مساء ليلة الثلاثاء الماضي 23/5/2016م كان مساءً استثنائيًا بكل المقاييس، تمنيتُ أن تكون كل جدة موجودة لتعيش ذلك الأداء المتميِّز وتسمع من صُنَّاع النجاح القصة، رواية القصص التي أوصلتهم إلى ذلك المستوى المتميز، والتميز الثاني كان مستوى الإنجازات الذي تحقَّق على أيدي طالبات سعوديات متميزات اخترن أن يدرسن في جامعة دار الحكمة بدلًا عن الجامعات الأخرى، أو جامعات شهيرة خارج الوطن، لأنهن كن متفوقات ومؤهلات لذلك حسب شروط برنامج الملك عبدالله -طيب الله ثراه، وأسكنه جنات النعيم- للابتعاث الخارجي، زفّت الجامعة للوطن في تلك الليلة الوطنية بامتياز ثلاثمائة طالبة من طالبات البكالوريوس والماجستير.. وقد كان لي شرف أن أكون أحد الآباء الذين تشرَّفوا بحضور تخرُّج بناتهم في تخصصات نادرة تعود على الطالبات وعلى المجتمع والوطن بالنفع العميم بإذن الله تعالى. والتميُّز الثالث الذي تُشكر عليه وزارة التعليم التي دعمت أهالي الطالبات والجامعة عندما أقرَّت دفع رسوم الدراسة لكل طالبة مستحقة، وفي ذلك بُعد نظر لأنه وفَّر على خزينة الدولة ملايين الدولارات من تكاليف الابتعاث الخارجي، وللأهالي، الذين يقلقهم ابتعاد بناتهم في سن مبكرة عن البيت والرعاية الأسرية، وراحة البال والاطمئنان، وأصبح الكل رابح WIN/WIN. وخاتم التميُّز قدرة إدارة الجامعة في تكييف برامجها لتُحافظ على الثوابت وتواكب المستجدات التي تحتاج لأجيالٍ قوية لمواجهة تحديات المستقبل، ولم يفُت على الإدارة أيضًا أهمية التوسع حيث تملَّكت قصرًا كبيرًا في الجهة الأخرى من الشارع، ووضعت رؤيتها المستقبلية في أُفق بعيد المدى، يستوعب ويُخرِّج الآلاف من الطالبات سنويًا، كما أن وجود جامعة دار الحكمة بجوار جامعة المؤسس فيه تحدٍ أكاديمي واجتماعي بين القطاعين العام والخاص، ولكنها مُكمّلة لبعضها في كل الاتجاهات، والحصان السابق؛ ينال الجوائز الكبرى وسبق التفوُّق، وبصفة الجامعة أهلية، من المهم الاستمرار في دعمها لكي تستمر في ريادتها، وتصبح رافدًا مهمًا للتطور والتنمية الاجتماعية، وما شاهدته مع مَن حضر في تلك الأمسية البهيجة يُبشِّر بالخير، ويعد بمستقبل زاهر للجامعة وطالباتها. ولا يفوتني أن أُبارك بصفةٍ خاصة لطالبة ابتكرت قفازاً لذوي الاحتياجات الخاصة -الصم والبكم- يساعدهم على إيصال رسائلهم للمتلقِّي بطريقة حديثة تعتمد على التقنية الرقمية، وهذا البرنامج غير مسبوق، ويعد اختراقًا وتفوُّقًا عالميًا تفخر به الطالبة والجامعة والوطن لما له من بُعد إنساني عميق، هذا بالإضافة إلى نيل طالبات القانون لجائزة «محمد آل مكتوم» في مسابقة المحاكمة الصورية التي أقيمت في دبي. كل هذا وغيره من الذي يحصل بين أسوار ذلك الصرح الحديث لم يكن ممكنًا بدون رؤية مجلس الأمناء، وتفاني الإدارة التنفيذية وهيئة التدريس الفخورة بإنجازاتها، والآباء والأمهات الذين منحوا الجامعة ثقتهم. إن جامعة دار الحكمة أصبحت واقعًا ملموسًا تشارك في التنمية، وتعد أجيال الغد لتحقيق طموحات رؤية التحوُّل التي أعلن عنها سمو ولي ولي العهد محمد بن سلمان، وقد حظيت باهتمامٍ واسع، محلي وعالمي، ويبقى نجاحها مرهونًا بما يُقدِّمه الجيل من الجنسين لتحقيق تلك الرؤية 2030 الطموحة، وقد كان الحفل مليئًا بالمظاهر الدينية العريقة في مجتمعنا، بداية بتلاوة القرآن وتكريم الحافظات لكتاب الله، ورسالة المديرة القرشي للطالبات (بر الوالدين، والحفاظ على الصلاة، ومقاومة الرغبات) والتسامح الديني كان حاضرًا في أجلّ صوَره. ألف مبروك لجامعة دار الحكمة الفتية بكل هيئتها الإدارية ومجلس أمنائها، ولابنتي «تالة» وكل زميلاتها الخريجات في هذا العام. إن التقاليد العلمية والأكاديمية تُبنى وتتجذر وتكبر بالصبر والمثابرة والإصرار والأمانة، وما شاهدناه في ليلة التخرج في جامعة دار الحكمة يدل على أن الجامعة تسير على الطريق الصحيح، وأن مجال التفوق مفتوحٌ لتحقيق إنجازات عظيمة بإذن الله تعالى. [email protected]