د.صلاح بن فهد الشلهوب الاقتصادية - السعودية المتابع لسوق الأسهم في المملكة يتعجب من نشاط السوق غير المتوازن، فبعد أن تم الإعلان عن السماح للمستثمر الأجنبي بالاستثمار في السوق السعودي تفاعل بعض المستثمرين مع هذا الخبر ليصل المؤشر من مستويات دون سبعة آلاف إلى ما يزيد على عشرة آلاف، وذلك دون الأخذ في الاعتبار أي أمور جوهرية تتعلق بأداء الأسهم، بالرغم من أن سوق الأسهم في الأساس وصل في السابق إلى مستويات متدنية فيها فرص كبيرة للمستثمر وبمستويات جيدة لمن يرغب في الاستثمار في أسهم العوائد، ولكن الملاحظ اليوم أن موجة الخسائر لم تستثن قطاعا أو شركة إلا القليل، بالرغم من التفاوت الواضح في الأداء بين الأسهم وكأنها في واقع الحال قطاع واحد تتأثر جميعها بالعوامل ذاتها التي تؤثر في الأخرى. لعله من قراءة لبعض الأسباب التي يمكن أن تؤثر في السوق فالأبرز هي حالة سوق النفط اليوم الذي أصبح يلامس ستين دولارا، بعد أن كان يبلغ مائة دولار وبهذا فقد ما يقارب 40 في المائة من السعر السابق والرؤية المستقبلية للأسعار ليست واضحة ولكن مثل هذا العامل قد يؤثر بصورة واضحة في قطاع البتروكيماويات وبعض القطاعات الأخرى التي تتأثر بأسعار النفط، سواء كانت صناعية أو خدمية، ولكن من المعلوم أن هناك قطاعات أخرى كثيرة تتأثر إيجابا بالمتغيرات في أسعار النفط، فانخفاض أسعار النفط يخفض من تكلفة إنتاج السلع وبالتالي سوف تنخفض تكلفة كثير من المنتجات مما سيزيد في تنافسيتها وعرضها بأسعار جيدة للمستهلكين وقد يؤدي ذلك إلى أن تتحسن أرباح تلك القطاعات إذا استمر الانخفاض في الأسعار لوقت أطول. كما أن هناك عوامل داخلية وخارجية قد تؤثر بصورة إيجابية في السوق، فمن ذلك قرار السماح بالاستثمار المباشر للمستثمرين الأجانب، فهو وإن لم يكن قرارا يفترض أن يؤثر في السوق باعتبار أنه لا يؤثر بصورة مباشرة في أداء معظم الشركات، لكن قد يكون له أثر إيجابي في تدفق سيولة جديدة للسوق وتحسن في أداء بعض الشركات على المدى البعيد، وما يجري في السوق حاليا أجهض كل المكاسب التي حققها السوق المالي بعد إعلان قرار موافقة مجلس الوزراء على السماح للمستثمرين الأجانب بالدخول في السوق المالي السعودي، وحقق فرصا للمستثمرين الأجانب للحصول على الأسهم بأسعار متدنية جدا، علما بأن الرهان في تدفق السيولة من المستثمرين الأجانب هو أن السوق السعودي قد يكون تقييمه أقل مما يستحق بسبب أنه لم ينكشف على المستثمرين العالميين أو الأجانب عموما فقد تكون أسعار الأسهم به أقل من متوسطات الأسعار العالمية، وليس لأنه فقط بسبب الفتح المباشر للاستثمار المباشر للمستثمر الأجنبي، ومن هنا فإنه في حال فتح السوق للأجانب سوف يتبين أن بعض الأسهم قطعا تباع بأقل من قيمتها المستحقة، في حين أن أسهما أخرى تباع بسعر أعلى من قيمتها المستحقة، حيث ستكون كثير من الأسهم محل اهتمام مجموعة من كبار الشركات المهتمة بتقييم السعر العادل للأسهم. من العوامل الخارجية التي يمكن أن تؤثر إيجابا في السوق الارتفاع الكبير في أسعار الدولار خلال الفترة الماضية مقابل السلع والعملات، وهذا يعد من أقوى المحفزات لقطاع التجزئة لتحقيق عوائد جيدة، فالسلع التي تباع بغير الدولار سوف تحصل عليها الشركات بأسعار أقل من ذي قبل وهذا ما يجعل احتمال زيادة مبيعاتها وأرباحها واردا بصورة كبيرة، وبالتالي سيكون لذلك أثر في السوق. قد يكون لدى البعض قلق من جهة أن هذه التقلبات سوف تؤثر في الإنفاق الحكومي، وبالتالي سوف ينعكس على الاقتصاد المحلي بصورة عامة، وهذا تبرير لا يمكن أن نتجاهله خصوصا أن العالم لم يكن يتوقع هذا الانخفاض، ولكن من الجهة الأخرى نحن نعلم أن دول الخليج والمملكة بصورة خاصة استثمرت هذه الأموال بما يشجع مستقبلا على تدفق الأموال والاستثمارات لها، وكثير من هذه المشاريع أصبح في مرحلة متقدمة، كما أن لديها فوائض جيدة يمكن الاستفادة منها في مرحلة الانخفاض للأسعار، إضافة إلى أنها غالبا تضع أسعارا متحفظة للنفط لموازنة إنفاقها، كما أن التذبذب الحالي لا يمكن التسليم بأنه سوف يستمر لمدة طويلة فمؤشرات تحسن الاقتصاد الأمريكي، وتضاؤل فرص مزيد من الاستثمارات في بدائل النفط سوف يشجعان استقرار الأسعار عند مستويات جيدة، ولا يعتقد أن دول "أوبك" سوف تنظر للأمر دون اهتمام في حال استمر الانخفاض في الأسعار. فالخلاصة أن الانخفاض الملحوظ لأسعار الأسهم بصورة شاملة يعيدنا إلى مسألة أهمية الوعي، إذ إن المتغيرات الاقتصادية التي قد تؤثر سلبا في بعض الأسهم قد يكون لها أثر إيجابي في شركات مساهمة أخرى، والانخفاض بهذه الصورة يدل على أن قرارات البيع والشراء في السوق لا تحكمها أسس استثمارية صحيحة، كما أن هذا الانخفاض أجهض مكاسب الفترة الماضية عندما صدر القرار بالسماح للمستثمرين الأجانب للاستثمار بصورة مباشرة في السوق.