , مجردة من كل شيء إلا النهاية ” . بعد لحظة هدوء وحديث صريح مع النفس قلت : ألم تجدِي إلا إغضابها بحجمها ؟! أي حجم هو للنقطة ؟! , وكأن نفسي تريد إشعالي بتحريضي بدلاً من تهدئتي ! , أو علها تريد إضحاكيِ ؟! . عدت قليلاً وكثيراً للوراء , وأي منكم فليعد إلى الوراء بالمسافة التي تستوقفه ” النقطة ” في أي لحظة أو موقف أو كلمة , ولنرى ما نحن فيه الآن ! , إن كان خيراً فلنهنئ أنفسنا على حسن الاختيار , وإن كان سوداوياً فلنغير منه طالما نحن نستطيع , والاستطاعة هنا موجودة إلا عند المرتعبين من التقدم , فلا تقل لا أستطيع . النهايات عموماً تحث في إظهار بعض الجوانب السيئة فينا , وتُنهي التفكير , وتجعلنا نُوقن أنها لحظة اللا حياة اللا لون اللا فرح , وكأن لا حياة بعدها , وإن وُجِد بصيص من نور سيكون بلا سعادة أو هناء . مصيبة عظمى إن كانت هذه هي حدود التفكير والمنطق , وكأن الشمس إن غابت لن تعود أبداً , وحتى إن كان هناك حقائق للنهايات في الدنيا كالموت مثلاً يُفترض أن نراه مؤلماً لفراق الجسد عن نظرنا فقط إنما الروح موجودة بالذكريات , وهذه بداية أخرى لموت أحدهم بجعله معنا ذِكْراً وذكرى . ” النقطة ” هي انطلاقة , هي اعتماد على النفس , هي النظر بإيجابية , هي اكتشاف الذات والمقدرة , هي أنت بكمية إصرارٍ وعزيمة . فمهما كان ما قبلها سعيداً أو حزيناً , أنت من يكتب , أنت من يحدد , أنت فقط لا أحد غيرك من سيقرر مصيرك بعدها , فإما أن تعيش أسيراً لما قبلها أو تبدأ بحثاً من جديد عن سعادتك وحياتك حتى إن كانت البداية ثقيلة ومجهدة فاستمرارك يكسبك خبرة النهوض , وحسن استخدام النقاط في مواضعها المناسبة . أعتذر لك أيتها ” النقطة ” فما أنتِ إلا من أفعالنا أو نتائجها , لكن ألم نعتد على هجاء الضعفاء , ومن ضرره أقل علينا ؟! .