«الهمومُ بقدرِ الهمَمِ». من الظواهر المتكرِّرة في بعض مدننا الكبرى، الاعتداء على أراضي المرافق العامَّة «الممتلكات العامَّة»، والاستيلاء عليها، وتغيير معالمها، سواء كان ذلك في غفلة من الجهات ذات الاختصاص، وفي بعض الأحيان تحت بصرها، ولكن تغضُّ الطرفَ عن هكذا اعتداءات؛ لأسباب لا نعلمُها، ولا ندَّعي الجهل بها، ففي تحقيقات صحفيَّة يصعب حصرها، قرأنا عن الاعتداء على شوارع، ومسابل، وضمّها للملكيَّات الخاصَّة، واستغلالها، بل والانتفاع بعوائدها الماليَّة المجزية، لا.. بل إن حدائقَ لم تسلم من الاعتداء، وطُبِّقت عليها منح، وواصل المعتدون الإثراء الفاحش عن طريق ما لا يملكون أصلاً، أيّ أنَّهم -كما يقول المثل الشعبي الدارج- «لم تحفَ أقدامهم فيها، ولم يضربوا فيها بمسحاة»، أيّ لم تتبلور قطرات العرق على جباههم؛ نتيجة الكدح المضني!! وسبق أنْ تناولنا في هذا المقام نماذجَ لقضايا بالاعتداء، والاستيلاء على أراضٍ ومساحاتٍ معتبرة من الشوارع، وكان مثالنا الدائم غياب حديقة برمَّتها «فص ملح وذاب»! في تقاطع طريق المدينة مع شارع قريش، جنوب محكمة التنفيذ حاليًّا، فقد كانت هناك حديقة غنَّاء، باسقة الأشجار تحتل الزاوية الذهبيَّة، قبل عشر سنوات خلون، وبقدرة قادر، وبين عشية وضحاها دبغت الأرض الخضراء بالملح؛ تمهيدًا لتحويلها من حديقة إلى ملكيَّة خاصَّة، يعني طُبِّقت عليها منحة، وكتبنا عن هذا الأمر يومئذٍ وناشدنا من هذا المنبر جهة الاختصاص تنويرنا، ولكن لا حسَّ ولا خبر، فالأرض جنوب المحكمة، لا بل ومبنى المحكمة بذاته يقع بحسب المخطط على أرض مرافق عامَّة!! ولعلَّ موضوع السوق الشعبي في شمال جدة الذي اكتشفت أمانة جدَّة مؤخَّرًا، أن المستثمر استولى على شارعين في داخل هذا السوق، واستغلهما أبشع استغلال، وأن الأمانة تطالب بمبلغ (547) مليون ريال إيجار فترة التعدِّي التي تجاوزت الثلاثين عامًا على اعتبار أن رسم الايجار السنوي للمتر (10) آلاف ريال، ويؤمَّل أن تقوم أمانة مدينة جدَّة بمراجعة موضوع المرافق العامَّة، التي أصحبت ملكيَّات خاصَّة في بعض الأماكن، ومطالبة الممنوحين، وربما المعتدين بدفع تكاليف التعدِّي بنفس الطريقة التي ستطبَّق في السوق الشعبي، وهناك في ذات المنطقة وخلف المحكمة شارع عامر بن زيد/31 الذي عرضه في المخطط العام، والصكوك 20 مترًا، ولكن في أرض الواقع لا يتجاوز 12 مترًا، فهناك 8 أمتار تمَّ ضمّها لملكيَّة خاصَّة من أمدٍ ليس بالبعيد، نأمل أن تقوم جهات الرقابة، و»نزاهة» بمراجعة ملف الاعتداء على المرافق العامَّة، وإعادة الأمور إلى نصابها.. والله المستعان. * ضوء: (تعلَّم مِن أخطاءِ الآخرِينَ). [email protected]