الإعلامي المخضرم عبدالعزيز قاسم -مقدم برنامج (حراك) في قناة (فور شباب) والكاتب بصحيفة الوطن السعودية- فتح قلبه لمحاور ل(المواطن)، وكشف -بجرأته المعهودة- تفاصيل مثيرة في مسيرته الإعلامية ننقلها لكم من خلال الحوار التالي: – ما القضية التي تشغل تفكيرك عندما تهمّ في كتابة عمودك اليومي؟ الجديد الذي سأقدمه ككاتب للقارئ في موضوع المقالة.. هذا هو الهمّ الذي يشغلني قبل وأثناء وبعد الكتابة.. طبعاً، أمامك رقباء وأنت تكتب؛ أولاً توجّه الصحيفة، ومن ثمّ الرقيب الأمني، وأخيراً الرقيب الداخلي فيك، تتقاذف الفكرة جميع تلك العوامل.. الاحترافية أن توصل الفكرة كاملة مع مرورك بأولئك الرقباء. – ما الخطوط الحمراء التي لا يمكن تتجاوزها عند الكتابة اليومية؟ الثالوث القديم المتجدد أبداً؛ الدين والجنس والسياسة، صحيح أننا خطونا خطوات بعيدة في الانفتاح تجاهها، إلا أنه ثالوث لا يزال حاضراً أمام الكاتب.. – من وجهة نظرك، هل هناك كُتّاب يستحقون المتابعة في صحافتنا المحلية؟ بالتأكيد، ثمة كتّاب على مستوى عالٍ من المصداقية والمهنية، بسبب الموضوعية والعلمية التي يكتبون بها، ولكن الكتّاب الذين تملصوا من الرقابة الموجودة في صحفنا المحلية، وهربوا لوسائل التواصل الاجتماعي، لديهم مساحة كبيرة للتعبير عن آرائهم بحرية ممتدة، ولذلك كوّنوا شعبية كبيرة هناك، وتتابعهم مئات الآلاف والملايين.. وتصاغر كتاب الصحف أمامهم. – هل ندمت يوماً ما على كتابة مقال؟ لا والله، إلى الآن لا يحضرني أنني ندمت على أية مقالة كتبتها، وثمة مقالات كان لها صدىً كبير، وردود فعل مضادة أو مؤيدة، وبعضها صادمني بشكل عنيف، ولكني مؤمن بكل حرف كتبته، لذلك لم آبه كثيراً، وتحملت كل ما أتاني. – ما الهدف الذي لم تحققه حتى الآن؟ لكل مرحلة من حياتنا أهداف، وأنا أجدول تلكم الأهداف والحمد لله، حققت كثيراً منها، وما زلت ضمن مساراتي التي تروم تحقيق بقية الأهداف. – بعد تجربتك الحافلة في الكتابة اليومية.. هل ترى أنها تركت أثراً في المشهد المحلي؟ الحمد لله، وأشعر بتأثير بعض تلك المقالات، وإن كان برنامجي (حراك) هو أقوى تأثيراً وأكثر انتشاراً من المقالات، ولا تقارن الفضائية بالصحف، فالفارق بينهما شاسع. – متى ستترك صحيفة "الوطن"؟ الكتابة بصحيفة "الوطن" لها مذاق خاص، تميزت الصحيفة منذ إنشائها بأنها الصحيفة الأقوى في المقالات، لذلك أحرص على أن أتواجد فيها ككاتب، بل حتى عندما كنت أعمل في مؤسسة (عكاظ) لم أترك الكتابة في الوطن. أتمنى أن أستمر كاتباً فيها وأن لا أغادرها.. – كيف ترى مستواك "الكتابي" بين زملائك الكتّاب في جريدة "الوطن"؟ الصحيفة تعجّ بكتاب محترفين، وشرف لي أن أتواجد بينهم. – ما سبب تركك قناة دليل؟ حلقة كانت عن الفقر بالسعودية، وتكلم فيها أحد المتداخلين، اعتبرها الإعلام تجاوزاً، فدفعت الثمن.. لقناة (دليل) فضل كبير عليّ، ولمديرها الأستاذ الخلوق عبدالله القرشي يدٌ ومعروف في دخولي الساحة الفضائية، وأدين له بكثير.. وهي فرصة لأشكر كل من ساندني أثناء التوقيف، ولمعالي الوالد الدكتور عبدالعزيز خوجة الفضل -بعد الله- في استئنافي والسماح لي بالعودة لبرنامجي. – أحدث مقالُك عن سجن ذهبان والحاير، ردود فعل غاضبة وجدلاً واسعاً.. كيف تعلق؟ كنت أقول لبعض المشايخ والدعاة، من الذين عاتبوني على تلكم المقالات، إنني أتقرب إلى الله يوم القيامة بعملين إعلاميين، هما الأرجى عندي يوم لا ينفع مال ولا بنون، الحلقتان اللتان قمت بهما للمعتقلين السعوديين في العراق، وكتاباتي عن السجون في السعودية، ولربما يختصر هذا الردّ على كثيرين ممن أساؤوا الظن بي، وذهبوا بي لمذاهب بعيدة. – هناك من قال إنك قبضت مكافأة مالية لقاء تلك الكتابات.. ما صحة ذلك؟ – أنا في شهر الصوم، وأقسم بالله العظيم الذي لا إله إلا هو، لم أقبض ريالاً واحداً، وأقسم ثانية بأنني لست موظفاً أو متعاوناً في المباحث أو الداخلية، لا قبل هذه الكتابات ولا بعدها، وإنما كتبت بدافع وطنيّ صرف، رأيت فيه إظهار الجوانب المفترض أن نشيد بها، كي يطّرد المسؤولون في التسامح وبذل الأفضل للمعتقلين، ومساعدة الدولة في إنهاء هذا الملف الشائك. تعرضت لهجوم عنيف، وقاطعني بعض أصدقائي الدعاة والناشطين -بلا أي أسف عليهم ولا ندم- وما كتبته كان بوازع من ضميري، وما رأيت أنه الصواب. ويعلم الله أنني رأيت أكثر مما كتبت، ولو سردت كل ما كتبت لهال المجتمع ماذا يوجد بتلك السجون. – ولكنك ذكرت الجوانب الإيجابية فقط، فلم؟ – يا سيدي كتبت مما رأيت، وقلت هذا في مقالاتي بأنني أكتب من وحي ما رأيت، وبالتأكيد ثمة أمور لا أعلمها، ولا أزعم أنني ملمّ بكل التفاصيل، وسطّرت هذا، وكتبت أن هناك أخطاءً حدثت وتحدث، وطالبت بأن يذهب المتضررون للجان حقوق الإنسان ويطالبوا بحقوقهم، وقلت إن هناك كثيرين من الشباب، لم يحاكموا، ومن حقهم أن يقدموا للمحكمة، وتشفعت لأولئك الذين تهمهم بسيطة للإفراج عنهم. لكن يقينا، أن بعض الناس لا يريدون إلا أن أشتم الدولة ليرضوا عني، ولأصبح بطلاً حقوقياً.. نعمة الأمن التي نعيشها، لا يعرفها إلا من فقدها.. وليحفظ الله بلادنا من كل من يريد الإخلال بأمنها، وأن يقيم فيها العدل ويشيعه. ما الذي تود أن توجهه من رسالة في هذا الشأن؟ كتبت كل رسائلي في تلك المقالات، وأسأل الله أن ينتهي هذا الملف قريباً، ولكنني بصدق أتمنى أن يطرح موضوع المعتقلين بكل شفافية، وأن تنقل المناصحات التي تقدم لهم، ليرى المجتمع الفكر الذي عليه مجموعة من المعتقلين، وليساعد الدولة في إصلاح هؤلاء الشباب، فهم أبناؤنا في النهاية. ومن جهة أخرى، ثمة شباب لم يحاكموا، وأتمنى أن يحظوا بمكرمة من خادم الحرمين للإفراج عنهم، لأولئك الذين لم يتورطوا في أعمال عنف مباشرة. أسأل الله أن يوفق وزير الداخلية لإنهاء هذا الملف النازف. – دعنا نتتقل بعيداً عن السجون، ونسألك عن المجموعة البريدية خاصتك، وأنت الذي قلت بأنك ستوقفها؟ المجموعة البريدية دخلت عامها السابع، ولم أتصور أبداً أنني سأمضي بها كل هذا الوقت، وأقطع بها هذا الشوط بين النخب المثقفة والشرعية.. المجموعة باتت هواية أدمنتها، وأكرمني الله، بأخت كريمة ونشيطة هي الفضلى "سماوية" تقوم بإعداد 80% من موادها باحتراف. المجموعة البريدية كانت مدار سجالات عديدة في أعوامها السابقة، والآن مع تويتر وانتقال المتساجلين إليها، باتت المجموعة تلم بأهم المقالات والحراك الفكري في السعودية، وأشرف بمتابعة نخب ومسؤولين كبار فيها، لم يحن أوان إغلاقها، إذ ما زالت حيوية، ويؤمها كبار النخب. – ماذا عن برنامج "حراك"، ما الفرق بينه وبين "البيان التالي"؟ ثمة فوارق في القناتين، ولكن البرنامج تقريباً واحد.. كسبت الشباب في (حراك)، وما زلت أكافح لأضعه في البرامج الأولى السعودية، وهو ما توسمه مني أخي د. علي العمري، الذي أشكر له نبله وشهامته في استضافتي بقناته. – من برأيك أبرز مقدمي البرامج في القنوات الاسلامية؟ هناك عميدنا د. فهد السنيدي، والذي تألق في رمضان هذا العام، وأتأسف له بإيقاف برنامجه، وهناك الزميل الخلوق عبدالله المديفر، استطاع بذكاء ومهارة السطوع ببرنامجه والتحليق بعيداً. – من هم الضيوف الذين ترتاح معهم، وأولئك الذين تخشاهم؟ كل ضيف ليس لديه مطمع في مناصب، سيضيء الحلقة؛ لأنه يتكلم بحرية، وأرتاح كثيراً لهؤلاء، أما الذي أخشاه، فقط محسن العواجي، لا تدري بما يفجؤك ذاك الرسيّ. – يعدك كثيرون بأنك أخرجت للفضائيات مجموعة من التيار المحافظ من العنصر النسائي.. فمن الأبرز منهن؟ أحمد الله على ذلك، والحقيقة أن المشاركات كنّ على مستوى جيد من التمكن الفضائي، هناك الزميلة عائشة الشهري، ترتجل مداخلتها، وهناك الزميلة الفذة سارة العمري، والأختان ريم آل عاطف وحصة الأسمري، من الأخوات المميزات اللواتي قدمن رؤية مشرقة للتيار المحافظ، وهناك أكاديميات وناشطات مميزات شاركن معي ولله الحمد، وأثبتن أن النساء لا يقللن إبداعاً عن الرجال. – طالبك قبل فترة سليمان الدويش وعبدالعزيز الريس بإقامة مناظرة بينهما، ماذا حصل؟ والله وافقت على إدارتها، ولكن لم نجد القناة التي تستضيف هذه المناظرة بينهما، وأحمد الله على ذلك، فهناك في الأمة من الموضوعات والهموم أكبر من القضية التي يتساجلان فيها. – وأيضا حسن فرحان المالكي، اقترح اسمك لتدير الحوار معه، بعد حادثة قناة وصال، ما الذي حدث؟ نعم، ووافقت بسبب ما أحسن بي الظن، رغم معرفته بأنني مختلف معه بالكلية، ولكن اختياره لي، شهادة منه بحيادية طرحي.. بالطبع، لم توجد قناة توافق على تلك المناظرة، وحاولت مع قناة دليل لإقامة المناظرة، ولكن الإعلام منعها. وجه رسائل.. – لثلاثة وزراء: وزير الاعلام.. لا أنسى لك وقفتك معي معالي الوزير عبدالعزيز خوجة إبّان إيقافي، واتصالاتك التي كانت تبعث رسائل اطمئنان، كنت أباً حقيقياً لا وزير إعلام. وزير التربية والتعليم.. وقوفك بالحياد أمام ما يطال إدارات التعليم من كشف الفساد، يحسب لك، والعادة أن الوزراء يحمون هؤلاء الفسدة بحجة الصورة العامة للوزارة.. بيد أن أمامك كثير وكثير.. أعانك الله. وزير العدل.. سيبقى الجرح يرعف من إقامة الدعوى عليّ، وأنا الذي ساند الوزراة بقلمه وبرنامجه.. ما فعلته وزارتك كان درساً لكل الذين يناصرونها بأنها لا تحفظ أيّ يد أو معروف. – ولثلاثة كتاب: خالد السليمان.. رشاقة قلم، بضمير حيّ، وموضوعية مُثلى، وأمانة في الطرح.. هي صفاتك أيها الكاتب الجميل. جمال سلطان.. الكل يبادرني بهذا السؤال: ما الذي حصل لقلم صديقك جمال سلطان، لينقلب هذا الانقلاب؟.. أحير جواباً أيها الصديق. ريم آل عاطف.. سدد الله قلمك، وألهمك الحكمة وبعد النظر، أثبتّ أن الحدود لا تعيق أمانة القلم، ولا لُوبيّات الصحافة أن تخرس الصوت المحافظ. – ولثلاثة دعاة: سليمان الدويش.. افتقدنا مقالاتك الساخنة الممتلئة شغباً، ما زالت دعوتي قائمة لرحلة في الحبشة مع عبدالله الزقيل ومحمد السعيدي. وليد الرشودي.. كم أحبك في الله، رغم بعض اختلافنا الفكري، وبك رؤية بعيدة للأحداث، لكنك لا تجاهر بها لتوازناتك الكثيرة يغفر الله لك. – عبدالعزيز الريس.. ظهورك للإعلام بهذا الشكل المميز، إيجابية تحسب لك، وأشكر لك تهذيبك ورقيك في الحلقة.. وكثيرون لا يعرفون أنك كتبت مقالة شنعت فيها عليّ إبان زيارة الشيخ الصفار، ورغم ذلك، يظل الحب في الله بيننا. – أخيراً.. دوماً تذكر الطائف، ما سبب تعلقك بها؟ بها ولادتي وطفولتي ويفاعتي، بها أحبتي، وكل أحلامي التي حلمت بها.. ألوذ لجبال الشفا، وأحنّ لأهل تلك السفوح.. الطائف بكل أزقتها الشعبية قصة عشق لا تنتهي. div class="addthis_inline_share_toolbox_3adf" data-url="https://www.almowaten.net/?p=45831" data-title="عبدالعزيز قاسم ل"المواطن": أقسم بالله أنني لست موظفاً في المباحث"