أميل كثيراً للكتابة الساخرة والتي قد تحتاج إلى جهد وتمحيص وتدقيق وتعب كثير تجنباً لسوء الفهم أولاً، وحتى تخرج بطابع مرح يسر من يقرأها، والحمد لله أنني لا أجيدها إلى حد ما إلى يومنا هذا! لكن موضوع اليوم لا يحتاج إلى كتابة ساخرة فهو السخرية بعينها، أسمعتم عن شر البلية؟ إن ما سأكتبه هو أساس البلية وشرها وشرارها المستطير. بداية إليكم هذه النكتة التي وصلتني بالواتساب ولا أعرف صاحبها، ولكن كما يبدو من السياق أنها لمسؤول أو شخص يصبو لمنصب وسيناله لأن ما فعله يدل على أنه متمرس ويجيد فن السياسة. تقول النكتة: مرشح للمجلس البلدي زار قرية وسأل وش مشاكلكم وأنا أحلها؟ الشيخ قال: عندنا مشكلتان الأولى ما فيه إنارة، المرشح قال: الحين أحلها طلع الجوال وقام يكلم أحداً يقوله بكرة ركبوا إنارة للقرية وخلص كلامه وحط الجوال بجيبه، وأردف المرشح سائلا: وش المشكلة الثانية؟ الشيخ قال: ما فيه شبكة جوال بالقرية!! أحبتي الكرام ألا تشبه هذه الحكاية حكايات وقصص الطالبين للصحة والباحثين عن العلاج في منطقة جازان؟ بل إن حال أهالي جازان الصحي أشد مرارة من شبكة جوال القرية! بالأمس احتلت أربعة مستشفيات في المنطقة المراتب الدنيا في ترتيب الصحة، لا أعلم الأسس أو المعايير المتبعة ومهما يكن فقد كانت النتائج قمة الإجحاف في حق المنطقة، فمن قام بالتقييم ربما طبق نص القانون ولم ينظر لروح القانون كما يقول أهل الرياضة. أحبتي أعضاء اللجان المتسوقة السرية: بعد التحية والتقدير والثناء على جهودكم الجبارة التي لا أعرف المقصود منها أو ما سيتبعها أود إخباركم بأن المستشفيات التي صنفتموها هي خط الدفاع الأول لمصابي حرب الجنوب من مدنين وعسكريين، فهل لمثل تلك المستشفيات والتي تقوم بمثل تلك الخدمات أن تقارن بمستشفيات الخمس نجوم في العاصمة والتي تخصص لها المليارات ولا يدخلها المريض إلا بألف واسطة وواسطة، وربما قد يفارق الحياة في قسم الطوارئ ذي الخمس نجوم بعد طول انتظار لسرير ودواء، وفي أغلب الأحوال يتم الرفض لأنه لا يتبع تلك المؤسسة الصحية الفارهة، أو ليس ذا أهليه للعلاج فيها، في حين أن المستشفيات ذات المستوى المتدني حسب تقييمكم السري أبوابها مشرعة للجميع وليس في قاموسهم كلمة لا أو راجعنا بكرة ويجهلون مصطلح لا يوجد سرير. وزارتنا الموقرة أحيي فيكم الشفافية وكم كنت أتمنى أن تكون النتائج سرية أو شبه سرية حتى يتم معرفة الأسباب التي أدت لمثل تلك النتائج، والتي أجزم أنكم تعرفونها كما يعرفها القاصي والداني، ولا أقول لكم إلا كما يقول ويردد الجميع: إن كنت لا تعلم فتلك مصيبة وإن كنت تعلم فالمصيبة أعظم. أحبتي المتسوقون ممثلو الوزارة: أليست هذه المستشفيات تتبعكم منذ أن كانت أرضًا قاحلة وقبل أول لبنة وضعت للبناء؟ فماذا قدمتم لها قبل أن ترسلوا متسوقكم السري؟ ألم يشتك أهلها ليلاً ونهاراً، فلماذا لم يأت متسوقكم جهاراً نهاراً لينظر في مطالب الأهالي ويسد احتياجات المستشفيات من العدة والعتاد من الاستشاريين والتمريض ومن الدواء قبل أن يستشري الداء؟ ألم يعلم قبل أن يزورنا متلحفاً السرية، أننا نعلم بعلمه بالتقصير وكذا علم من أرسله قبل أن يصل إلينا ليكتشف ما كان يعتقد أننا نخفيه، مع إيماننا بأن الجميع يعلم ما يعلمه المتسوق! ألم تفشل الكثير من مستشفياتنا في تخطي عديد الامتحانات من قبل، وبعضها نجح بتفوق أدهش الإدارة وأشاع الاستغراب من القائمين عليها مرددين كيف جنينا هذه الدرجات؟ بل كيف نجحنا؟ ولديكم العلم مسبقاً ولم تكونوا في حاجة لإرسال متسلق عفواً متسوق سري؟ وزارتي الحبيبة لن نردد كما يقول المثل: خبز خبزتيه يا الرفلة كليه، لأننا نعلم علم اليقين الجهود المبذولة للتصحيح والرقي بالخدمات الصحية في كافة المناطق وليس جازان فقط، ونعلم أن المسألة مسألة وقت ليس إلا، فكلنا أمل بالله ثم بالرؤيا 2030 لإضافة الكثير جداً بل لتحسين الخدمات الصحية كما يرى ويشاء صاحب الرؤيا حفظه الله وسدد خطاه وكتب له ولفريقه التوفيق والنجاح. ما زلنا في جازان ننتظر الوعود الكثيرة والكبيرة بالمدن الصحية والمستشفيات المتخصصة والمراكز المطورة وسنردد دوما يا وزارة الصحة ” سعيد في حرى أمزومة ” ولمعرفة سعيد وزومته قوقلها ورزقي ورزقك على الله يا سعيد.