أبدى كثيرٌ من السواح والمصطافين لمنطقة الباحة عزوف رجال الأعمال عن اغتنام مزايا المنطقة وإمكاناتها السياحية وحاجتها الماسة إلى إقامة عدد كبير من دور الإيواء السياحي، ونظرًا للإقبال المتزايد من الزوّار والمصطافين على المنطقة ومحافظاتها، التي تمتلك مقومات استراتيجية؛ منها على سبيل المثال أجواؤها الجميلة المعتدلة وطبيعتها الساحرة، طوال العام، وموقعها الاستراتيجي، مطالبين بتشجيع النزلاء على السكن بالفنادق بدلًا من مراكز الإيواء. وقال المواطن سعد الحمياني، إن "عدد دور الإيواء قليلة بالمنطقة، ولا تفي باستضافة واستقبال الزائرين جميعهم، كما أُشير إلى ما أصبحت عليه منطقة الباحة، ومن مكانة سياحية على مستوى الوطن والخليج من خلال جذب الطبيعة والأجواء الخلابة الزوّار من دول الخليج، ومن كافة مناطق المملكة". ونوّه المصطاف عبدالله الهادي إلى أنه من المهم أن تكون الشقق المفروشة، محققةً للشروط التي يحتاجها النزلاء وفق معايير هيئة السياحة، لأنها تستقطب النسبة الأكبر من المواطنين والمصطافين، كونها مناسبة للعائلات. وأكد المصطاف محمد هوساوي أن المنطقة لا ينقصها شيئًا سوى فتح خيارات أكثر أمام المصطافين من خلال توفير شقق أو الفنادق ذات الخمس نجوم أمام الزائر، لأن المنطقة هدف سياحي من العيار الثقيل يقصدها الكثير من المصطافين من خارج وداخل المملكة، وأضاف المصطاف ثامر بن ضاوي أن منطقة الباحة بجمالها وجمال أهلها وما يُقام من فعاليات ضخمة هذه الأيام بعثت روح الفرح للجميع صغارًا وكبارًا، ولكن تبقى قلة دور الإيواء هي مشكلة المصطافين القادمين لمنطقة الباحة. وكشف أحد العاملين في دور الايواء، أن زيارات عدد من الوزراء مع وفودهم الرسمية للمنطقة، وما صاحبها من إقامة بعض الملتقيات والمنتديات المختلفة أظهرت حاجة المنطقة لزيادة الاستثمار في قطاع الفنادق والوحدات السكنية المفروشة، حيث سجّلت نسب الإشغال بالباحة في وقتها نسبًا عالية؛ مما حدا ببعض الجهات المنظمة في المنطقة للتسابق على الشقق والوحدات الفندقية الراقية. بدوره، أوضح رئيس مجلس الغرفة التجارية والصناعية بالباحة، صالح محفوظ الزهراني، أن الهوية الاقتصادية لمنطقة الباحة تعتمد بشكل أساسي على القطاع السياحي، الذي تتوافر فيه كل عناصر النجاح إذا ما تمّ استغلاله استثماريًا وبعوائد ربحية مجدية. وأكد أنه يجمع المراقبون والمتابعون للنشاط السياحي بالمنطقة أن حجم الفرص الاستثمارية السياحية المستغلة لا يزال محدودًا وربما ضئيلًا، مقارنةً بالموارد والمقومات التي تزخر بها المنطقة. فالإحصائيات تشير إلى أن نصيب المنطقة من السياحة الداخلية على مستوى المملكة في حدود 2%، وعدد الرحلات السياحية 4.8% من إجمالي الرحلات السياحية بالمملكة، وعدد الغرف بفنادق المنطقة في حدود 0.2% مقارنة بفنادق المملكة، ووحدات الشقق المفروشة حوالي 1.3% من إجمالي الشقق المفروشة بالمملكة. وأوضح الزهراني، أن هذه المؤشرات توضح بجلاء أن البنية السياحية الفوقية بالمنطقة بحاجة إلى استثمارات كبيرة، وتوظيف رؤوس أموال التوظيف المناسب لإيجاد صناعة سياحية، مدعمة بالرؤى الاستراتيجية والخطط بعيدة المدى في ظل التوقعات الإيجابية، التي تشير إلى ارتفاع الايرادات السياحية الكلية المتوقعة بالمملكة بنحو 232 مليار ريال، وعدد السياح المحليين 34 مليون سائح، والدوليين 11 مليون سائح لعام 2020م (1441ه). وصرّح بأنه "في تقديري أن الموقف السياحي بالمنطقة منذ العام الماضي، وهذا العام يشهد تطورًا ملحوظًا في معدلات الجذب والإقبال من كافة مناطق المملكة ومن دول مجلس التعاون. وتوقعاتي أن معدل المصطافين المشاركين بالحضور في مهرجان صيف الباحة سيلامس المليون زائر طيلة مدة المهرجان. وهذا يمثل تطورًا إيجابيًا لابد من أخذه بعين الاعتبار، فيما يخص تحفيز الاستثمارات بالمنطقة". وأشار إلى أن مجلس إدارة غرفة الباحة يعكف حاليًا على وضع خطة بأهداف الدورة الجديدة الحالية، والتي ستتضمن بعض المبادرات التنفيذية وفي مقدمتها تبني تأسيس شركات جديدة لاستغلال الفرص الواعدة، والتي يحتل القطاع السياحي نصيب الأسد فيها. وفي هذا الصدد تقدّمت بمبادرة لتأسيس شركة للتطوير السياحي بمنطقة الباحة، ووجدت الفكرة القبول والدعم من أعضاء مجلس الإدارة، ونحن الآن في طور ترويج الفكرة من خلال دراسة أولية أعددناها لإبراز هذا المشروع لحيّز التنفيذ من خلال مشاركة واسعة من المساهمين والممولين لهذه الشركة من مختلف فئات مجتمع الأعمال بدرجاتهم الممتازة والمتوسطة والصغيرة. وأضاف أن رؤية الغرفة تنطلق من أهمية تأسيس صناعة سياحية مستدامة تغذي كافة فصول السنة بفعاليات وأنشطة سياحية متطورة تحقق عوائد مجزية لكل الأطراف. فمثلًا عند الحديث عن ضخّ أموال في قطاع الإيواء السياحي؛ فلابد من الأخذ في الحسبان معالجة موضوع الموسمية في نسبة الإشغال، حيث أشارت دراسة المرصد الحضاري لمدينة الباحة لعام 1432ه إلى أن نسبة الإشغال من السائحين بالفنادق والشقق المفروشة داخل مدينة الباحة على مدار العام قدّرت بحوالي 49.5% للشقق المفروشة و47.6% للغرف الفندقية. مثل هذه المؤشرات ينبغي معالجتها بالزيادة من خلال أساليب علمية مدروسة، وهذا سوف تعمل عليه الشركة المقترح تأسيسها خلال الفترة القليلة القادمة. وختم حديثه بقوله: "نحن نتطلع إلى صناعة سياحية حقيقية بمردود اقتصادي واجتماعي يسهم في زيادة الناتج المحلي للمنطقة، وفي زيادة معدل التوظيف وتحقيق قيمة مضافة لاقتصاد المنطقة، وقد أشار آخر تقرير اقتصادي للهيئة العامة للاستثمار صادر لعام 2014م عن جدوى تأسيس مشروع فندق 5 نجوم سعة 100 غرفة، ومشروعات منتزهات سياحية ومراكز إيواء صيفية للمصطافين وغيرها من مشروعات سياحية جديرة باهتمام المستثمرين في ظل الدعم والرعاية اللامحدودة من سمو أمير منطقة الباحة الأمير مشاري بن سعود والمتابعة المستمرة من وكيل أمارة الباحة الدكتور حامد الشمري". وأوضح نائب مجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية بالباحة سعيد سعيَد الغامدي، أن الاستثمار في قطاع دور الإيواء يعد من أنجح الاستثمارات على الاطلاق، مؤكدًا حاجة المنطقة إلى المزيد من منشآت الإيواء السكني من جميع الفئات، حتى تستوعب الزيادة المتوقعة من أعداد المصطافين والسواح على مدار العام، وأفاد بأن ازدياد حجم الطلب على قطاع الإيواء سيعمل على وجود فرص أكبر لزيادة الاستثمار في القطاع الفندقي، وبالتالي زيادة القدرة الاستيعابية في قطاع الإيواء في الباحة، استجابةً للطلب الكبير في موسم الصيف والارتفاع المرتقب في عدد الزوّار من وجهات عديدة، خصوصًا بعد اكتمال المشاريع التطويرية في كثير من المجالات الخدمية، وكذلك الفعاليات والبرامج الترفيهية، منوّهًا إلى أن قطاع الإيواء من أكثر القطاعات نموًا في المنطقة، نظرًا للطلب الكبير عليه. وأكد بدوره، مدير إدارة التطوير السياحي بالباحة سعيد بن ناصر الزهراني، أن أبرز مقومات الاستثمار في المنطقة، وخصوصًا في مجال الاستثمار السياحي وقطاع دور الإيواء اهتمام إمارة المنطقة، وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة، رئيس مجلس التنمية السياحية، من خلال تشجيعه وتحفيزه للمستثمرين الراغبين في الاستثمار والتنسيق الدائم بين الإمارة وجميع فروع الوزارات بالمنطقة ودعواتهما المستمرة لرجال الأعمال بالاستثمار، وتذليل كافة الصعوبات أمام المستثمرين. وقال: "وأعطت إمارة منطقة الباحة دور الإيواء اهتمامًا كبيرًا، وفتح أفاق أمام الاستثمار في هذا الجانب من أجل خدمة الحركة السياحية والاقتصادية والتنموية الكبيرة التي تشهدها المنطقة، وزيادة أعداد الزوار والمصطفين في كل عام"، وأضاف: إن المنطقة أصبحت جاذبة للاستثمار في هذا الجانب في ظل تحولها إلى وجه للسياحة العائلة من داخل المملكة ودول مجلس التعاون. وذكر رئيس بلدية محافظة القرى محمد العويفي، أن البلدية بدأت في طرح عدد من المشروعات الاستثمارية في منافسة عامة أمام المستثمرين، لتوفير العديد من الخدمات بالمحافظة، ولإتاحة الفرصة أمام المستثمرين ورجال الأعمال لتنمية استثماراتهم ومواردهم المالية، وذكر أن المشاريع تشمل تأجير أرض بمساحة تزيد 17 ألف متر مربع بالمخطط الاستثماري بمفرق بيده لإنشاء وتشغيل وصيانة فندق لمدة 25 سنة، إضافةً إلى أرض بمساحة تزيد عن 12 ألف متر لإنشاء وتشغيل وصيانة مركز ترفيهي ومدينة ملاهي، وكذلك أرض محطة قطار معلق "تلفريك" إنشاء وتشغيل وصيانة وأرض لإقامة مشروع وحدات مفروشة بمدة 25 سنة، وكذلك أرضين لإقامة مشروع مجمع تجاري سكني بالمحافظة لمدة 25 سنة، وغيرها من الفرص الاستثمارية بالمحافظة، ولفت الى أن البلدية بصدد طرح العديد من الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة، وتقوم حاليًا بدراسة كافة فرص الاستثمار التي يمكن مشاركة رجال الأعمال والمستثمرين بها. وأشاد رئيس اللجنة التجارية الوطنية بمجلس الغرف السعودية الدكتور سليمان العييري، بفكرة مكتب خدمة المستثمرين في إمارة منطقة الباحة، معتبرًا ذلك المكتب إحدى أهم وسائل استقطاب الاستثمار، محفزًا الدكتور العييري رجال الأعمال إلى الاستثمار بالمنطقة، والاطّلاع على فرصها الاستثمارية والاستفادة، مما يقدّم من تسهيلات وخدمات وما يتوفّر قبل ذلك في المنطقة من فرص ومقومات استثمارية مناسبة. الجدير بالذكر أنه أكثر من 40 متنزها وغابة تشتهر بتنوع الأشجار وكثرة الورود والأزهار وخمس محافظات ومدينة الباحة فتحت ذراعيها للمصطافين والزوّار، حيث شهدت حالة تنافسية على استقطاب المصطافين والسواح من داخل وخارج المملكة من خلال مواقعها السياحة المتنوعة والبرامج والفعاليات، التي لبّت رغبات الأسر بمختلف مراحلها العمرية.