شهدت أول مناظرة تلفزيونية مباشرة بين المرشحين الستة للانتخابات الرئاسية في إيران في أمس الجمعة، مفاجآت ونقاشات حادة، حول الملفات السياسية وقضايا الفساد، فضلاً عن الكشف عن المتورطين والمسؤولين عن اقتحام سفارة المملكة العربية السعودية. وشهدت المناظرة نقاشات حادةً بين الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني ورئيس بلدية طهران المحافظ محمد باقر قاليباف. وتعددت الاتهامات ب”الكذب” و”سوء الإدارة” بين روحاني ونائبه الأول إسحق جهانغيري، وهو أيضا مرشح من جهة، وقاليباف من جهة أخرى، وفقاً ل”الإخبارية”. وأثار مرشحو الانتخابات الرئاسية الإيرانية خلال المناظرة التلفزيونية، قضية اقتحام السفارة الرياض في طهران، من جهات ميليشيات الباسيج والحرس الثوري، وكشف إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن مقتحمي السفارة ينشطون في الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي عن التيار المحافظ محمد باقر قاليباف، عمدة طهران الحالي. وأكد أن رجل الدين المتشدد حسن كردميهن، هو العقل المدبر لاقتحام السفارة الذي يعتبر من المقربين لقاليباف وناشطاً في حملته الانتخابية. وقال قاليباف مخاطباً روحاني “إن مشكلتنا الكبرى هي العمل، لقد وعدتم بإحداث أربعة ملايين فرصة عمل”. ورد حسن روحاني “لم يسبق أبداً أن وعدت بتوفير أربعة ملايين فرصة عمل، هذه كذبة”. وهيمنت قضايا البطالة التي تفوق نسبتها 12,4 بالمائة والسكن الاجتماعي ومساعدة الفئات المهمشة، على المناظرة التلفزيونية الأولى من ثلاثة بين مرشحي الرئاسة الإيرانية، وبقي المرشحون الثلاثة الآخرون، وهم رجل إبراهيم رئيسي والمحافظ مصطفى مير سليم والإصلاحي مصطفى هاشمي طبا، في الظل خلال هذه المناظرة الأولى. واتهم قاليباف روحاني وحكومته ب”سوء الإدارة” و”تكرار دائم للقول إن الحكومة لا تملك الإمكانيات” لحل مشكلات البلاد، خصوصاً البطالة ونقص السكن، كما اتهم نائب الرئيس بأنه في واقع الأمر مرشح لدعم روحاني لمساعدته في المناظرات التلفزيونية، وبحسب مسؤولين إصلاحيين سينسحب جهانغيري من السباق بعد المناظرات لتقديم الدعم للرئيس روحاني. من جهة أخرى، اتهم جهانغيري قاليباف بإدارة “طهران بعقلية عسكري” في إشارة إلى ماضي رئيس البلدية الذي كان في سلاح الجو التابع للحرس الثوري وقائدا للشرطة. وكان روحاني قد اتهم قاليباف في الانتخابات الرئاسية لعام 2013 بأن لديه “عقلية عسكرية”. واتهم قاليباف الحكومة بأنها حكومة “ال4 بالمئة الأكثر ثراء في المجتمع”، معتبراً أنه يتعين تعبئة موارد البلاد لمساعدة الفئات الفقيرة. أما المرشح مصطفى ميرسليم، وهو وزير الثقافة الإيراني الأسبق، فكشف عن أن نحو عشرة ملايين إيراني يعانون من الأمية ولا يجيدون القراءة والكتابة. وشهدت المناظرة الانتخابية الأولى التي بُثت على القناة الأولى للتلفزيون الإيراني مباشرة، نقاشاً حادًّا، حيث سأل نائب الرئيس الإيراني المرشحين المحافظين قائلاً: “من الذي اقتحم السفارة السعودية وأبعد السياح عن إيران؟”، وقال موجهاً كلامه إلى قاليباف: “إن مقتحمي السفارة السعودية يعملون في حملة مرشح للانتخابات وأنت تعرف مَن موّل الجماعات التي هاجمت السفارة في طهران”. وتبادل المناظرون الاتهامات وكشفوا إحصاءات عن الفساد والاختلاس والسرقات والبطالة والأزمات الاجتماعية والاقتصادية في إيران، وتحدث مصطفى مير سليم عن العشوائيات والهجرة إلى أطراف المدن، كما تحدث إبراهيم رئيسي عن آلية تنمية العدالة الاجتماعية والحد من التفاوت الطبقي، فيما تحدث مصطفى هاشمي طبا حول أزمة السكن. أما حسن روحاني فتطرق لأزمة زواج الشباب، بينما تكلم إسحاق جهانغيري عن القضايا الاجتماعية ومحمد باقر قاليباف عن المشكلات البيئية في إيران، مهاجام بشدة أداء حكومة روحاني الاقتصادية والاجتماعية وقال إن إيران دولة غنية وثرواتها تكفي لحل مشكلاتها. وحذّر رئيسي، المرشح القوي للتيار المحافظ والمقرب من علي خامنئي الذي يشتهر بعضويته في “لجنة الموت” الرباعية التي أعدمت آلاف السجناء السياسيين في عام 1988، من أزمات اجتماعية، مشيرا إلى أن هناك 16 مليوناً يسكنون العشوائيات، وأن عدد هؤلاء في عام 2013 لدى وصول روحاني للسلطة كان 11 مليون نسمة فقط. وقال رئيسي -الذي يتولى ثلاثة مناصب عليا، هي عضويته في مجلس الخبراء، ونائب عام بمحكمة رجال الدين الخاصة، و”سادن ضريح الإمام الرضا في مشهد”-: إن هناك بطالة واسعة لدى الشباب، ولا يمكن لمواطن أن يعيش بدخل 455 ألف تومان “نحو 13 دولاراً” شهرياً، مبيناً أن السنوات الأخيرة شهدت ازدياد الشرخ الطبقي بين شرائح المجتمع الإيراني، مشدداً على ضرورة تدخل الحكومة في هذه القضية للقضاء على الفرق الطبقي، وحذّر من “أزمات اجتماعية تتبع ذلك”، على حد تعبيره. ودافع حسن روحاني، مرشح التيار المعتدل والإصلاحيين، خلال المناظرة، عن أداء حكومته خلال السنوات الأربع الماضية، موجها انتقادات شديدة لأداء المرشح قاليباف في إدارة بلدية طهران، وأنه قد منح التراخيص للأغنياء لبناء ناطحات السحاب.