يعدّ الحطب من أقدم وسائل الطبيعة التي استعان بها الإنسان منذ قديم الزمن كمصدر من مصادر الطاقة، فضلاً عن الاسترشاد بنارها عند السفر والتنقل بين الجبال والصحاري في دجى الليل، بجانب دوره في أغراض الطهي، والتدفئة خلال فصل الشتاء، والاستخدامات المنزلية الأخرى. ومع انخفاض درجات الحرارة شتاءً؛ يلجأ الناس إلى البحث عن وسائل التدفئة المنزلية، ومن بينها أجهزة التدفئة التي تعمل بالكهرباء أو الغاز إلا أن إشعال الحطب ورائحة احتراقه، يظل جزءاً من عبق الحياة اليومية لدى الكثيرين، ويعده البعض جزءاً من تفاصيل حياتهم اليومية، ولا غنى عنه في أيام وليالي الشتاء. وفي هذا السياق قال شيخ طائفة باعة الحطب والفحم بالسوق عويتق بن عاتق الترجمي: إن أسعار الحطب تختلف بحسب النوع والحجم والكمية. وبين أن “السمر” يعدّ الأكثر طلباً ووفرة في سوق الحطب بالمدينةالمنورة، وتتراوح أسعاره بين 20 ريالاً وحتى 300 ريال، بحسب كمية الحطب المعروض، وحجم الأعواد وجودتها. وأضاف الترجمي، أن قرار منع الاحتطاب يعزّز جهود الدولة في حماية للبيئة والغطاء النباتي، كما يحفظ حقوق البائعين في السوق، مبيناً أن القوانين تمنع جلب شحنات الحطب للسوق، حيث تتم مصادرتها من قبل مندوبي وزارة البيئة والزراعة والمياه، ويقول عن حال السوق: إن الطلب على الحطب لا يزال محدوداً رغم برودة الطقس نسبياً، فيما يرتاد السوق زبائن غالبيتهم من المتنزهين وملاك المخيمات، ومن لديه ” مشبّ ” داخل مسكنه. ويرى محمد عزيان العوفي، أحد أقدم المشتغلين بمهنة بيع الحطب في المدينةالمنورة، أن السوق افتقد في سنواته الأخيرة إقبالَ الناس على شراء الحطب، مبيناً أن سوق الحطب له 17 عاماً في موقعه الحالي على سفح الجهة الشمالية الغربية من جبل أحد. ووصف الموقع بأنه مميّز وبعيد عن العمران وله مدخل واحد ويحيط به الجبل من باقي الجهات، مبيناً أنه يأتي إلى السوق مع بزوع الشمس صباحاً، ويمكث حتى المغيب ويعاونه عامله الوافد في تقطيع الحطب، وتوزيعه في كميات متعددة الأحجام، لتلبية طلبات الزبائن، مبدياً تفاؤله بعودة النشاط إلى السوق مع دخول فصل الشتاء. وتتعدّد أنواع الحطب وجودته ومدة اشتعاله، فمثلاً يعدّ “السمر” أفضل أنواع الحطب بحسب رأي باعة الحطب، وكذلك لكثرة طلب المشترين لهذا النوع من الحطب الذي يميل لونه للاحمرار ويعرف بقشرته الرقيقة، ويتميّز بقوة الجمر وحرارته العالية عند الاشتعال، ويصدر عنه دخان خفيف مقارنة بأنواع أخرى من الحطب، وتكثر زراعة أشجاره في عدة مناطق من أشهرها منطقة المدينةالمنورة، وكذلك حطب “السلم” الذي يميل لونه إلى البياض ويتميّز بسرعة الاشتعال ودرجة حرارة أقل من السمر، وينتشر في عدة مناطق بالمملكة. ويعد حطب “الأرطا” أحد الأنواع التي تنتشر زراعتها في المنطقة الوسطى، ويمتاز بقلة الدخان الذي ينبعث منه عند الاشتعال، وقشرته رقيقة جداً، في حين هناك نوع آخر من الحطب يسمى “الغضى” ويوجد بوفرة في المناطق الرملية، ويكثر استخدامه في منطقة القصيم، ويتميّز بحرارته الشديدة عند الاشتعال. وتشتهر المنطقة الجنوبية بوفرة شجر “الطلح” الذي يعدّ أحد أشهر أنواع الحطب التي يكثر استخدامها في عدة مدن، وتعرف جودة الحطب بشكل عام بقشرته اليابسة ونقاء عوده، بحيث لا تكون فيه رطوبة أو زوال قشرته، أو وجود تشققات. وإلى جانب أكوام الحطب في سوق الحطب بالمدينةالمنورة، يزداد الطلب على “الفحم” الذي تتعدّد استخداماته، حيث يستخدم في أغراض عدة، ويتم استيراد الفحم غالباً من خارج المملكة، ويعاد توزيعه في أكياس متعددة الأحجام ويباع بحسب الطلب. ويقول عاصم أبو محمد “سوداني” – يعمل في مهنة بيع الفحم منذ سنتين ونصف – إنه اكتسب أسرار المهنة خلال أيام منذ قدومه للمدينة المنورة، مشيراً إلى أن “النظارة” و”المخراز” أهم الأدوات التي يحرص على وجودها معه أثناء مزاولته مهنة تنقية الفحم وتوزيعه في أكياس يتم تغليفها يدوياً، مبيناً أن الفحم الخام يتم استيراده من إندونيسيا في الأغلب، بينما يتم استيراد الفحم الإفريقي من نيجيريا عبر موانئ دبي، إضافة إلى شحنات الفحم التي ترد من كولومبيا ودول أخرى. وبيّن عاصم أن مراحل تنقية الفحم الخام تبدأ بوضعه في صناديق بلاستيكية ذات فتحات صغيرة تسمح بزوال الترسبات والقطع الصغيرة من الفحم، ومن ثمّ يتم تصنيفه إلى أحجام متساوية، وإخراج الفحم الذي لم ينضج، ومن ثمّ يوزّع في أكياس متعددة الأحجام. ولفت النظر إلى أن أكثر الأنواع طلباً هي الكيس زنة 14 كيلوجرامًا ويبيعه بسعر 45 ريالاً للكيس، كما يقوم بتوصيل الفحم إلى بعض مستخدميه كالمطاعم والمحلات التي ترغب في بيعه بكميات متنوعة.