كثيرًا ما نتساهل في استخدامنا لتقنية المعلومات ووسائلها المُختلفة، ويظهر هذا من خلال الكتابة أو التسجيل سواء أكان بالصوت أو الصورة، قد نتفاعل إيجابًا أو سلبًا فيما يُطرح علينا بمواقع التواصل الاجتماعي، ونغفل بأن هناك جرائم معلوماتية يتم تجريمها في حال ثبوت أركانها، حيث صدر “نظام مُكافحة جرائم المعلومات” بقرار مجلس الوزراء رقم (79) بتاريخ 7/3/1428ه، وتمت المصادقة عليه بمُوجب المرسوم الملكي الكريم رقم (م/17) بتاريخ 8/3/1428ه، ويتضمن النظام ستّ عشرة مادة نظاميّة؛ تُفصّل من خلالها أنواع الجرائم والعقوبات المقرّرة، فهذه المواد تسعى إلى تحقيق التوازن الضروريّ بين الاستعانة بالتقنية الحديثة ومصلحة الإنسان التي تتضمن حماية حياته الخاصة والحفاظ على أسراره، كما تُساعد على تحقيق النظام المعلوماتي، وحفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع لوسائل التقنية الحديثة، وعليه فإنّ “نظام مكافحة جرائم المعلومات” هو حماية للمُجتمع ومصالحه العامة، من خلال إرساء القيم والأخلاق والآداب، ما يعود بالنفع على الوطن من خلال المحافظة على لُحْمته ومقدراته واقتصاده. ومن الأفعال المُجرّمة في مواد هذا النظام: “الدخول غير المشروع لتهديد شخص وابتزازه؛ لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، ولو كان القيام بهذا الفعل أو الامتناع عنه مشروعًا”. “المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، أو ما في حُكمها”. “نشر وثائق مزورة أو صور لأشخاص والتشهير بهم، أو التحرش وإلحاق الضرر عبر وسائل تقنية المعلومات المختلفة”. “الاستيلاء لنفسه أو لغيرة على مال منقول أو على سند، أو توقيع لهذا السند؛ وذلك عن طريق الاحتيال، أو اتخاذ اسم كاذب، أو انتحال صفة غير صحيحة”. “الوصول دون مسوّغ نظامي صحيح إلى بيانات بنكيّة، أو ائتمانيّة، أو بيانات مُتعلقة بملكيّة أو أوراق ماليّة؛ للحصول على بيانات، أو معلومات، أو أموال، أو ما تتيحه من خدمات”. “الدخول غير المشروع لإلغاء بيانات خاصة، أو حذفها، أو تدميرها، أو تسريبها، أو إتلافها، أو تغييرها، أو إعادة نشرها”. “إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينيّة، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتيّة، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي”. “إنشاء المواد والبيانات المتعلقة بالشبكات الإباحيّة، أو أنشطة الميسر المُخلة بالآداب العامة أو نشرها أو ترويجها”. “إنشاء موقع على الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو نشره، للإتجار بالمخدرات، أو المؤثرات العقلية، أو ترويجها، أو طرق تعاطيها، أو لتسهيل التعامل بها”. “إنشاء موقع لمنظمات إرهابيّة على الشبكة المعلوماتيّة، أو أجهزة الحاسب الآلي أو نشره؛ لتسهيل الاتصال بقيادات تلك المنظمات”. ومن الأمثلة على الجرائم المعلوماتية؛ اعتقاد البعض وهم قِلةٌ أن وجود بيانات شخصية لديهم لأشخاص يعرفونهم يُمكّنهم من استغلالها عن طريق تهديد أصحابها وابتزازهم، كذلك بالنسبة لتصوير الآخرين دون مُراعاة لخصوصياتهم، والحصول على إذنهم، كما أن الإساءة لأيّ شخص أخطأ بحقك من خلال الكتابة أو التسجيل مُستعينًا بوسائل المعلومات وتقنياتها المختلفة عن طريق النشر أو المساعدة عليه بهدف التشويه، سواء أكان بهويتك الشخصيّة أو باستخدام هوية مزيفة؛ يُعدّ من الجرائم المعلوماتية، ولا يخفى على العاقل أن المُختصين لديهم من الوسائل ما تكشف تفاصيل النشر وطريقته والمسؤول الأوّل عنه. هناك وسائل رسميّة وقنوات مُتعددة يُمكن من خلالها الإبلاغ عن أيّ ضرر أو تجاوز أو إساءة ومنها: “مراكز الشرطة”، تطبيق “كلنا أمن”، الأجهزة الذكيّة التابعة للأمن العام، البوابة الإلكترونيّة لوزارة الداخلية “أبشر”، الاتصال على الرقم “989”. الجريمة الإلكترونيّة هي فعل يتسبب بضرر جسيم للأفراد والمُجتمعات والمُؤسسات، والمواطن هو رجل الأمن الأوّل، ولديه من المسؤوليّة الأخلاقيّة والوطنيّة تجاه المُجتمع الكثير، ولنجعل من أنفسنا لبنة بناء في مُجتمعنا الغالي.