اتفق مسئولون ومتخصصون في ورشة العمل التي كانت بعنوان " سد الفجوة بين التعليم العالي وسوق العمل " في مجلس الغرف السعودية في الرياض، على أهمية ربط وتنسيق ما بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل . أكَّد السفير الألماني لدى المملكة السيد ديتر هالر، أنَّ ألمانيا الاتحادية تتطلع للمساهمة في تحقيق "رؤية المملكة 2030" التي عدَّها - بحسب تعبيره - مشروعاً طموحاً جداً. وقال السيد هالر، إنَّ المملكة والاتحاد الأوروبي تواجهان نفس تحديات بإعادة تشكيل الاقتصاد، وبخاصة الاقتصاد الألماني، مشيراً إلى أنَّه حاليا نعيش مرحلة إنتاج جيدة تتمثَّل في عصر الرقمنة في مجالات عديدة ومنها الصناعات. ولفت السيد هالر، إلى أنَّ المشهد العالمي يتغير، مع تواجد التحديات، لذا لا بدَّ من إعادة فهم الابتكار والتجديد، مستشهداً برؤية المملكة 2030 من خلال عزم المملكة على التقليل من الاعتماد على النفط وخلق توازن بين القطاعين العام والخاص. وقال السفير الألماني لدى المملكة، إنَّ رسالتنا المهمة يجب أن تركِّز على الإنسان والموارد البشرية من خلال تطوير الأيدي العاملة، والاهتمام بتطوير المهارات والكفاءة الاجتماعية، وتطوير استخدام الشبكة العنكبوتية، والعمل كمجموعات. ومن جانب آخر أكَّد نواف الدعيجي نائب المدير العام لدعم التوظيف في صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف"، أنَّ رؤية المملكة 2030 تعتمد على أن يقود اقتصاد المملكة القطاع الخاص وأن يتم التقليل من الاعتماد على الدعم الحكومي، لافتاً إلى أنَّ التركيز في المستقبل سيكون على الصناعات بشكل أساسي. وأشار الدعيجي، إلى وجود فكرة خصخصة كثير من القطاعات الحكومية بحلول 2030 كقطاع التعليم، والصحة، والمياه والكهرباء؛ وهذا يعتبر من أولويات الاقتصاد السعودي حالياً. وحث الدعيجي في أثناء حديثه في ورشة العمل، الخريجين على التوجه لمؤسسات التدريب التقني بدلاً من الجامعات، وذلك بسبب عدم وجود توازن بين الطلب والعرض في سوق العمل، مضيفاً أن هناك فائضاً في بعض التخصصات كالجيولوجيا والكيمياء والفيزياء والعلوم الإنسانية، وهناك احتياج كبير في سوق العمل للأطباء والمهندسين والتمريض والمحاسبة، وهي من متطلبات رؤية 2030. وأفاد الدعيجي بأنَّ سوق العمل السعودي لديه أيدٍ عاملة رخيصة من الأجانب على حساب السعوديين، لذا نريد أن نخلق توازناً من خلال الإحلال دون زيادة التكلفة على القطاع الخاص إضافة إلى ما يعانيه الخريج في الجامعات من قلة المهارات والخبرة الكافية للحصول على المنصب. وقال رئيس شركة علاقات، الشركة المنظمة لورشة العمل، المهندس أسامة الكردي، إنَّ موضوع فجوة التعليم ومخرجات سوق العمل، موضوع قديم استغرق عدة عقود مع بدء مشروع السعودة؛ لذا نعتقد أنه حان الوقت للاستفادة بشكل أكبر من الخبرات الدولية. وأشار كردي، إلى أنَّ قطاع التعليم في المملكة خلال العقد الأخير تطور بشكل كبير جداً، وكان الحيز الأكبر فيه للكمِّ في السابق. أما في الوقت الحالي، فيجب التركيز على الكيف والنوع بما يخدم توجه رؤية المملكة 2030، وبخاصة في قطاع التعليم بحيث تكون لدينا 5 جامعات سعودية من أفضل 200 جامعة في العالم. وفي شأن متصل، أكدت الرئيس التنفيذي والمؤسس لمجموعة الاستشارات الإدارية والدراسات الاستراتيجية الدكتورة نوف الغامدي، أنَّ نسبة البطالة لدى النساء في المملكة وصلت إلى 33 في المئة، إذ إنَّ20% من الصناديق الاستثمارية تعود مساهمتها للنساء، وهناك أكثر من 43 ألف سجل تجاري في مختلف مناطق المملكة مسجل باسم سيدات الأعمال، وهذا لا يتناسب مع ظروف النساء في سوق العمل وحجم نسبة البطالة المرتفعة. ولفتت الدكتورة الغامدي، إلى وجود عديد من الإشكاليات والتحديات في سوق العمل، من أبرزها متطلبات القطاع الخاص لسنوات الخبرة، في حين كفاءة حديثي التخرج تكون قليلة، ومعيار إجادة اللغة الإنجليزية، ومعيار إجادة الحاسب الآلي، وإجادة مهارات التخاطب، مطالبةً وزارة العمل بالتنسيق مع التعليم العالي للخروج بإطار تنظيمي لردم الفجوة ما بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل. وأوضح السيد جايدون ويندكر، ممثل مؤسسة كونراد أديناور في منطقة الخليج، أن هناك عدم توازن بين مخرجات الجامعات واحتياجات سوق العمل بالعالم وليس في المملكة فقط، مشيراً إلى أهمية تحرك الحكومات لتغيير النظام التعليمي من خلال الاعتماد على رفع مهارات التواصل. وأضاف الدكتور جايدون، أن القدرة على التكيف مع العمل والمعرفة، هو المستقبل؛ لذا فإن الإنتاجية عالم بالسوق العالمي، وليس بالسوق الوطني. وأشارت الدكتورة إيزابيل ويلبي، المدير الأكاديمي لمعهد ولاية بافاريا العالي للبحوث التربوية والتخطيط(IHF) إلى أهمية ردم الفجوة ما بين التعليم وسوق العمل، وخصوصاً مع التحولات الاقتصادية التي توفر فرصة للشباب. وطالبت الدكتورة ويلبي، المؤسسات التابعة للقطاع الخاص بالتحول والتوجه لتعزيز مهارات التواصل والربط التوافقي مع مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل. وأوضحت الدكتورة أنيت نيديرفرانك، وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية الألمانية (سابقاً) وممثلة ألمانيا لدى منظمة العمل الدولية (ILO) أهمية موضوع ردم الفجوة ما بين التعليم العالي وسوق العمل، وتطوير البحث العلمي للاستفادة من أكبر الفرص الاستثمارية، مشيرة إلى "أن أغلبية الألمان لديهم مؤهلات مقبولة، وأن 90 % من خريجي الجامعات يحصلون على عمل"، وهذا يعتبر حلاً للتحديات التي تواجه الاقتصاد الألماني.