مصطلح آثار ضحكي، لكنه يبدو حقيقة في عدد من الإدارات والمؤسسات، فهو يشير إلى ذلك الموظف ضعيف الشخصية عديم الثقة في النفس، صاحب العلاقة الخاصة مع مديره ويحظى بمكانة مهمة لديه، فعمله يتضمّن - إضافة الى طبيعة وظيفته - نقل ما يحدث في أروقة الأقسام والإدارات، وما يدور بين الموظفين الآخرين من أحاديث، وخاصة ما يقولونه خلف ظهر المدير وفي غيابه، ورأيهم في شخصه وسلوكه وأدائه الإداري، فوظيفته الأهم الولاء التام لمديره وعدم التواني عن الوشاية بزملائه، وتحديد بعض الموظفين «المُشاغبين» وتحذيره منهم، وبالتالي استهدافهم وتهميشهم وتنغيص حياتهم الوظيفية، وتصنيف باقي الموظفين إلى فئات ودرجات بحسْب مدى ولائهم للمدير وحرصهم على تنفيذ كلّ رغباته، بغض النظر عن كونها نظامية أو غير نظامية، أخلاقية أو غير أخلاقية، رسمية كتابية أو شفهية خفية!. وقد يتحمّس الموظف «العصفورة» في عمله الوضيع ويحاول التغلغل في صفوف الموظفين، فيمثّل أنه يشاركهم همومهم الوظيفية وأسرارهم واستياءهم من سلوك المدير أو طريقة إدارته، ليشعروا بالأمان ويستدرجهم لإخراج مكنون صدورهم، فكلّما «غرّد» للمدير بتفاصيل وأسرار أكثر، حظي باستحسانه ورضاه، واقترب من أهدافه الوظيفية غير المُستحقة، بل يعمد «العصفورة» أحيانًا إلى استغلال مكانته وموقعه ليصفّي حسابه مع هذا الموظف أو ذاك، فيغتابه ويبهته عند مديره، ويقول عنه الأكاذيب، ويشوّه صورته لدى الإدارة، فالبيئة الإدارية الفاسدة في عدد من المؤسسات ترعى مثل هذا السلوك القبيح، وتشجّع على مثل هذه التصرفات غير الأخلاقية. من المناسب في هذا المقام التذكير بالآية الكريمة: (يا أيّها الذينَ آمنوا إنْ جَاءكُم فاسِقٌ بِنبأٍ فتبيّنوا أن تُصيبوا قَومًا بجَهالةٍ فتُصبِحُوا عَلى ما فَعلتُم نادمِين)، كما أرى أن غياب أنظمة تُقيّم الموظف والمدير معًا بحسْب معايير مهْنية واضحة وشفافة وعادلة دون شخصنة أو محسوبية، من أهم أسباب انتشار شخصية «عصفورة المدير»، وأنه من غير تشجيع المدير للشخصيات البهلوانية المُراوغة المضطربة، ما تجرّأ أحد على انتهاج هذا السلوك المشين، إذ لولا «تطبيل» المدير، ما «رقص» العصفور!. [email protected]