قبل عام أو أقل تداولت الصحف أخباراً مؤكدة عن العزم في السماح لشركات التجزئة العالمية بدخول السوق السعودي دعماً للمنافسة وفتحاً لمزيد من فرص توظيف الأيدي الوطنية الراغبة الباحثة عن عمل. وكان 1 يناير الماضي موعداً مضروباً لانطلاقة هذه النقلة النوعية التي ستحطم بعض قلاع الاحتكار الحالية. ويؤكد كثير من خبراء الاقتصاد أن ثمة احتكاراً خفياً غير ملحوظ في معظم المنتجات التموينية تحديداً، والتي هي من صلب اهتمامات المواطن. والدليل بقاء الأسعار مرتفعة بل وفي تزايد أحياناً، مع أن العالم يشهد بصفة عامة انخفاضاً في أسعار التجزئة (مرتبط طبعاً بانخفاض أسعار الجملة بنسبة تقارب 20% في كثير من الدراسات الحديثة.) ولذا استبشر الناس بفتح الأبواب أمام عمالقة تجارة التجزئة العالمية، لكن يبدو أن القرار قد عُلّق أو أن الإجراءات تباطأت والشروط تعقدت وتكاثرت (وفي رواية توالدت)، فنحن في النهاية عباقرة في وضع العراقيل أمام القادم الأجنبي. إن من الحكمة ألا تطول مدة الانتظار فهي أولاً تؤثر في الصورة الذهنية التي تنطبع في عقلية المستثمر الأجنبي أياً كان! نصيحة أخرى هي عدم الإعلان عن أخبار اقتصادية سارة مفرحة إلا ونحن جاهزون مليون في المائة. أما إطلاق بالونة الخبر، ثم استغراق أوقات طويلة في المراجعة والدراسة ووضع التنظيمات والآليات والشروط والمواصفات، فلا أحسبه مناسباً. لا بد أن يصاحب القرارات الهامة عوامل نجاح أساسية مثل المرونة والسرعة وتغليب المصلحة الكبرى على المصالح الصغرى. ربما تضمنت رؤية 2030 كل هذه العوامل إجمالاً، لكن لا ريب أن تفعيلها وإعطاءها أولوية قصوى ضرورة كبرى إن أردنا فعلاً نجاحاً حقيقياً للرؤية في صورتها الشاملة، ولبرامج خطة التحول الوطني. خذوا مثلاً إعلان قرار السماح لخطوط خليجية ومحلية بدخول سوق النقل الجوي الداخلي السعودي منذ أكثر من عامين. ولا يزال التنفيذ حتى هذه اللحظة في حكم المجهول، فلمَ كل هذا التردد الذي لا يعطي انطباعاً حسناً للمستثمر القادم من وراء الحدود؟! وعسى أن يشمل التحول الوطني آليات صنع القرار، بما ذلك الالتزام بالمواعيد والإسراع في التنفيذ. [email protected]