قمتُ مُؤخرًا بعمل مقارنات معياريّة والتي تُسمى “Benchmark” لعدد من مجالس الإدارة في بعض المنشآت داخل المملكة العربيّة السعوديّة وخارجها، ووجدت أنّ هناك تشابهًا كبيرًا في المهام والأدوار الذي تقوم بها المجالس؛ سواءً أكانت في الشركات أو الهيئات أو المعاهد أو المراكز، هذا ويعتمدُ نجاح المنشآت بشكل غير قليل على الدور الذي تقوم به المجالس في التخطيط الاستراتيجيّ، أو تحديد الأهداف والمُبادرات، والبرامج المُستهدفة، ومُتابعة الإنجازات، ومُحاسبة الإخفاقات. وليس من شك في أن مجالس الإدارة في المنشآت هي السلطة المُهيمنة على شؤون المنشأة وتصريف أمورها، وهي التي تتخذ جميع القرارات اللازمة لتحقيق أغراضها في حدود أحكام النظام وصلاحيّاته، وتتكوّن مجالس الإدارة من الرئيس والأعضاء، سواءً أكان عُضوًا يُمثل جهة لذات الجهة، أو عُضوًا يُمثل ذاته لخبرته أو تخصصه. وفي السنوات الأخيرة حرصت المنشآت على تقليص عدد أعضاء مجلس الإدارة بهدف سهولة عقد الاجتماعات، وسرعة اتخاذ القرارات، كما حرصت المنشآت على دعم تطوير أمانات مجالس إدارتها لكونها محور رئيس في نجاح أعمال المجالس، ولكلّ مجلس أمين يُوافق على تعيينه رئيس المجلس، وتتميّز طبيعة عمله بالسريّة، ويُفضل دائمًا أن يكون تخصصه وخبرته قانونيّة؛ لكونه يُعدّ من خطوط الدفاع الأولى لمجلس الإدارة، وهو المسؤول عن تمرير الموضوعات والقرارات، وتوثيق المداولات داخل الاجتماعات الخاصة بالمجلس واللجان المنبثقة منه؛ على شكل محاضر يتم توقيعها لاحقًا من الأعضاء، ويُعاونه في مهام عمله عدد من المُساعدين يقومون بالأعمال الإداريّة واللوجستيّة؛ ومنها كتابة قرارات المجلس، ومُتابعة إجراءات تبليغها للقطاعات المُختصة، حسب الهيكل التنظيميّ والحوكمة لكلّ منشأة، كما أن للمجالس عددًا من اللجان من أهمّها “اللجنة التنفيذية، لجنة الترشيحات والمكافآت، لجنة المراجعة” ومن المهام التي تقوم بها اللجان دراسة الموضوعات التي ستطرح على المجلس قبل عرضها، ومراجعة تقارير الأداء والتقارير، والحسابات الختاميّة … إلخ. وخلاصة ما توصلتُ إليه في المقارنات المعياريّة، ضرورة حوكمة العمل في مجالس الإدارة من خلال الهيكل التنظيميّ واللوائح التنفيذيّة وتفعيلها والعمل بها، ومن اللوائح المُهمّة “لائحة عمل مجلس الإدارة” والتي تتضمن تفاصيل الإجراءات والمهام والصلاحيّات والواجبات والمسؤوليات التي تقع على عاتق كلّ من “المجلس، رئيس المجلس، أعضاء المجلس، أمين المجلس”، ومنها لوائح اللجان المنبثقة من مجلس الإدارة، والتي تُحدد تفاصيل الإجراءات والمهام والصلاحيات والواجبات والمسؤوليّات التي تقع على عاتق كلّ لجنة. كما أن للتقنية جزءًا كبيرًا في تطوير أعمال المجالس، يُمكن من خلالها اختصار كثير من الوقت في اتخاذ القرارات، ومن البرامج التقنية المُقترح تفعيلها في تعاملات مجالس الإدارة “برنامج Flipping Book والذي يتيح تحويل الملفات المرسلة لأعضاء المجالس واللجان إلى كتب سهلة التصفح يُمكّن العضو من التصفح وتدوين الملاحظات إلكترونيًّا، كذلك برنامج DocuSign والذي يُتيح للأعضاء توقيع الملفات إلكترونيًّا، وكذلك برنامج Doodle والذي يتيح للأعضاء التصويت على تحديد التاريخ المناسب للاجتماع” وغيرها من البرامج التقنية التي تسهل وتضبط أعمال المجالس. ولا بد أن نُؤمن أن الهيكلة الحديثة، والحوكمة، والأتمتة، محاور رئيسة لنجاح مجالس الإدارة والمنشآت، والقضاء على البيروقراطيّة. مستشار قانوني [email protected]