عبّر البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان عن تقديره للسياسة الحكيمة التي ينتهجها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان. كما عبّر عن تطلعه للقاء خادم الحرمين الشريفين، مثمنًا عمله الدؤوب لتحقيق السلام. وأوضح أنه يحرص خلال زياراته على الدعوة إلى السلام وتعزيز العلاقات الطيبة مع العالم الإسلامي، وأنه يُكنُّ تقديرًا خاصًا للمملكة. جاء ذلك خلال لقاء وفد رسمي برئاسة مستشار وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبدالله بن فهد اللحيدان ببابا الفاتيكان. ونقل الوفد خلال اللقاء تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وتحيات حكومة وشعب المملكة العربية السعودية لبابا الفاتيكان. وأكد الوفد الرسمي برئاسة وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الذي يضم متخصصين في مجالات مختلفة أن هذه الزيارة جاءت لتعبر عن تقدير المملكة للبابا على مواقفه وتصريحاته الصادقة التي يدعو فيها إلى السلام والتعايش ويرفض الربط بين الأديان والإرهاب، وليؤكد الرغبة الصادقة والعميقة في إشاعة ثقافة الحوار والتعايش السلمي بين جميع أتباع الأديان والثقافات. وأشار اللقاء إلى الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – للفاتيكان عام 2007م ولقائه بالبابا بنديكتوس السادس عشر، وما نتج عن هذا الاجتماع من الاتفاق على أهمية الحوار بين الأديان والحضارات؛ لتعزيز التسامح الذي تحث عليه جميع الأديان، وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار لشعوب العالم كافة، وتأكيدهما على أن الشعوب تجمعها قيم مشتركة، وأن خير تعبير لهذه القيم المشتركة، هو ما جاءت به الأديان، وأن على جميع الدول والشعوب التكاتف في التصدي لظاهرة العنف والقضاء عليها، مؤكدًا أن هذه سياسة ثابتة تسير عليها المملكة والفاتيكان، وتم تأييدها في مؤتمر عالمي لعلماء من مختلف أرجاء العالم الإسلامي في مكةالمكرمة في عام 2008م. ولفت اللقاء إلى أن المملكة والفاتيكان تتمتعان بثقل ديني، وأن هناك أكثر من مليار وخمسمائة مليون مسلم حول العالم يتوجهون خمس مرات يوميًا نحو مكةالمكرمة، ويزور المملكة سنويًا أكثر من خمسة عشر مليون حاج ومعتمر، بالإضافة لما يتمتعان به من ثقل سياسي دولي اكتسباه من سياستهما المعتدلة واحترامهما للعقود والمواثيق التي يكونان طرفين فيهما. وقد تم على إثر جهود المملكة تأسيس مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات؛ الذي شارك فيه إضافة إلى المملكة كل من: أسبانيا والنمسا والفاتيكان، كما استمر دعم المملكة للسلام العالمي من خلال تأسيس مركز الملك سلمان للسلام العالمي في ماليزيا والمركز الدولي لمكافحة الفكر المتطرف "اعتدال" في الرياض، ومن خلال اللقاءات والجولات التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين – أيده الله – لإيمانه العميق بأهمية التواصل لتحقيق السلام. وقال رئيس الوفد: "إن الإسلام طالبنا وفق أخلاقياته بمعايشة الأديان الأخرى والعيش معها مهما اختلفت؛ لأن هذا الاختلاف أمر حتمي قضى به خالق الناس لحكمة يعلمها هو جل وعلا "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ...". لقد خلق الله الناس وأعطاهم حرية الاختيار، وسيُسألون عن خياراتهم في الآخرة. أما في هذه الحياة الدنيا فسيظلون مختلفين في أديانهم وألوانهم وعاداتهم وتقاليدهم، ولا يزالون كذلك إلى يوم الدين، قال تعالى "أفأنت تُكرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين" ،وهذه الاختلافات لا يجب أن تؤدي إلى الكراهية بل يجب أن تؤدي إلى التعارف والتعاون. وأضاف رئيس الوفد الدكتور عبدالله بن فهد اللحيدان أنه في إطار هذا التعاون الإنساني العام الذي يدعو إليه الإسلام، يبدو التعاون مع أتباع الديانات السماوية أكبر؛ لما يجمعها مع بعضها البعض؛ فالإسلام والمسيحية واليهودية تؤمن بالإلهية وبرسالة الرسل عليهم السلام وبالكتب السماوية وبالملائكة وباليوم الآخر يوم الحساب والثواب، والوصايا الأخلاقية مقررة في هذه الأديان: لا تقتل، لا تسرق، لا تزنِ، لا تكذب، ومنهج الحرام والحلال يدل على وجود نظام أخلاقي قائم على تحقيق وإشاعة نزعة الخير والمصلحة ومقاومة نزعة الشر والمفسدة. وكرر اللحيدان شكرة لبابا الفاتيكان على مواقفه الحاسمة في رفض ربط الأديان بالإرهاب وسعيه لتحقيق السلام في العالم. من جانب آخر التقى الوفد بمعالي أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين وأمين المجلس البابوي للحوار بين أتباع الأديان المونيسينيور ميغيل ايوسي، ودار خلال اللقاءين تبادل وجهات النظر حول سبل تعزيز الحوار والتعايش السلمي في العالم. وفي نهاية اللقاء قدّم الدكتور اللحيدان درع شكر وتقدير لبابا الفاتيكان وهدية تمثل التراث السعودي.