سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشيخ #صالح_الفوزان.. مِن أعلم العلماء المعروفين وشهد له بالفقه في دين الله هيئة كبار العلماء بالسعودية.. توازن معرفي واعتدال ديني في زمن الفتنة (الحلقة الثالثة)
تقع على كاهل هيئة كبار العلماء في السعودية، في مرحلة الفتن الراهنة بين المذاهب الإسلامية، أصعب المهام لقيادة زمام مرحلة إبداء الاعتدال الديني من خلال التوازن المعرفي لتناول القيم الثمينة لرسالة الدين الإسلامي الوسطية المعتدلة، من أجل كسب جولة مهمة، من أمام صائدي افتعال الإشكاليات على الصعيد الدولي أو الإقليمي. لهذا تقرأ “المواطن” في فكر أعضاء هيئة كبار العلماء ال19، من أجل أن يعيد القراء الارتباط بشخصيات هذه النخبة العلمية، والاقتراب منهم أكثر وأكثر. ثالث هؤلاء العلماء، هو الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، المولود في غرة رجب 1354ه بالشماسية في منطقة القصيم قرب بريدة، حيث يعود نسبه إلى الوداعين من قبيلة الدواسر. توفي والده وهو صغير، فتربى في أسرته وتعلم القرآن الكريم. أصبح لاحقاً في هيئة كبار العلماء وعضواً في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، إلى جانب عضويته في المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ولجنة الإشراف على الدعاة في الحج، كما أنه إمام وخطيب جامع الأمير متعب بن عبدالعزيز في الملز بالرياض. مشواره العلمي تعلم الشيخ الفوزان مبادئ القراءة والكتابة أولاً على يد إمام مسجد البلد الشيخ حمود بن سليمان التلال، قبل أن يلتحق بمدرسة الحكومة حين افتتاحها في الشماسية عام 1369 ه، وأكمل دراسته الابتدائية في المدرسة الفيصلية ببريدة عام 1371 ه، وتعيَّن مدرساً في الابتدائي. ثم التحق بالمعهد العلمي ببريدة عند افتتاحه عام 1373 ه، وتخرج فيه عام 1377 ه، والتحق بكلية الشريعة بالرياض، وتخرج فيها عام 1381 ه، ثم نال درجة الماجستير في الفقه، ثم درجة الدكتوراه من هذه الكلية في تخصص الفقه أيضاً. بعد تخرُّجه من كلية الشريعة عيِّن مدرساً في المعهد العلمي بالرياض، ثم نُقل للتدريس في كلية الشريعة، ثم للتدريس في الدراسات العليا بكلية أصول الدين، ثم المعهد العالي للقضاء، ثم عيِّن مديراً للمعهد العالي للقضاء، ثم عاد للتدريس فيه بعد انتهاء مدة الإدارة، ثم نُقل عضواً في اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية، ولا يزال على رأس العمل وعضو في المجمع الفقهي بمكة المكرمة. ويعتبر الشيخ الفوزان من أعلم العلماء المعروفين، حيث شهد له الشيخ ابن باز وابن عثيمين وابن غديان (رحمهم الله) بكثرة العلم والفقه في دين الله، حيث تتلمذ على أيدي عدد من العلماء والفقهاء البارزين، من أشهرهم: الشيخ عبدالرحمن السعدي، الشيخ عبدالعزيز بن باز، الشيخ عبدالله بن حميد (كان يحضر دروسه في جامع بريدة)، الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، الشيخ عبدالرزاق عفيفي، الشيخ صالح السكيتي، الشيخ صالح البليهي، الشيخ محمد بن سبيل، الشيخ عبدالله الخليفي، الشيخ إبراهيم العبدالمحسن، الشيخ حمود الشعيبي، الشيخ صالح الناصر، الشيخ محمد المنصور، وغيرهم من شيوخ الأزهر المنتدبين في الحديث والتفسير واللغة العربية. 58 كتاباً للشيخ الفوزان قدم الشيخ الفوزان نحو 58 كتاباً للمكتبة الشرعية، كان لها صداها العلمي البارز في الأوساط العلمية المختلفة، من خلال منهج أهل التوحيد. ولعل من أبرز مؤلفات الشيخ الدكتور الفوزان: “الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد”، “البيان فيما أخطأ فيه بعض الكُتّاب”، “نقد كتاب الحلال والحرام في الإسلام”، “الضياء اللامع من الأحاديث القدسية الجوامع”، “البدع والمحدثات وما لا أصل له”، “بحوث فقهية في قضايا عصرية”، “فقه وفتاوى البيوع”، “من مشكلات الشباب”، “وجوب التثبُّت في الأخبار واحترام العلماء”، و”التحذير من الفوضى والفتن والمظاهرات”. ولي العهد يقبِّل رأسه احتراماً عندما قدِم الشيخ الفوزان لتقديم مبايعته لولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، قابله المُبايَع باحتفائية لافتة، حينما قبّل رأسه عدة مرات، في إشارة إلى احترامه لمقامه وعلمه الرفيع، ودفاعه المستميت عن الحق في كل القضايا. لهذا وعلى سبيل المثال، اهتم بإحالة الحملات المغرضة المنظمة ضد السعودية إلى “حاقدين” منتسبين لمذهب الخوارج، حيث أوضح أنهم يستحلون دماء المسلمين بغير حق، ويكفِّرون من لا يوافقهم في التوجُّه، مؤكداً أن هذا منهجهم منذ عهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب “كرّم الله وجهه”. ولهذا أيضاً كان واضحاً في اعتبار مضاعفة مخالفات نظام ساهر عند التأخُّر في السداد “من قبيل الربا، مثل ربا الجاهلية”، رغم أن لم يرفض الغرامة أصلاً، بما أنها نظام لمصلحة الناس وحفظ أرواحهم. رابط فيديو تقبيل ولي العهد يوم البيعة لرأس الفوزان عدة مرات: صرامة رفض “الجمعيات” وتحديد دروس للاختبارات يُدرك الشيخ الدكتور الفوزان أن هناك علماء كباراً أجازوا عمل “الجمعيات” بين الموظفين، لكنه مع ذلك كان له رأيه الفقهي الخاص، عندما سُئل عنها ضمن برنامج “فتاوى” في القناة الأولى. وبكل وضوح وصرامة، قال الشيخ الفوزان إنها “غير جائزة؛ لأنها تقارض، فهي قرض يجر قرضاً، فأنت لا تقرضهم إلا بشرط أن يُقرضوك، فهو تقارض بين الجماعة”. كما كان صارماً أيضاً رداً على استفسار بنفس البرنامج في حلقة مختلفة، عن حكم تحديد المعلمين لمواضيع ودروس بعينها للطلاب يأتي منه الاختبار، حيث اعتبر ذلك غشاً لا يجوز، وقال: “من واجب المدرِّس أن يخفي مواضع الاختبار عن الطلاب، وأن يكون المقرر كله احتمالاً؛ لأجل أن يذاكروه كله، ولا يحدد لهم فإن هذا من الغش”. رفض التكفير مهما كان وعبر نفس برنامج “فتاوى”، أصر أحد السائلين على طرح سؤال يريد إجابة واضحة عنه، وهو بشأن تكفير بعض الحكام، وتحدث تحديداً عن بشار الأسد وسأل الشيخ الفوزان بحكم موقعه العلمي والإفتائي: هل “بشار الأسد” كافر؟ وكانت إجابته الفورية رافضة لفكرة التفكير مهما كانت، وقال للسائل: “إن الله لم يكلفك بذلك، فشأن التكفير خطير وحساس، وهو من اختصاص أهل العلم فقط”، مشيراً إلى الحديث عن تكفير الناس في المجالس من الأمور المرفوضة، ناهياً من الانشغال بمثل هذه الأمور. رابط فيديو رفض الشيخ الفوزان لتكفير الناس عند سؤاله هل بشار الأسد كافر: