ينحصر مفهوم الكثير من الناس عن الغذاء بالتخلص من الجوع وإرضاء الشهية فقط، بينما مفهوم الغذاء أعمّ وأشمل من ذلك. فالتغذية لها دور مهم في حياتنا؛ حتى قبل ولادتنا، وكما أثبتت الدراساتُ العلمية أن الطعام الذي نأكله له دلالات مؤثرة على الصحة، وتغيير الإنسان لنظامه الغذائي قد يساعده على منع أو التحكم في كثير من المشاكل الصحية، مثل البدانة وبعض الأمراض المزمنة وتحسين حالته الصحية والجسدية بشكل عام. ولكن هذا لا يعني، أن نقوم بالتجريب أو تطبيق أي وصفة علاجية غذائية؛ كون الغذاء لا ضرر منه. وللأسف، كثير من المفاهيم لدينا في مجتمعنا العربي، نتناقلها بتصديق تام دون تكلفة أنفسنا في التحري، والبحث عن صحتها بقراءة الأبحاث العلمية المعتمدة، أو بسؤال ذوي الاختصاص. حيث يصلنا يومياً على الواتساب أو تويتر وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الخلطات والوصفات الشعبية، التي تزعم بعلاج أمراض معينة، وأمراض مزمنة كالسكري، وما شابه دون معرفة هوية المرسل؛ لذلك وجب التنبيه وتوعية وتثقيف الناس * مفاهيم خاطئة وخرافات: في البداية، قالت إخصائية التغذية “نوره الشعباني”: “للأسف، تصلنا تحذيرات من بعض الأغذية، كالتحذير من شرب الكركديه، وهو ساخن كونه رافعاً للضغط، والبارد خافضاً له، وهذا خطأ، التصحيح، أنه لا فرق بين البارد والحار، كلاهما خافضان للضغط؛ كونه مدراً للبول، وكذلك التحذير من أكل الطماطم لمصابي الضغط، وهذا معتقد شائع يتكرر علينا في وسائل التواصل الاجتماعي، والتصحيح أن الطماطم تحتوي على ملح البوتاسيوم المنظم؛ لتركيز الصوديوم، والمنظم لضغط الدم، فلا خوف من تناولها ولا مضرة”. وأضافت: “من الخرافات التي تواردت علينا، ووصلتني عبر تطبيق الواتساب، إذا كنت تشرب شيئاً بارداً، وأحسست بصداع فإنها جلطة جزئية والجمع بين السمك والألبان بوجبة واحدة؛ تسبب البهاق، كذلك خلط الزنجبيل والقرفة، يُنتج مادة سامة، وخلطة الشخص الفلاني لعلاج السكر نهائياً”. وأشارت إلى أن كل تلك الأمور خاطئة تماماً، ويجب الحد من نشرها؛ مضيفة “إذا وصلتنا أي رسائل مشابهة علينا قبل نشرها التحري، والبحث في صحتها من مواقع علمية معتمدة، لا المنتديات، أو بسؤال أهل العلم والاختصاص، إن كانت صحيحة قم بإعادة إرسالها، وإن كانت خاطئة عليك بتثقيف من حولك، ووقف تداولها”. وتشمل التحذيرات من الخلطات التي يتم الترويج لها بأهداف علاجية، كالخلطة التي انتشرت لعطار معروف “دون ذكر أسماء” يزعم بأنها مقوية للجسم، وعند التحري في مكوناتها وجد أنها تحتوي مادة الأسيتامينوفين، وهي سبب رئيسي لحصول فشل بوظائف الكبد. وكذلك خلطات التسمين التي تم إيقافها؛ بسبب احتوائها على علاجات الحساسية والكورتيزون، فتحبس السوائل بالجسم، ويزداد الوزن بصورة خاطئة، ناهيك عن انتشار العسل الخافض للسكري، وهو في الأصل عبارة عن عسل مضاف إليه مادة “ميتافورمين”، وهو علاج سكري مشهور. وتابعت بقولها: “دوري كأخصائية تغذية، هو وقف نشر هذه الرسائل عند وصولها لي، وتصحيحها عبر حسابي الشخصي عبر تويتر @di_n0ra، وتثقيف من قام بإرسالها لي، كما أني أرحب بأي استفسار عن هذه الخلطات أو الرسائل من قبل مراجعي عيادتي، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالهدف هو الوصول إلى مجتمع واعٍ صحي وسليم بإذن الله”. * ادعاءات وتسويق: ترى أ. “صفاء بازرعة” – إخصائية تغذية عامة بمستشفى الملك فيصل التخصصي – أن مثل هذه الرسائل، التي تنتشر كثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، وأهمها “الواتساب”، تدعي التوصل لعلاج مرض مستعصٍ، أو تتبنى فكرة اتباع أغذية معينة، أو خلطات من أجل غرض ما أهمه نزول الوزن. وعلى سبيل المثال، بعض تلك الرسائل تدعي اكتشاف علاج للسكري، أو لأمراض الكُلى المزمنة؛ عن طريق عشبة أو خلطة ما، والآخر يصف جدول أغذية أو مشروباً سحرياً أو دواء، وحتى خلطة جاهزة لنزول الوزن، والبعض الآخر يدعي المعرفة العلمية، ويقوم بفتح باب الاستشارات! وأضافت: “رأيي كاختصاصية تغذية، هو عدم الانسياق وراء، تلك الادعاءات مجهولة المصدر؛ فحتى الاختصاصيين وأصحاب العلم في مواقع التواصل الاجتماعي، يعملون على تثقيف الناس بشكل عام كلٌّ في اختصاصه، ولا يقومون بالتشخيص أو صرف العلاج لأي حالة، إلا بعد الفحص الطبي السريري، وهذا الصحيح، فكيف بمن ينشر علاجات غير مبنية على أساس علمي، ويدعي صحتها وصحة تأثيرها على الجسم؟!”. وأشارت إلى أن “الحالة الصحية لكل شخص تختلف عن الآخر؛ لذا وجب على كل فرد استشارة طبيبه فيما يخص مرضه، فما يناسب غيره من علاج قد لا يناسبه، حتى وإن كان نفس المرض، استشيروا الأطباء وأصحاب العلم المعتمدين للوصول لأهدافكم، والمحافظة على صحتكم، فمواقع التواصل الاجتماعي، يكتب فيها العالم والجاهل، وليكن تساؤلكم عند قراءة أي معلومة.. أين ومَن المصدر؟”. الغذاء والدواء: زوروا موقعنا لكشف الشائعات أما فيما يخص تداول العلاجات والمكملات الغذائية عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح المدير التنفيذي للتوعية والإعلام في الهيئة العامة للغذاء والدواء، الصيدلي “عبدالرحمن السلطان” أن كثيراً من المعلومات المتداولة عبر وسائط الاتصال مثل “الواتساب”، وغيرها لا تعتمد على أساس علمي، كونها تصدر من أشخاص مجهولين أو جهات غير معروفة. وقال السلطان: “كثير منها يهدف لإثارة البلبلة والتسويق لمنتجات أخرى منافسة؛ لذا ننصح دوماً بضرورة زيارة الموقع الإلكتروني للهيئة العامة للغذاء والدواء WWW.sfda.gov.sa؛ الذي يحتوي على المعلومات المؤكدة والمعتمدة من الهيئة”. وأضاف السلطان أن الهيئة تنصح دائماً من خلال برامج وحملات تنفذها الإدارة التنفيذية للتوعية والإعلام بعدم تداول ونشر مثل هذه الرسائل دون التحقق من صدقيتها، مشدداً على أهمية الاتصال بالهيئة أو زيارة موقعها الإلكتروني وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، التي توضح جميع المنتجات الصحية والعشبية المسجلة والمعتمدة.